ـ مخيمات النازحين.. لا خصوصية ولا كهرباء ولا رعاية صحية..الاستغلال الجنسى مقابل لقمة العيش والجريمة طى الكتمان
ـ سيدات وأطفال تعرضوا لانتهاكات جنسية..إدارة المخيمات: كثيرات تعرضن لاعتداءات جنسية بالمخيمات ويفضلن الصمت..الحرب خلّفت 5 ملايين نازح خلال 3 سنوات بينهم 2 مليون و800 ألف طفل ..و10% من الأسر النازحة تعولها سيدات
ـ ثلث النازحين أطفال.. وزارة حقوق الإنسان: 462 ألف طفل يمنى يعانون أمراض سوء التغذية
ـ نازحة من صنعاء: هربت بطفلى الرضيع بعد أن قُتل زوجى
ـ معاناة الأطفال فى زمن الحرب..جوع ومرض وانتهاكات جنسية
ـ الطفل أيمن: «نفسى فى جزمة» ..الطفلة سلمى: "نفسى أرجع للمدرسة"..الطفلة «سهام»: أبيع الحلوى لأساعد أمى
ـ كفيف من صنعاء: الحوثى عذب المعاقين بمركز "النور".. والحاجة ملكة:هربنا متنكرين
ـ ناجون من الأسر يروون ليالى عذاباتهم بأنفاق صنعاء المظلمة..أحد الفارين من السجون : «الناس ماتت من التعذيب ونهش الكلاب»..التعليق ونزع الأظافر والسلخ أبرز طرق التعذيب
مخيمات النازحين
لا تبعد مأرب عن صنعاء سوى بمسافة 173 كيلومترا فقط، وتضم 14 مديرية، الوصول إليها كان أمرا بالغ الصعوبة، حيث لم يتم فتح المطار المدنى حتى الآن، وتستقبل مأرب على أرضها 562 ألف نازح فى 4 مخيمات، أكبرها "الميل" و"جو النسيم".
تعد "مأرب" المصدر الرئيسى لحقول الغاز فى اليمن، بجانب حقول النفط أيضا، ويصل عدد سكانها إلى 2 مليون نسمة، طبقا لبيانات المحافظة. قصدنا مخيمات النازحين، وهناك استمعنا إلى الكثير ممن عاشوا مآسى انتهت بهم إلى ترك منازلهم وأعمالهم،والهجرة قسريا بسبب الحرب، وبدلا من بيوت كانت تضمهم، صاروا قاطنين لمخيمات ينتظرهم فيها المجهول.
مخيمات الميل على حدود صنعاء
بمجرد وصولنا إلى مخيمات الميل، على حدود "مأرب" مع صنعاء، سارع إلينا الأطفال والتفوا حولنا، فهم يتطلعون إلى ما قد يحمله القادم إليهم من أمل أو إغاثة تخفف الواقع الأليم.
المخيم عبارة عن خيام متراصة لا يفصل بينها سوى بضعة سنتيمترات، أبوابها عبارة عن أكياس بلاستيكية، وبعض الأسر وضعوا قطعا من الأقمشة لعلها تستر القليل من حياتهم الخاصة، وتجد قليلا من المخيمات عبارة عن غرف أسمنتية صغيرة، أو أحجار.
وأكد لنا قاطنو المخيمات أن منظمات الإغاثة غير متواجدة، وما يصلهم من مساعدات غذائية، لا يكفى احتياجاتهم، خاصة أن أعدادهم فى تزايد بشكل مستمر منذ اشتعال الحرب، وطبقا لإحصائيات مركز "سلمان للأعمال الإنسانية" فلم يتجاوز حجم تلك المساعدات للنازحين خلال الفترة من 2015 إلى 2018 حوالى 46274 طن مواد غذائية تم نقلها بريا، و549 طنا جوا.
الهارات من جحيم الحوثيين..قصص ومآسى
سيدات تعرضن للتحرش..طى الكتمان!
المرأة اليمنية تتحمل الكثير بكل الميادين، وجدناها فى المستشفى تعالج المرضى، وأيضا على الجبهات تسعف الجرحى، وناشطة حقوقية وأم الشهيد، وهى فى المخيمات تعول أكثر من 10% من الأسر رغم تأزم المعيشة.
تحدثت إلينا السيدة «ك. ع» القادمة من محافظة ذمار، بعد أن استحلفتنى كثيرا بألا أنشر اسمها، قائلة بلغتها: «لا تودرينا يا أستاذة»، وواصلت: «أنا أم فى الثلاثينيات من عمرى، وعندى طفلان، وزوجى متوفى.. المساعدات اللى بتيجى هنا مش بتكفينا، أضطر للبحث عن أى لقمة عيش تسد قوت يومنا عشان العيال ما تموتش من الجوع، وخلال ذلك أتعرض للتحرش نظير بس لقمة عيش حاف، وبسكت عشان مقدرش أتكلم، أخاف أتفضح وسط الناس وكتير ستات زيى كده، كل اللى بعمله أنى أحاول أدور على شوف مصدر رزق غيره ونفس المعاناة بتتكرر كل يوم.. وفيه أيام تعدى علينا من غير ماناكل لقمة".
أرشدتنى تلك السيدة إلى مخيم آخر به نازحة من الحديدة تعول طفلين توأم معاقين، فى البداية سألتها عما أتى بها إلى هنا، فردت: «الألغام والجوع، إذا نزلت الشوارع الحوثة ممكن يقبضوا عليك من غير سبب، والمعيشة صعبة.. أسعار البترول خلت المواصلات شحت، سعر أنبوبة البوتاجاز وصل 8000 ريال، فبقينا نجمع بواقى البلاستيك ونولعها بالنار بدل الأنابيب، ومفيش كهربا، والأدوية للى معه فلوس بس، والناس اللى مش معها بنشوفها تموت، الحال فى الحديدة وجع وتعب و موت».
وتستكمل: «ولاد الحلال سلفونى تمن أجرة عربية وهربت، أنام فى الخيمة وأنا خايفة، مفيش باب أقفله عليا، ولا حيطان تحمينى، أحيانا ألاقى رجالة تبص عليا من ثقوب المخيم وأنا مش واخدة بالى، وعشان أدخل الحمام لازم واحد من العيال يحرسنى، لما بنزل أدور على حد يساعدنى ماديا بلاقى رجالة تتحرش أحيانا بيا ويستغلوا حوجتى، جسمى بقى مطمع، ومش بقدر أتكلم.. بتاكلنى الحسرة على شرفى وكرامتى».
داخل مخيمات جو النسيم وجدناها بجوار خيمتها تجلس وحيدة، بادرتنا: «الحوثى لاحق زوجى فهرب و لا أعرف مكانه، بعدها تعرضنا للضرب"، إنها سميرة محمد وهى أم لثلاثة أولاد ، نزحت من صنعاء، فتقول: "تعبنا فى صنعاء، كمان ما نحصلش الغاز، ونعتمد على الحطب والورق. وتابعت: هنا أيضا الحياة صعبة فى المخيمات، مش لاقيين قوت يومنا و مفيش منظمات إغاثة بتيجى والمساعدات قليلة جدا، وكتير ننام على الحصى «لحم البطن»، فبضطر أدور على مصدر رزق وخلال بحثى أتعرض للانتهاكات جنسية من الرجال ..للأسف محدش بيرحمنا".
مخيم من الداخل
معاناة أطفال المخيمات..انتهاكات جنسية وجوع!
الأطفال هم من يدفعون النصيب الأكبر من فاتورة الحروب ونتائجها، وفى مقدمتها كارثة النزوح، وهم يمثلون ثلث النازحين فى اليمن، فهم يفقدون حلمهم بالتعليم والمستقبل، كما أنهم الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
عدد من الأطفال تحدثوا لنا عن تعرضهم لانتهاكات جنسية مختلفة، وبداخل أحد المخيمات التقينا طفلة، طلبت عدم ذكر اسمها، تبلغ من العمر 14 سنة، تحدثت عما تتعرض له داخل المخيم، قائلة: «بنتعرض لمضايقات خصوصا لما الليل يخش ومفيش إنارة، مرة واحد من الشباب حاول يعمل معى الغلط ورا التل اللى هناك ده، حاول يمسكنى ويعرينى بالعافية، فصرخت وجريت بس خفت أقول لأمى، وأبويا متوفى، وفيه عيال غيرى بيحصل معهم كده وبيسكتوا برضه، عشان مالناش باب يتقفل علينا».
وفى أحد المخيمات التقينا الطفلة سهام محمد، عمرها 11 عاما، تقف فى دكانة صغيرة تضم علبا بسيطة من الحلوى، تحكى سهام لنا الظروف التى دفعتهم للنزوح، قائلة: «الحوثيون طردونا من بيوتنا، وكنت بالصف الخامس الابتدائى، وفرضوا 500 ريال فى الشهر على كل طالب، وإحنا مقدرناش ندفع فسبت المدرسة».
أحد الفارات من أماكن سيطرة الحوثيين
وبصوت خافت تواصل: «أبويا قتلوه الحوثة فى الحرب، وبعدها حبسوا أخويا، عنده 20 سنة، جيت هنا مع أخويا الصغير وأمى عشان لاحقونا..حتى أخويا خوفنا نزوره..أنا بشتغل عشان أساعد أمى ونجيب قوت يومنا.. بس نفسى أرجع المدرسة تانى».
الطفل "أيمن": نفسى فى جزمة
من مخيمات "الميل" إلى مخيمات "جو النسيم"، المكان يتشابه كثيرا مع سابقه.. أثناء وجودنا فى مخيم جو النسيم اقترب منا طفل يدعى أيمن منعم، 6 سنوات، بادرنا بأسئلة لم أستطع التعليق عليها: «أنتم هتاخدونا من هنا؟ طيب أمتى هترجعونى بيتى..أنا سبت لعبى ولبسى هناك جنب الدولاب، مش معايا إلا شبشب ونفسى فى جزمة عشان الرملة هنا سخنة وبتلسعنى».
أما سلمى معاذ، فى الصف الخامس الابتدائى، تقول: «لى 6 أخوة جئنا هربا من الحرب.. توقفت عن الدراسة، وبحلم أرجع أدرس تانى»، فيما قال محمد ياسين، 7 سنوات: أتمنى العودة لمنزلنا مرة أخرى فى محافظة ذمار».
الأطفال فى مخيم الميل
يُعد النزوح والتشريد أحد أسوأ الانتهاكات التى خلفتها الحرب، وتأثرت بها فئات النساء والأطفال بشكل خاص، وهو ما يؤكده الدكتور محمد عسكر، وزير حقوق الإنسان اليمنى، مشيرا إلى ما يترتب على النزوح من مشكلات صحية، مثل أمراض سوء التغذية، التى يبلغ عدد الأطفال المصابين بها 462 ألف طفل، فضلا عن أنه غالبا ما يكون النزوح مصحوبا بجرائم وعنف، فمنهم من هرب من القتل أو الاعتقال أو الألغام.
ويشير الدكتور نجيب السعدى، الرئيس التنفيذى لإدارة مخيمات النازحين، إلى أنه منذ اندلاع الحرب خلال الفترة من 2015 حتى 2018 بلغ إجمالى النازحين فى اليمن 5 ملايين نسمة، مثّل عدد الأطفال النازحين منهم مليونان و800 ألف طفل، والنساء بلغن مليونا و150 ألف امرأة.
ويضيف السعدى: عاد مليون ونصف المليون من إجمالى من نزحوا، ليصبح أعداد النازحين اليمنيين الآن 3 ملايين ونصف المليون، منهم 3 ملايين بداخل اليمن، ونصف المليون خارجها، وعدد الأطفال النازحين الآن مليون و800 ألف، والسيدات 800 ألف، حيث يمثل الأطفال 55% من إجمالى النازحين، والنساء 23% من الإجمالى، بينما تعول المرأة 10% من الأسر النازحة، مبينا أن النازحين يتوزعون بأعداد كبيرة فى كل من مأرب «562 ألفا»، تليها عدن «435 ألفا»، ثم تعز «427 ألف نازح»، فيما يشير التحالف اليمنى لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، إلى أن المحافظات التى جاءت منها أغلبية النازحين هى صنعاء، والبيضاء، وتعز، وذمار، والحديدة، والجوف، والضالع.
انتهاكات جنسية
ويقول السعدى إن النزوح كارثة ترتب عليها العديد من الأزمات، منها فقدان الأسر للسكن الآدمى والآمن والصحى، وفقدان مصدر عيشهم مما يعرض الفئات الأضعف «النساء والأطفال» للكثير من الانتهاكات، وفى مقدمتها التحرش أو الاستغلال الجنسى مقابل لقمة العيش، خاصة أن النساء تعولن نسبة كبيرة من تلك الأسر.
ويضيف أنه تم توثيق بعض الحالات القليلة، رغم أن الانتهاكات ملازمة لعملية النزوح وتحدث بكثرة، لكن الغالبية تفضل الكتمان، لأن المجتمع اليمنى محافظ، وتغلب عليه ثقافة العيب، مبينا أن نصيب الأطفال من الضرر كبير، فهم لا ينالون فرصتهم من التعليم، بالإضافة للافتقار إلى الخدمات الصحية بأماكن النزوح، وهذا يخلّف مشاكل أيضا للمجتمعات المضيفة، لافتا إلى أنه من أزمات النزوح الأخرى نشاط الجماعات المسلحة داخل مجتمعات النزوح من أجل التجنيد، خاصة تجنيد الأطفال.نازحة تشكو ضيق ذات اليد واحتياج ابنها للعلاج
«سيدة» هربت برضيعها
قادنا صراخ رضيع، إلى مخيم آخر، حينما دخلنا وجدنا سيدة تفترش الأرض حاملة الرضيع على ذراعيها، سألتها كيف وصلت إلى المخيم، فقالت: «جينا هربا من جحيم صنعا.. الرحلة خدت 15 ساعة، فابنى تعب منى ودلوقت بين الحياة والموت، وأنا أصبت بالحمى».
تستكمل "سيدة" حديثها: «الحوثى قتلوا زوجى و احتجزوا جثته 3 شهور، ولما استلمتها منعونى أقيم عزاء.. لاحقونى وابنى كان هيموت من قلة اللبن».
كفيف ووالدته مشلولة هربا من بطش الحوثى
نساء تعولن أسرهن
لا تختلف قصة سيدة عن أمل التى مات زوجها فى سجون الحوثيين بعد أن ألقوا القبض عليه بينما كان يبحث عن مصدر رزق، ثم وجدت جثته ملقاة أمام باب المنزل وماتت والدته حسرة عليه.
فرت برضيعها وعمره أيام هاربة من طغيان الحوثى
قصص الأرامل والعائلات لأسرهن لا تنتهى، فالحاجة ناجية أم حسين عبدالنبى، الذى توفى وترك لها أطفاله الثلاثة، لا يجدون عائلا لهم سوى الجدة، تصف أزمتها، « جيت من صنعاء..أنا ست عجوز كيف أعول 3 عيال، ابنى مات بعد ما الحوثة خدوه من البيت، وماخدناش جثته و بعدها ضلوا يلاحقونا».
تواصل الحاجة ناجية: «زوجة ابنى ماتت بطلقة فى راسها بعد ما لاحقوها، ودلوقت ماليش حد يعينى على الحياة».نازحة تحكى ما فعله بها الحوثيون بعد أن قتلوا زوجها
فى مخيم آخر التقينا مع «زوجة رشيد»، هكذا أخبرتنا، بعد أن قالت إنها لا تذكر اسمها لأحد: «أنا نزحت من عام، لأن الحوثة طاردوا أخى، كان موظف بالجامعة، وزوجى ، مدرس، وحبسوا زوج أختى عاما ، فجينا هنا. شفنا فى ذمار الحوثى قتل واحد جارنا قدام ولاده وسحلوا جثته».
نازحة من صنعاء تشكو ما تعرضت له من ظلم
انتقلنا للحاجة ملكة ، الى نزحت إلى مخيم "جو النسيم" منذ عامين، فقالت: «طردونا من بيوتنا وهربنا متنكرين.أنا مريضة قلب وسكر وأعول بنتين وابنى عنده كهربا فى الدماغ ومش لاقى أدوية، وزوجى متوفى، ومحدش بيساعدنا».
أما الحاجة فزعة التى هربت من تعذيب الحوثيين، فتحدثت إلينا باكية: «تركنا بيوتنا كان عندى ولدين واحد راح يحارب على الجبهة واتقتل والتانى اختطفه الحوثيون وقتلوه قبل ما أشوفه، وخسرت كل شئ.».
نازحة من ذمار
محمد هرب بساق واحدة!
دخلنا أحد المخيمات، وجدناه عبارة عن دورة مياه وغرفة واحدة.. وقت أن دخلنا كان الظلام قد بدأ يحل بالمكان، ولا توجد كهرباء أو وسيلة إضاءة، وهم مع اقتراب الغروب يفتحون الأكياس التى يغلق بها المخيم، لعل شعاع الضوء يدخل ليقضوا حاجاتهم، والناس هنا مضطرون للتنازل عن خصوصيتهم مقابل إنارة الظلام الدامس، لفت نظرنا حين وجدناه جالسا فى ركن مظلم.. إنه الشاب محمد على، جاء للمخيم نازحا من صنعاء قاطعا المسافة بساق واحدة، فقد ساقه اليمنى فى لغم..
بعد تردد وافق على الحديث إلينا، قائلا: «أى حد يتكلم على الحبس على طول، وينزلوا فيه ضرب وتعذيب ما يسيبوه إلا وهو مشلول.. الحوثة منتشرون فى الحارات متخفيين وبيهجموا على البيوت وياخدوا رب الأسرة من بيته قدام أهله لأماكن مجهولة».
زوجة رشيد أحد اليمنيين المحتجزين لدى الحوثى تحكى قصة هروبها
الطفلة سهام تبيع الحلوى بداخل المخيم
هاربون من التعذيب
فى مخيم آخر دخلناه، وجدنا «قران» النازحة من صنعاء.. رفضت ذكر اسمها كاملا خوفا من الحوثيين، تجلس أمام الموقد لصناعة الخبز، وحكت لنا أن الحوثيين حبسوا زوجها سنة و7 أشهر، دون أى ذنب، وواصلت: «كنت أبحث عنه مثل المجنونة بين كل السجون، و كانوا خافيين مكانه، مع إنه ما عملش حاجة».
وتابعت: «عشت فترة صعبة، كنت أشقى على عيالى الأربعة، وكان الحوثة يدخلوا البيوت يضربوا النسوان، والأسعار تتضاعف كل يوم، وفيه أسر كاملة ماتت من الجوع، كنا نجلس بالأيام بدون أكل ، فجيت على هنا».
مراسلة اليوم السابع مع اطفال مخيم الميل
انتقلنا إلى الزوج الذى طلب عدم ذكر اسمه، واكتفى بـذكر «أبوصلاح»، خوفا من الحوثى لأن أباه وأخاه لا يزالان بسجونهم، قال لنا: «كنت أعمل سائق قطاع خاص، أنقل شحنات، وفى يوم حدثت بينى وبين زبون مشكلة، واتضح أنه قيادى حوثي، وكان ينقل على سيارتى مؤنا للمجهود الحربى، وبعدما انتهت الخناقة روحت أصلى العصر فى الجامع، ولما خرجت لقيت طواقم من الحوثة مسلحين، أخدونى بالعنف، وأخفونى بعدها 9 أشهر ، ومحدش كان يعرف مكانى».
الطفلة سلمى فرت مع أسرتها إلى مأرب وبتحلم ترجع المدرسة
وتابع: «خصصوا طاقما لتعذيبى فقط، فحبسونى فى بدروم سرى على عمق 3 أدوار تحت الأرض فى مقر الأمن السياسى بصنعاء.. غرفة لا ترى النور، ومساحتها متر فى متر، وكان معى 7 أنفار غيرى، وفيه مدارس حولوها لسجون سرية للتعذيب ودونى فيها، وتم أسرى لمدة عام و7 أشهر اتعرضت لكل أنواع التعذيب».
واصل حديثه عن تفاصيل ما تعرض له من تعذيب داخل سجون الحوثى، قائلا: «كنا ننام واقفين لحد ما جالى الروماتيزم والكلى، ولدى إصابة فى ظهرى أيضا، و الاستجواب كان تحت التعذيب بالكهرباء والضرب بالعصى، يوميا، وفيه ناس ماتت قدام عينى وناس جننت من التعذيب».
واستطرد: «هم يتفننون في التعذيب، وكل صنف له طاقم متخصص، وتختلف شدته حسب الجرم اللى أنت ارتكبته، يعنى أنا مثلا حرمت طول المدة من زيارة أهلى وحطوا على أجسامنا قطع لحمة وأطلقوا علينا الكلاب، أُصبنا بإصابات بالغة وبعضنا مات، أيضا كانوا يلجأون للعصى الكهربائية، والشوى فى جهاز مخصص للتعذيب، و التعليق بالسقف، ونزع الأظافر والسلخ»، وتابع: «هم يجبرون الأسير أيضا على الوقوف على أطراف أصابعه لساعات طويلة، حتى أُصيب البعض بالشلل النصفى، واللى بيخرج من عندهم بيكون عنده مشاكل فى الذاكرة والعظام أو مصاب بشلل».
وأشار فى حديثه إلى أن «الحوثة» لكى يضمنوا إخراس أسيرهم بعد إطلاق سراحه، يقومون بالإبقاء على واحد أو أكثر من أسرته فى الأسر. وبعد ما خرجت وضعونى تحت المراقبة، وبمساعدة أصدقائى هربت لمأرب».
نازحو صنعاء يصفون مرارة العيش
حشرات سامة
قصة أخرى من قصص الفارين من الأسر، رفض ذكر اسمه خوفا على حياته وزوجته، واكتفى بأن نشير إلى الأحرف الأولى منه «ع . م»، يقول: «كنت موظفا حكوميا، وفى يوم وأنا راجع البيت قبضوا عليا وخدونى لمكان مجهول وهناك إما تعترف باللى هم عاوزينه أو تتعذب، فتعرضت للصفع، وهناك طاقم مخصص للصفع الممنهج حتى النزيف أو الشلل».
وتابع: «كانوا يقدمون لنا وجبة كل يومين من بواقى أكل جنودهم وكُدم (خبز)، بعدها أوقفوا تقديم الطعام وطلبوا بياس «فلوس»، واللى مش معه يموت من الجوع، وشفت ناس معى ماتت»، ويستكمل: «هناك موظفون ينثرون الحشرات السامة حولك، حتى لا يعطوك فرصة للنوم، وأى شخص يتم أسره بسجون الحوثي لن يخرج طبيعى».
كفيف: أنقذوا المعاقين!
فى قلب المخيمات التقينا مع عائلة مكونة من أب كفيف وزوجته، ووالدته الجالسة على كرسى متحرك، وأربعة أطفال، رفض ذكر اسمه، خوفا من تعرض بقية عائلته بصنعاء للخطر، وقال لنا: «جئنا من صنعاء هربا من الجوع..الحوثة حاصروا مركز النور للمعاقين وعذبوا اللى فيه، ومحدش أنقذهم».
من داخل أحد المخيمات
الحاجة فزعة بكت وهى تروى قصة أبنائها مع الحوثيين
نازحة من صنعاء تحكى صفون مأساتها فى ظل حكم الحوثيين
الدكتور عبد ربه مفتاح وكيل مأرب و مسؤلو الدائرة الإعلامية فى المحافظة
في الحلقة التالية
- تجارة الجثث
- خطف المدنيين واستخدامهم دروعاً بشرية..المساومات على تسليم جثث الموتى لذويهم مقابل مبالغ مالية تزيد حسب مكانة المختطف ونشاطه السياسى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة