تتجه أنظار العالم فى الساعات الأولى من صباح الجمعة إلى قرية "الهدنة"، تلك المنطقة الحدودية المهجورة بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية والتى كانت شاهدة على توقيع اتفاق الهدنة الكورية فى 1953، والذى وضع نهاية للحرب الكورية، حيث يجتمع الزعيمان مون جيه إن وكيم جونج أون فى "بانمونجوم" والتى تعرف بقرية السلام فى قمة تاريخية ربما تغير وجه القارة الآسيوية.
ولا تزال المنطقة منزوعة السلاح، شاهدة على آمال التوحيد، إذ تحتوى على خرائط وآثار تحمل كلها رغبة فى الاتحاد مرة أخرى، من بينها قطار قديم تعرض للتخريب إبان الحرب، وهو فى طريقه لكوريا الشمالية، كما يوجد كوبرى كان يربط البلاد، لكنه تم تدميره وقت العدوان الكورى الشمالى ليفصل بين الدولتين.
ووضع الكوريون العديد من الشرائط الملونة على الأسلاك الشائكة التى وضعت أثناء الحرب لفصل الدولتين، تعبيرا عن رغبتهم فى التوحيد مع ذويهم بعد أن فرقتهم الحرب.
كما تنتشر لافتات الوحدة فى هذه المنطقة – التى لا تزال بعض الأماكن فيها مليئة بالألغام من أيام الحرب- بشكل كبير حتى أن منطقة عسكرية يوجد بها مكتب للأمم المتحدة كتب عليه "نهاية الانفصال وبداية الاتحاد".
كما وضعت أعمال فنية تعكس نفس الرغبة فى الاتحاد، ومنها نصب تذكارى يظهر دائرة منقسمة بداخلها خريطة كل من كوريا الجنوبية والشمالية، ويقف على أطراف جزئيها أشخاص يدفعونها للاكتمال مرة أخرى.
وعلى الجانب الآخر من الحدود، يوجد أربعة أنفاق سرية حفرتها كوريا الشمالية لشن هجمات مفاجئة على العاصمة الجنوبية سيول، أطلقت عليها كوريا الجنوبية اسم "أنفاق العدوان" بعد أن اكتشفتها فى أعوام 1974 و1975 و1978 و1990، فى إطار الاستفزازات المستمرة من قيادة بيونجيانج.
واستغلت كوريا الجنوبية أحد هذه الأنفاق كمنطقة سياحية، إذ فتحت أحدها للسياح، ولكنها تمنع التصوير داخله، يبلغ قطره مترين تقريبا وتم حفره على عمق 73 مترًا تحت سطح الأرض، ويتجاوز عشرات الكيلومترات على طول الحدود.
وتشير الإرشادات الموجودة فى النفق إلى أنه من الممكن أن يعبر النفق حوالى 30 ألف جندى يحملون أسلحة خفيفة كل ساعة.
وتقع نهاية النفق على بعد 44 كيلومترًا من العاصمة الكورية الجنوبية سول.
"الربيع الدافئ وصل إلى شبه الجزيرة الكورية "، هذا ما قاله الرئيس مون جيه-إن فى كلمة ألقاها فى فعالية الصلوات من أجل الاستقرار والسلام فى شبه الجزيرة يوم 17 أبريل الماضى.
وتبقى ساعات قليلة على" قمة الكوريتين 2018 " التى ستسجل لقاء تاريخيا بين الرئيس الكورى الجنوبى مون جيه-إن والزعيم الكورى الشمالى كيم جونج-أون.
فمحادثات القمة بين الكوريتين هذه التى تجئ بعد 11 عاما، هى بمثابة ساحة منافسة لدول العالم وستلعب دور مجهر لتفكيك هيكل الحرب الباردة المتبقى فى شبه الجزيرة الكورية كمنطقة وحيدة فى العالم.
وبكون أن لقاء القمة سيعقد فى القرية الحدودية " بانموجوم " التى شهدت آلام الأمة الكورية من الانقسام، وأن القائد الأعلى فى كوريا الشمالية سيطأ أرض الجنوب لأول مرة منذ انقسام الكوريتين، فإن قمة الكوريتين ستظل كلحظة تاريخية فى علاقاتهما التى تمر بفترة انتقالية.
ويشدد الرئيس الجنوبى الذي حدد شعار لقاء القمة هذه " السلام ، بداية جديدة" ، فى نقطة الانطلاق نحو المحطة الأخيرة ، لإحلال السلام الدائم في شبه الجزيرة الكورية.
وهناك نقاط مختلفة لهذه القمة عن سابقتيها فى عامى 2000 و2007، وهى أن اللقاء ليس فقط لتحسين العلاقات بين الكوريتين، بل أنه لقاء فى الرحلة الجريئة الهادفة إلى النزع النووى الذى يشكل عمودا فقريا لأجندة شبه الجزيرة الكورية.
كما أن لقاء القمة بين الرئيس مون والزعيم كيم مهم للغاية لكونه يمثل الجولة الأولى التى يمكن أن تؤثر على لقاء القمة بين الرئيسين الأمريكى والكورى الشمالى الذى سيركز على المفاوضات حول نزع السلاح النووى فى شبه الجزيرة الكورية وتعكس نتيجتها على العلاقات بين الكوريتين.
وفى وقت ماضى قدمت كوريا الشمالية أملا فى إمكانية تحقيق النزع النووى بعد أن أعلنت عن تجميد التجربة النووية ووقف إطلاق الصواريخ البالستية العابرة للقارات يوم 21 أبريل الماضى.
ومن المقرر أن يحضر القمة 550 من الصحفيين المحليين، و360 مقعدا للصحفيين الأجانب، كما ستقدم خدمة الترجمة الفورية بـ 9 لغات على رأسها اللغات الإنجليزية والإسبانية والعربية فى جميع المؤتمرات الصحفية وستقدم بيانات صحفية باللغة الإنجليزية. ويوفر مصلى للصحفيين المسلمين فى مركز الصحافة الرئيسى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة