تصدرت فعاليات القمة التاريخية بين شطرى شبه الجزيرة الكورية، التى عقدت على مدار أمس الجمعة، بين زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، ورئيس كوريا الجنوبية "مون جيه إن"، اهتمامات وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية، لما لهذا اللقاء من أهمية فى مساعى إحلال السلام بالمنطقة ونزع الأسلحة النووية، هذا إلى جانب أنها نهاية لأحدى جبهات حروب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ما يجعله متفرغًا بشكل أكبر لصراعاته مع إيران وروسيا.
وتعتبر القمة التاريخية بيت زعيمى كوريا الشمالية والجنوبية، خطوة على طريق الألف ميل لتحسين العلاقات بين الكوريتين، والتى سيعقبها قمة نادرة أخرى بين زعيم كوريا الشمالية، والرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وهى القمة التالية ضمن مباحثات الدول الثلاث (كوريا الشمالية – كوريا الجنوبية – الولايات المتحدة الأمريكية)، لنزع السلاح النووى من شبه الجزيرة الكورية، والذى بموجبه ستتخلى بيونج يانج، عن برنامجها النووى والباليستى، بعدما اتخذت أولى الخطوات لتحقيق هذا الأمر بالإعلان الأسبوع الماضى عن الشروع فى هدم أحد مواقع التجارب النووية.
ترامب ينجح فى حل الأزمة الكورية بعد التفرغ لها
وفى إطار النجاحات المحققة مؤخرًا فيما يتعلق بالملف النووى لكوريا الشمالية، يقول المحلل السياسى ألكسندر نازاروف – حسب ما نشرته شبكة "روسيا اليوم" الإخبارية، اليوم السبت - "يبدو أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد تمكن أخيرًا من السيطرة على أعصابه، وتركيز جهوده على جبهة واحدة بدلًا من الحرب على جميع الجبهات مع الجميع، لكن ذلك لم يكن ليتم دون إسهامات معتبرة فى تنظيم هذه العملية من جانب اللوبى الإسرائيلى والمخابرات المركزية الأمريكية، اللذين تمكنا أخيرا من الوصول إلى مكتب ترامب".
ويضيف المحلل السياسى، "وبعد الرعب الذى أصاب العالم من التهديدات المتبادلة حول البرنامج النووى الكورى، والوعود التى أطلقت بمحو عاصمتى الكوريتين من على وجه الكرة الأرضية، بدا الرئيسان الكوريان خلال لقائهما أكثر رومانسية من ترامب وماكرون اللذين التقيا الأسبوع الماضى، أثناء زيارة الرئيس الفرنسى للولايات المتحدة، علاوة على ذلك فقد أعلن الرئيسان الكوريان نيتهما وضع نهاية لحالة الحرب، والمضى قدما لجعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من السلاح النووى".
ترامب يوقف المواجهات مع كوريا الشمالية للتفرغ إلى إيران
وتابع المحلل السياسى ألكسندر نازاروف، "بطبيعة الحال، ليس هذا التطور المفاجئ للأحداث سوى قمة جبل الجليد، لأنه يأتى نتيجة للتوافقات التى ربما توصل إليها مايك بومبيو - الذى كان وقتها لا يزال رئيسا للمخابرات المركزية الأمريكية - أثناء زيارته إلى كوريا الشمالية مؤخرًا، وإذا كان من الممكن اعتبار تصريح الزعيم الكورى الشمالى حول وقف التجارب النووية وإغلاق موقع التجارب هو مبادرة أحادية الجانب، فإن لقاء الزعيمين لا يمكن تصوره بأى حال دون مباركة الراعى الرئيسى لكوريا الجنوبية، الولايات المتحدة الأمريكية".
واستطرد "لقد وصف ترامب، اللقاء بأنه تاريخى، لكنه فى الوقت نفسه صرح بأنه لا يزال هناك بعض المآخذ على بيونج يانج، وعلى الرغم من أن الاختراق فى المواقف لا يزال فى مرحلة الكلمات، أجد أن التقديرات المبالغ فيها لنتائج الزيارة سابقة لأوانها، ومع ذلك فمن الواضح أن الولايات المتحدة قد وضعت الموقف فى شبه الجزيرة الكورية فى حالة "الإيقاف لحين إشعار آخر"، الأمر الذى يحتمل إمكانية متابعة تسوية الأزمة، كما يحتمل معاودة الضغط من جديد".
ترامب يضغط على فرنسا وألمانيا لدعم خططه تجاه الملف النووى الإيرانى
ويوضح المحلل السياسى رأيه، "فى الوقت نفسه، يجدر بنا أن نعود إلى زيارة الدولة التى قام بها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون - أى إلى الولايات المتحدة - حينما لم يتكلف "ترامب" عناء "لى يدى" ماكرون، كى يوافق الأخير على كل ما تخطط إليه الولايات المتحدة الأمريكية، بما فى ذلك الخروج من الاتفاق النووى الإيرانى، والآن تنتظر واشنطن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التى سوف تتوسل إلى الرئيس ترامب لإعفاء الشركات الألمانية من الحظر المفروض على تعاونها مع الشركات الروسية" – حسب تعبيره.
وأشار ألكسندر نازاروف، إلى أن "العناد فى قضية الاتفاق النووى الإيرانى بالنسبة لـ"ميركل"، الآن، لن يكون بالأمر السهل، خاصة بعد خيانة ماكرون – حسب وصفه - الذى ضحى بالوحدة الأوروبية، لمجرد أن يتمتع بإمكانية التنزه يدًا بيد بصحبة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وسوف يتعين على ميركل "المسكينة" – كما وصفها – الآن، أن تشعر بجزء بسيط من الضغط الذى يمارسه الغرب على بوتين، ولا أعتقد أن يكون بإمكانها تحمله، وعلى كل الأحوال، فحتى لو كانت ألمانيا مستعدة للحفاظ على رأيها المستقل بصدد إيران، فسوف تتجاهل أمريكا هذا الرأى، وسوف تصطف بقية أوروبا فى الطابور وراء ماكرون، وستتبع أمريكا حيث تريد أن تذهب".
نهاية الأزمة الكورية تدق ناقوس الخطر فى إيران
ولفت إلى أنه فى نفس السياق انطلق رئيس المخابرات السابق ووزير الخارجية الحالى مايك بومبيو، من مراسم تنصيبه الوزارى إلى الطائرة المتجهة إلى بروكسل، حيث المقر الرئيسى لحلف الناتو، ثم إلى إسرائيل، فالمملكة العربية السعودية والأردن، ولم يخف أحد الهدف المُلح للغاية لتلك الزيارة، وأعلن أن ذلك الهدف المُلح للغاية هو سوريا وإيران، وتابع "كما لمحنا فى الأشهر الأخيرة تصعيدًا خارج الشرعية الدولية، وكأنما تصعّد الولايات المتحدة الأمريكية من جهودها لخرق العدد الأكبر من القوانين والأعراف الدولية، ولتستعرض تجاهلها لأى شرعية دولية، حتى فى أمور بسيطة مثل اقتحام مقر القنصل الروسى، المغلق منذ تبادل طرد الدبلوماسيين".
وأكد المحلل السياسى، أن الولايات المتحدة لم تعد تتصرف فى إطار منطق زمن السلم، لكنها تعيش فى واقع آخر، تتمازج فيه الآمال والمناهج القديمة للمخابرات المركزية الأمريكية مع الشغب وازدراء الاتفاقيات اللذين يتميز بهما الرئيس ترامب، مضيفًا "وبهذا الصدد لا أعتقد أن الأدلة التى قدمتها روسيا وسوريا بشأن إثبات زيف "الهجوم" الكيميائى فى دوما سوف توقف العدوان الغربى، إلا أن وجود روسيا على الأرض السورية سوف يجعل أى عدوان شامل من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، والناتو، عليها أمرًا ضعيف الاحتمال"، واختتم حديثه "على كل الأحوال فإن كل ذلك مجتمعا يطلق صفارات الإنذار فى الشرق الأوسط، وبالأساس فى إيران التى لم يكن لديها الوقت الكافى، على عكس كوريا الشمالية، لامتلاك الحجج الكافية للحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة