فى محاولة لمحو آخر أثر للديكتاتور الإسبانى الشهير الجنرال فرانسيسكو فرانكو، قامت بلدية مدينة مدريد العاصمة الإسبانية، بإزالة لافتات الشوارع التى تحمل أسماء مرتبطة بحكم الديكتاتور الإسبانى فرانسيسكو فرانكو، يوم الجمعة على الرغم من اعتراض البعض فى إسبانيا الذين يعتقدون ضرورة الحفاظ على تراثه.
وقال مجلس مدينة مدريد إنه سيتم خلال الأيام المقبلة إطلاق أسماء جديدة على نحو 49 شارعا، وحفلت هذه العملية بنزاعات قضائية فى تجسيد يوضح إلى أى مدى مازالت إسبانيا تواجه صعوبة فى التأقلم مع ماضيها الاستبدادى.
و"فرانكو" قائد عسكرى تولى رئاسة إسبانيا من أكتوبر 1936 حتى وفاته فى سنة 1975، وصل إلى السلطة بعد الحرب الأهلية الإسبانية (1936 - 1939)، هو من مواليد 4 ديسمبر عام 1892، ورحل فى 20 نوفمبر 1975، ويعتبر أحد أشهر ديكتاتورى العصر، وأصحاب المذابح الدموية فى القرن الأخير.
وكان فرانكو قائد عسكرى قام فى صيف سنة 1936 وتحديداً فى 18 يوليو بانقلاب ضد حكم الجبهة الشعبية الذى كانت تحكم إسبانيا، استولى حينها على حكم إسبانيا، وقد قاومت الجمهورية الإسبانية الثانية هذا الانقلاب ومن هنا بدأت الحرب الأهلية الإسبانية.
فرانكو على رأس قواته أثناء الحرب الأهلية
وبحسب كتاب "تاريخ العالم المعاصر" للكاتبين محمد حمزة حسين، الرفاعى الدليمى ص(258)، فإن الحرب الأهلية الإسبانية استمرت فترة قاربت ثلاث سنوات، انتهت بانتصار فرانكو، واندحار الجمهوريين فى مارس 1939، وقد اتخذ فرانكو لنفسه لقب كواديللو أى القائد، وأقام نظام حكم فاشى، حيث أرجع المليكة وعين نفسه وصيا على الحكم، واستمر حتى وفاته فى عام 1975، واتسمت فترته بالقمع.
ويلفت الكتاب إلى أن الحرب الأهلية كلفت إسبانيا خسائر فى الأرواح قدرت بنحو مليون ونصف نسمة، إضافة إلى الدمار الذى لحق بغالبية مدنها.
فيما أشار كتاب "شخصيات من التاريخ: سير وتراجم موجزة"، للدكتور على محافظة، إلى استعانة فرانكو بمساعدة الزعيم النازى الألمانى هتلر، والذى أرسل إليه بدوره قوة عسكرية بقيادة الجنرال فون شبيرله، وأفاد هذا الدعم العسكرى فرانكو وتقدمت قواته حتى أصبحت فى ضواحى مدريد، رغم بسالة الثوار الإسبان، وبعد حصار كبير من قوات فرانكو استسلمت المدينة.
آثار للحرب الأهلية الإسبانية
وتشير عدة مراجع تاريخية إلى أن جرائم فرانكو وصلت إلى هناك أكثر من 130 ألف مفقود فى إسبانيا، وأكثر من 2500 قبر جماعى تحوى عشرات الألوف من جثامين ضحايا القمع (اسبانيا تحتل المرتبة الثانية عالمياً فى عدد القبور الجماعية -بعد كمبوديا-)، بالإضافة إلى حوالى 30000 طفل فُقد من عائلته خلال تلك الحقبة.
وكان من بين ضحايا فرانكو، الفنان التشكيلى والشاعر والمسرحى الإسبانى الشهير فيديريكو جارثيا لوركا، أُعدم من قبل الثوار القوميين وهو فى الثامنة والثلاثين من عمره فى بدايات الحرب الأهلية الإسبانية بين قرى فيثنار وألفاكار فى 19 أغسطس 1936.
إعدام لوركا
بعد وفاته دخلت إسبانيا مرحلة السلم المدنى، فتم إسقاط عهد فرانكو بالقضاء على كل تركات وآثار الديكتاتور بالوسائل السياسية والسلمية والقانونية، وقد دعت عدة جمعيات من المجتمع المدنى الإسبانى لنسف صليب وادى الشهداء الذى بناه فرانكو، باعتباره من الرموز التى بناها الجنرال المتسبب فى حرب أهلية ذهب ضحيتها أكثر من 100 ألف ضحية .