تخوض تونس اليوم تجربة جديدة فى مرحلتها الانتقالية، حيث مارس الأمنيون والعسكريون للمرة الأولى حقهم الانتخابى بعد أن أجاز القانون لهم فيها حق الانتخاب، وهو التعديل الذى صادق عليه البرلمان التونسى منذ أكثر من عام، وجاء إقرار هذا القانون الانتخابى بعد أكثر من عشرة أشهر من الجدل فى الأوساط السياسية بسبب رفض حركة النهضة الإسلامية صاحبة الأغلبية البرلمانية.
وتم إدراج 36.495 أمنيا وعسكريا فى قوائم من لهم حق الإدلاء بأصواتهم، حيث توجهوا إلى مكاتب الاقتراع مع صباح اليوم الأحد فى أول انتخابات بلدية تجرى منذ الثورة فى 2011، و فتحت مكاتب الاقتراع أبوابها بداية من الساعة الثامنة صباحا بتوقيت تونس لتُغلق فى حدود السادسة مساء، وتمت عملية التصويت وسط تشديدات أمنية وإجراءات لحماية المعلومات الخاصة بأفراد الأمن.
وقال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد تليلى منصرى، إنه تم اتخاذ إجراءات تهدف الى حماية المعطيات الشخصية للأمنيين والعسكريين خلال عملية التصويت، حيث لم يتم تعليق السجل الانتخابى فى مراكز الاقتراع وعدم استعمال الحبر الانتخابى، فى حين تمت التغطية الإعلامية فى أضيق الحدود ولم يٌسمح التقاط صور أو فيديوهات لوجوه المقترعين أو كتابة أسمائهم.
وعبر عدد من الأمنيين الذين أدلوا بصوتهم صباح اليوم بمركز الاقتراع فى العاصمة، عن سعادتهم البالغة بالمشاركة لأول مرة فى استحقاق انتخابى وعن شرفهم الكبير بحضور هذا الحدث كناخبين بعد أن كانوا متواجدين فى الاستحقاقات السابقة بصفتهم مكلفين بحماية مراكز الاقتراع.
وأضافوا فى تصريح صحفية، أنهم متمسكين بحقهم الانتخابي، ووصف أحدهم هذا اليوم بـ"التاريخى" وخطوة أولى فى اتجاه ترسيخ حقه كمواطن.
وعبّر أول أمنى أدلى بصوته فى الانتخابات البلدية بدائرة بنزرت، عن سعادته للإدلاء بصوته وممارسة حقه الدستوري، متوجّها بالشكر لكل من ساهم من قريب أو بعيد فى تمكينهم من هذا الحق، وقال'' أنا سعيد اليوم لأنّ بلدى أصبح بلدا ديمقراطيا وأصبح بإمكاننا اختيار ممثلينا فى البلديات ومن سيساهمون فى تحسين مستقبل أبنائنا والنهوض بالبلاد ككل''.
ودعا المنصرى الأمنيين والعسكريين إلى المشاركة فى هذه الانتخابات، خاصة بعد أن شهدت عملية الاقتراع ضعفا فى الإقبال، حيث أفاد عضو الهيئة المستقلة للانتخابات أنيس الجربوعى أنه حتى منتصف اليوم لم تسجل سوى 2698 عملية اقتراع خلال الفترة الصباحية بنسبة إقبال 7%، فى حين تم تسجيل 23 بلدية دون اقتراع.
وفى مختلف مراكز الاقتراع بسوسة سارت عملية الإقتراع بنسق بطىء، ووصلت نسبة المشاركة الى حدود الساعة الواحدة ظهرا 11,5%، حيث أدلى 164 ناخبا بأصواتهم من بين 1421 ناخبا محتملا، وتم تسجيل أعلى نسبة مشاركة فى مركز الاقتراع بسوسة المدينة، فيما لا تزال بعض المراكز فى انتظار ناخبها الأول.
أما فى ولاية جندوبة أكد ضو كشيد رئيس الهيئة الفرعية المستقلة للانتخابات ان عدد المسجلين للانتخابات البلدية بولاية جندوبة فى صفوف الأمنيين والعسكريين بلغ 1689 بـ 14 مكتب اقتراع، وقد بلغت نسبة الإقبال على التصويت 2% إلى حدود منتصف النهار، كما تم تسجيل "صفر" فى الاقتراع بثلاث مراكز انتخابية وهى الجواودة فرنانة والخمايربة عين دراهم وسوق السبت جندوبة .
كما سجل الملاحظون حضورهم فى معظم مراكز الاقتراع وتأتى شبكة "مراقبون" فى صدارة الملاحظين بحضور ملاحظين اثنين فى كل مركز وسجلت "عتيد" حضورها فى أربعة مراكز وكذلك مرصد "شاهد"، إضافة الى فريق من الملاحظين من الاتحاد الأوروبى قام بجولة بين مراكز الاقتراع.
وربط البعض بين ضعف الإقبال ودعوات نقابة قوات الأمن الداخلى التى تضم العدد الأكبر من رجال الأمن، إلى مقاطعتها على خلفية عدم مشاركة الأمنيين والعسكريين فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وبررت هذه الدعوة بحرمان عناصر الأمن والجيش من حق حضور الاجتماعات التى ينظمها المرشحون والتعرف على برامجهم، وتمكينهم من حقوق انتخابية كاملة.
وأضاف الهيشرى، أن جمعية الأمن الداخلى والديوانة، حصلت على 185 اعتمادا خاصا بها لمراقبة مشاركة أبناء المؤسستين الأمنية والعسكرية يوم الاقتراع، لافتا الى أنها تراقب 35 مركز اقتراع و49 مكتبا بتونس الكبرى، داخل وخارج مراكز ومكاتب الإقتراع، كما أن عملية المراقبة ترتكز بالأساس على "حياد المؤسسة الأمنية وتعاطى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مع اقتراع الأمنيين وتعاملها مع المعطيات الشخصية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة