استيقظ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من نومه، الجمعة قبل الماضية، فلم تعجبه الأخبار الواردة عن ارتفاع أسعار النفط متجاوزة 74 دولارا للبرميل خام برنت، ولم تعجبه خطط منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، فكتب على موقع التواصل الاجتماعى تويتر مهاجما أوبك، معلنا رفضه ارتفاع أسعار النفط فى الفترة الأخيرة.
نص تغريدة ترامب "يبدو أن أوبك تعيد الكرّة من جديد. فى ظل الكميات القياسية من النفط فى كل مكان، بما فى ذلك السفن المحملة عن آخرها فى البحر، أسعار النفط مرتفعة جدا على نحو مصطنع وهذا ليس جيدا ولن يكون مقبولا".
لكن مضمون تغريدة ترامب يقول أيضا، إن السوق الذى يجب أن يكون خاضعا للعرض والطلب، لا يلتزم بالقواعد، فالكميات القياسية من النفط فى كل مكان والسفن ملأى عن آخرها فى البحار- رغم ما فى ذلك من مغالطة-، ولكن بسبب تدخلات أوبك فإن الأسعار مرتفعة جدا.. لكن على الجانب الآخر فإن ترامب نفسه غير ملتزم بالقواعد التى يريد تطبيقها على سوق النفط ويطبق إجراءات تتنافى تماما مع قواعد التجارة الحرة التى وضعتها الولايات المتحدة.
أما قول "ترامب" إن ذلك لن يكون مقبولا فيعنى أن ذلك بالفعل أنه لن يكون مقبولا بالفعل بالنسبة لترامب، وأنه سيتدخل فى المستقبل القريب.
ترامب وقراراته السياسية تساهم فى رفع أسعار النفط
لكن يبدو أن "ترامب"، سيساهم قريبا فى ارتفاع جديد فى أسعار النفط، حيث تشير التقديرات إلى أنه حال فرض عقوبات اقتصادية على إيران فإن سعر النفط سيرتفع نحو 10 دولارات لكل برميل، وتوقعات أن يتجاوز 80 دولار.
وخلال أسبوعين تنتهى المهلة التى قررها الرئيس الأمريكى ترامب فى 12 مايو المقبل، لإقرار ما إذا كان سيوسع نطاق العقوبات ضد إيران بعد توقفها بموجب الاتفاق النووى الإيرانى الذى أبرمته القوى الدولية مع طهران عام 2015، وتحث الولايات المتحدة حاليا الدول لفرض عقوبات ضد أفراد ومؤسسات ترتبط بالبرنامج الإيرانى للصواريخ الباليستية.
ما الأسباب التى أدت لارتفاع أسعار النفط؟
ترامب نفسه أحد أسباب ارتفاع الأسعار
العالم لم يكن متوترا بهذا الشكل منذ أربعينيات القرن الماضى.. ترامب منذ مجيئه وهو يريد أن يغير خريطة الاتفاقيات الدولية واتفاقيات التجارة الحرة لتخدم مصالحه فقط أو كما يقول "أمريكا أولا"، فأعلن عن حرب تجارية مع الصين، وانسحب من اتفاقية النافتا، وانسحب من اتفاقية التغير المناخى التى تمنعه من التنقيب عن النفط فى ألاسكا.
أيضا السياسة ليست بمعزل عن الاقتصاد، فالهجوم الذى أمر به الرئيس الأمريكى على سوريا مؤخرا، أحد الأسباب المساهمة فى ارتفاع أسعار النفط.
فأى توترات سياسية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "أكبر منطقة للإنتاج فى العالم"، تدفع إلى مخاوف من تعطل الإمدادات، فيؤدى ذلك لزيادة الطلب وبالتالى ارتفاع السعر.
كما أن خطط ترامب للتخلى عن الاتفاق النووى مع إيران، يعنى أن هناك عقوبات اقتصادية جديدة سيتم فرضها على إيران، مما يعنى انخفاض الإنتاج الإيرانى ثالث أكبر منتج للنفط فى أوبك، وما يترتب عليه من عدم اليقين والغموض فى الأسواق مما يؤدى لارتفاع الأسعار، ويتوقع فى هذه الحالة أن ينخفض إنتاج النفط الإيرانى فى حدود 500 ألف برميل يوميا.
ما هو اتفاق خفض الإنتاج الذى هاجمه ترامب؟
اتفاق خفض الإنتاج الذى هاجمه ترامب دخل حيز التنفيذ بداية يناير 2017، ، وتم تمديده حتى نهاية العام الحالى 2018، حيث يخفض أعضاء "أوبك" ومنتجون من خارجها تقودهم روسيا الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميا.
واتخذت هذه الدول هذا القرار، بعد انخفاض الأسعار إلى مستوى قياسى، مما أثر بشكل كبير على اقتصاديات الدول وخاصة الدول التى يعتمد اقتصادها بشكل أكبر على النفط وعلى رأسها السعودية وروسيا وهما أكبر منتجين فى العالم.
أسعار برميل النفط فى يناير العام الماضى مع بدء تنفيذ الاتفاق كانت بين 56.84 دولار للبرميل لخام البرنت، و53.83 دولار للنفط الأمريكى، وكسرت حاجز السبعين دولارا هذا العام، وحاليا فى حدود 74 دولارا للبرميل.
لكن هل استفادت الولايات المتحدة من رفع الأسعار؟
اتفاق أوبك هو الذى منح قبلة الحياة للنفط الصخرى الأمريكى، وبفضل هذا الاتفاق ستصبح الولايات المتحدة عما قريب منتج النفط الأول فى العالم، فعندما انخفضت أسعار النفط إلى أقل من 30 دولارا بلغت خسائر النفط الصخرى مليارات الدولارات، وتقلص عدد الحفارات إلى 318، لكن اتفاق أوبك ساهم فى تحول الخسائر إلى مكاسب كبيرة خاصة مع قدرة شركات النفط الصخرى على التكيف وتخفيض التكلفة لأقل من 40 دولارا للبرميل.
الآن بفضل ارتفاع الأسعار بفضل اتفاق أوبك، العدد الإجمالى إلى 825 حفارا العدد الإجمالي إلى 825 حفارا وهو أعلى مستوى منذ مارس 2015، وصارت الولايات المتحدة ثانى منتج للنفط عالميا بـ10.5 مليون برميل يوميا، قبل السعودية وخلف روسيا المنتج الأول.
من هم أكبرالمستفيدين من ارتفاع أسعار النفط؟
روسيا والسعودية هما أكبر منتجين للنفط فى العالم، وأكبر المستفيدين من ارتفاع أسعار النفط هى روسيا العدو الأول للولايات المتحدة الأمريكية، حيث تسبب اتفاق أوبك لخفض الإنتاج فى تعافى الاقتصاد الروسى العام الماضى، كما أن السعودية أحد أكبر المستفيدين باعتبارها ثانى أكبر الدول إنتاج فى العالم،
هل السعر مرتفع فوق اللازم فعلا كما يقول ترامب؟
وزير الطاقة الروسى نفسه يرى أن الأسعار مبالغ فيها، إذ قال فى تصريحات نقلتها عنه وسائل الإعلام الروسية الجمعة قبل الماضية، إن أسعار النفط قد تبلغ 80 دولارا للبرميل في أبريل لكنه أضاف أن ذلك لا تبرره العوامل الأساسية.
ورغم أن الأسعار حتى اليوم نهاية إبريل، م تصل إلى السعر الذى توقعه وزير النفط الروسى، إلا أن تصريحه يكشف أن العوامل الأساسية التى تتحكم فى الأسعار لا تبرر هذه الزيادة.
ما الذى يمكن أن يفعله ترامب فى مواجهة اتفاق أوبك؟
المستفيدان الأولان من اتفاقية خفض الإنتاج هما "السعودية وروسيا"، ترامب يقول إنه لن يقبل باستمرار ارتفاع الأسعار، والسعودية تريد أن يكون متوسط الأسعار بين 80 و100 دولار بحسب ما نشرته رويترز.
ترامب لا يمكنه التدخل فى اتفاق أوبك، إلا بزيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخرى، وهو المتحقق حاليا بالفعل، فالولايات المتحدة حاليا المنتج الثانى عالميا وتنتج 10.5 مليون برميل يوميا قبل السعودية وبعد روسيا المنتج الأول عالميا.
الأمر الثانى أن يتعامل ترامب مع الأمر على أنه صفقة تجارية، وربما يسعى للتواصل مع ولى العهد السعودى لمخاطبته فيما يخص ارتفاع الأسعار، وربما يطالبه بعدم تمديد اتفاق أوبك.
الأمر الثالث: ضخ كميات من المخزون الاستراتيجى الأميركى البالغ 665 مليون برميل، كما يمكن رفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكى والذى يتناسب عكسيا مع سعر النفط
ما هى توقعات البنك الدولى لأسعار النفط فى 2018؟
البنك الدولى توقع فى تقرير أسعار السلع الأولية، أن يصل متوسط أسعار النفط إلى 65 دولاراً للبرميل خلال عام 2018، مقارنة بمتوسطه البالغ 53 دولاراً للبرميل عام 2017، وذلك نتيجة للطلب القوى من المستهلكين وانضباط منتجى النفط.
يذكر أن أسعار خام برنت ارتفعت بنسبة 164 % من أدنى مستوى سجلته الأسعار فى 2016 بعد وصولها إلى 28 دولار، وارتفع بنحو 59 % منذ اتفاق أوبك لخفض الإنتاج.
وسجل سعر النفط 73.22 دولار للبرميل خام برنت، فى حين سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكى 67.42 دولار للبرميل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة