- هناك آلاف الأدلة التى تثبت أن الكتاب المقدس نص أصلى وليس أسطوريا
من الدين إلى السياسة، ينتقل القس الدكتور أندريه زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية فى مصر بين تلك المساحات، فيرى أن الأقباط ولأول مرة فى التاريخ الحديث يشعرون أنهم جزء من الدولة، حتى أنه يقيم وضعهم فى مصر بسبع درجات من عشرة، وفى الوقت نفسه يحلل قضايا شائكة أثارت الجدل داخل أروقة الكنيسة مثل أسطورية الكتاب المقدس، وغيرها من القضايا والمحاور الصعبة فى حواره مع «اليوم السابع» بمناسبة عيد القيامة.. وإلى التفاصيل.
كيف تقيم اللحظة الحالية فى الحياة السياسية ودور الأقباط فى انتخابات الرئاسة؟
- لا أستطيع أن أقيم الانتخابات السياسية بعيدًا عن 30 يونيو، التى اتسمت بزخم جماهيرى، هناك توجه رئيسى فى مصر يساند رئيس الجمهورية رغم القرارات الاقتصادية الصعبة، التى مست الاحتياجات اليومية للناس وبالتالى فإن خروج هذا الزخم الجماهيرى إلى لجان الانتخابات، فهذا يؤكد أننا أمام رؤية جديدة لمصر.
بالنسبة للأقباط، لأول مرة فى التاريخ الحديث نشعر إننا جزء من الدولة المصرية، وندافع عنها، مشاركة الأقباط فى الانتخابات كانت فاعلة، وفوز الرئيس تتويج لهذه المرحلة التى تحتوى على ملفات مهمة سيتم استكمالها المرحلة المقبلة، لأن الرئيس السيسى يعبر بمصر لعصر جديد.
منذ أيام بدأ الكلام عن تعديل الدستور وتمديد الفترات الرئاسية فما رأيك؟
- اعتبر الكلام فى هذا الشأن يهدف إلى سرقة الفرحة بنجاح الرئيس والتشويش على ما يجرى حاليًا، والحفاظ على الدستور المصرى مهم، وهذا الكلام جزء من حملة مغرضة، وهناك 5 ملفات أمام الرئيس ستنقلنا نقلات نوعية.
ما هى تلك الملفات؟
- الملف الاقتصادى لا جدال فيه، الجماهير تنتظر أن تشعر بتحسن حقيقى فى حياتها اليومية وأن تترجم القرارات الصعبة لواقع ملموس، والملف الأمنى مهم جدًا فليس لدينا استعداد أن نكون مثل سوريا أو ليبيا، وملف الشباب مهم للغاية والرئيس تعامل معه جيدًا ولكننا نحتاج للنظر له على نطاق أوسع، وكذلك قضيتى الصحة والتعليم ويحتاجا قرارات جريئة مثل القرارات الاقتصادية، وأخيرا ملف المواطنة خاصة مع وجود مساحات للعب فيها من قبل مغرضين، والملف الأصعب هو تجديد الخطاب الدينى، لأن التغيير الاقتصادى إن لم يرتبط بسياقات دينية وثقافية سيسقط ولن يتحقق التقدم.
هناك من يرى أن علاقة القيادات الدينية مع الدولة تأتى على حساب الأقباط؟
- لن نكون آسرى شائعات، أو توجهات لديكتاتورية الأقلية، الأقلية تحاول فرض آرائها على الأكثرية وتظن إنها ستحكمها، القيادات المسيحية علاقتها بالدولة طبيعية، فالدولة جادة فى قضايا المواطنة، منذ متى يعايد الرئيس الأقباط فى الكاتدرائية كل عيد؟ وهناك الكثير من الأمثلة، والأقباط يشكون من غيابهم عن بعض المراكز الحساسة فى الدولة ولكن إن كان لدى 10 مشاكل وتم حل 5 فلننظر نظرة موضوعية، مشينا مسافة جيدة وهناك مسافة سنمشيها بالحوار، والعلاقة مع الدولة حين تكون طيبة تصب فى صالح المجتمع، ولا نشكك فى وجود متشددين يرغبون فى تصدير المشاكل.
كم تقيم من 10 درجات وضع الأقباط فى مصر اليوم؟
- قبل 30 يونيو، كان 3 من 10، وبعدها وصل لما بين الـ7 والـ8 من 10
كيف تقيم قانون بناء الكنائس وهو يدخل عامه الثانى؟
- القانون فى مجمله جيد، وعلينا أن نستكمل الطريق، اللجنة الوزارية بدأت معاينات الكنائس غير المرخصة، وحين أشعر أن القانون لم يطبق سأنتقده، وأتمنى أن يتم الإسراع فى تطبيقه.
لا بد من الإصلاح الدينى كجزء من حركة الإصلاح المجتمعى، إلى أى مدى ترى ضرورة إصلاح الخطاب المسيحى؟
- نحن كإنجيليين الإصلاح جزء من تكويننا، وحين نتوقف عن الإصلاح سنتجمد، واحدة من المساحات المهمة هى علاقة الشباب بالكنيسة، نحتاج لأن نتكلم اللغة التى يفهمها الشباب، الإصلاح يحدث حين نقف معًا على نفس الأرضية، والأمور الإدارية فى الكنائس تحتاج إصلاح، والموقف من الآخر ليس مسؤولية طرف واحد فمثلما يحتاج إصلاح عند بعض المسلمين كذلك يحتاج إصلاح عند بعض المسحيين.
هل تقصد أن الموقف من الإسلام فى بعض الكنائس يحتاج تغييرا؟
- الموقف من الإسلام فى الكنائس يحتاج تغييرا والعكس أيضًا، بمعنى أن أعلم شعب الكنيسة دون الانتقاص من عقائد الآخرين، هناك من يبنون عقائدهم على هدم معتقدات الآخرين.
على ذكر الإصلاح والتجديد، دار الحديث فى الفترة الأخيرة عن بعض قصص الإنجيل أسطورية أم إنها وقعت بالفعل؟
- هذه القضية ليست جديدة، بل طرحت فى الغرب من 200 سنة، وفى الـ100 سنة الأخيرة خرجت عشرات الكتب والمقالات للرد عليها، الاتجاه الإنجيلى المحافظ رد على هذه الادعاءات، هذه المدارس استخدموا منهجا فى التفسير يسمى النقدى التاريخى، ولكن عشرات الأدلة أثبتت أن قصص الكتاب المقدس حقيقية وليست رمزية، ومئات البراهين أثبتت أن نصوص الكتاب المقدس تاريخية ولها صوت أصيل وجذور، المشكلة تأتى من قراءات مجتزئة للأمور وطرحها على مواقع التواصل الاجتماعى، لذلك نظمت مبادرة بعنوان «نقد لا نقض» وسندعو عددا من المفكرين لتناول قضية التفسير لنطرح مناخا آمن للتفكير دون المساس بالعقائد الرئيسية.
الكنيسة الإنجيلية قامت على الحوار فكيف توقف كلية اللاهوت أساتذة عبروا عن آرائهم فى قضية رمزية الكتاب المقدس؟
- إيقاف الأساتذة جاء لأنهم قدموا ما يتعارض مع عقيدة الكنيسة، ولسنا فى محاكم تفتيش، ولكن إن أردت أن تعلم فى معهد يرتبط بالكنيسة فلا يمكنك مخالفة عقيدتها أو تعليم الطلاب ضد هذه التعاليم، والفصل بين حرية الرأى ومخالفة العقيدة مساحة تحتاج الكثير من الالتزام، ومن 30 سنة نشرت كتابًا عن المنهج العلمى فى نقد الكتاب المقدس حتى وصلت لقناعة أن هذا النص الذى بين أيدينا أصلى.
هناك تياران فى الكنيسة الإنجيلية الأول يؤمن بوحى الكتاب المقدس وتيار ثانى يؤمن بالعكس.. فما رأيك؟
- قضية الوحى معقدة جدًا، الكنيسة ترى أن الكتاب المقدس كتبه القديسون مدفوعون بالروح القدس فنحن نؤمن بالإلهام الإلهى، القضية بها أبعاد علمية، إذا كان لدى مئات الآلاف من المخطوطات تتقارب فى فترات زمنية بعد موت المسيح وتمنحنى نصا مماثلا للكتاب الحالى، فلماذا أشكك فيه؟ وبالتالى أؤمن أن الكتاب المقدس الذى بين أيدينا هو إعلان إلهى، ومبدأنا ألا نكفر أحدًا ومع الالتزام بعقيدة الكنيسة.
هل يكره رجال الدين مواقع التواصل الاجتماعى؟
- لا بل مشكلتها أن جزءا غير قليل منها يتجه للفبركة، وهى قضية حساسة تتصل بسمعة أشخاص وبقضايا كنسية، مما جعل ردود فعل رجال الدين نحوها عنيفة، ولكن مواقع التواصل ستظل أداة مهمة للتنوير والتفكير، والتوازن سيكون مهمًا.
هل رؤساء الكنائس عاجزون عن الوصول لصيغة توافقية لقانون الأحوال الشخصية أم أن الأمر لا يهمكم؟
- وصلنا لصيغة توافقية لأكثر من %95 من القانون، وسنجلس لنكتبها، ولكن الظروف الصعبة وتفجير الكنائس العام الماضى عطلنا عن ذلك، ومشاكل الناس هى مشاكلنا.
إلى أى مدى ترى أن المشكلات «المسيحية- المسيحية» مثل هدم كنيسة فى المنيا يؤثر على العلاقة بين الطوائف؟
- هناك بعض الناس لا يهدأ لها بال إلا بإثارة التطرف بين أتباع الكنائس الأخرى، والبابا تواضروس قال إن هذه المشاكل تحدث فى كل مكان، ولا بد من التعامل معها فى إطارها المحلى، والمصلحة العليا للعلاقة بين الكنائس أكبر من التوترات.
ما هى رسالتك لعيد القيامة؟
- القيامة قوة مغيرة وبناءة، وسأقدم تصورا جديدا هذا العيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة