البرلمان يوافق على عقوبة الإعدام للمتورطين فى جرائم هتك عرض الأطفال
"لو قلت لحد هموتك".. "متخافش أنا مش هأذيك".."هديك شكولاته".. كلمات دائمًا ما يتفوه بها ذئاب بشرية تنتهك وتقتل براءة الأطفال، بالتحرش الجنسى بهم وهتك أعراضهم واغتصابهم، ولم يدر ماذا يفعل الطفل قليل الحيلة، ولا كيف يعبر عن مأساته، فيهرب المجرم بجريمته الخسيسة وربما عاود تكرار فعلته مرارًا.
مازالت جرائم هتك عرض الأطفال واغتصابهم أو حتى التحرش بهم، من القضايا الشائكة والغامضة فى نفس الوقت، حيث أن الأرقام التى ترد فى دراسات بعض المراكز المتخصصة فى التأهيل النفسى للأطفال الضحايا غير دقيقة، نظرًا لكثرة الحوادث التى تقع وتتوارى فى نفس الأطفال أو داخل نطاق الأب أو الأم، خشية "الفضيحة"، سيما وأن معظم هذه الوقائع تحدث من الدوائر المقربة من الأطفال سواء أقارب أو أصدقاء الأسرة أو معلم الطفل فى المدرسة، وهو ما دعا وزارة التربية والتعليم أواخر العام الماضى، لاتخاذ الإجراءات والضوابط الاحترازية للوقاية والحد من مثل هذه الجرائم كتوعية الطلاب للوقاية من ظاهرة التحرش الجنسى، و تفعيل دور الأخصائى الاجتماعى بمخاطر التحرش الجنسى من خلال التدريبات اللازمة.
آخر هذه الوقائع كانت فى الإسماعيلية، حيث قضت محكمة جنايات الإسماعيلية، بالسجن 13 سنة على متهمين يعملان بالزبالة، بتهمة هتكهما عرض طفل وسرقته بالإكراه تحت تهديد السلاح، وحيازتهما مخدرات وسلاح أبيض "مقص" فى الجناية رقم 7332 جنايات قسم ثالث الإسماعيلية لسنة 2017 ، والمقيدة برقم 2274 كلى الاسماعيلية لسنة 2017.
وفى مدينة دار السلام بالقاهرة، تجرد رجل مسن من كل المشاعر الإنسانية وأقدم على هتك عرض طفل لم يتجاوز بعد 12 عامًا يعمل صبى مكوجى، وببراءة الأطفال أدلى الطفل الضحية أمام رجال المباحث والنيابة بتفاصيل الواقعة، حيث استدرجه المتهم لشقته بزعم وجود ملابس يريد كيها، وهناك هتك عرض الضحية، غير عابئًا بصراخ واستغاثات الطفل.
واقعة أخرى مٌشينة شهدتها محافظة الشرقية، هذه المرة لم تكن داخل منزل لكنها كانت داخل بيت من بيوت الله، حيث أتهم أهالى طفلة تبلغ من العمر 5 سنوات، مبيض محارة فى مركز منيا القمح، باستدراج الطفلة أثناء لهوها أمام المسجد، واصطحبها إلى دورة مياه المسجد وهتك عرضها، فيما شهدت محافظة بورسعيد، قيام سائقين باغتصاب معاق ذهنيا .
وفى المرج، هتك عامل بورشة "ميكانيكى"، عرض طفلة عمرها 8 سنوات، أثناء توجهها لشراء الخبز من مخبز، حيث أكدت والدة الطفلة فى بلاغها أنه أثناء ذهاب ابنتها لشراء خبز، أدخلها العامل عنوة إلى الورشة التى يعمل بها، ونزع عنها ملابسها رغما عنها، وبعدما انتهى قامت الفتاة تهرول تجاه منزلها، وهددها بالذبح إذا أفصحت لأحد عن فعلته.
غياب الأهل
وفى منشأة القناطر، اعتدى حداد يبلغ من العمر 17 عامًا على طفلة عمرها 10 سنوات، بالقوة مستغلا عدم وجود أحد فى مسكنها، وجردها من ملابسها واغتصبها، وعقب عودة الأب وجد ابنته منهكة من شدة البكاء وظهر عليها آثار التعب، فأخبرته بما حدث، فقام الأب بإخطار مركز الشرطة وتم ضبطه واقتياده إلى القسم، وبعد تحريات المباحث وتحقيقات النيابة وإحالته للمحكمة قضت بسجنه 3 سنوات.
هتك العرض والتحرش داخل المدرسة
التحرش بالأطفال ليس فقط فى الشارع أو من الجيران، لكن الكارثة الكبرى أنه أصبح داخل المدرسة التى تعتبر أكثر الأماكن التى يأمن الآباء على أبنائهم داخلها، فكانت القاهرة قد شهدت واقعة تحرش كبرى، أاتهم فيها مدير المدرسة بهتك عرض 4 أطفال من تلاميذ المدرسة التي يمتلكها ويديرها، وفى بنى سويف أيضًا فى العام 2016، تقرر استبعاد مٌدرس فى مدرسة ثانوية للبنات على خلفية اتهامه بالتحرش بالطالبات.
وشهدت محافظة الدقهلية قيام مدرس انجليزى، بالتحرش بطالبة تبلغ العمر 12 سنة، وتلميذة بالصف السادس الابتدائى، داخل فصول التقوية بالمدرسة عقب انتهاء اليوم الدراسى وانصراف زملاؤها.
الأثر والعلاج النفسى
يقول الدكتور على عبدالراضى، استشارى العلاج النفسي والباحث فى العلوم الإنسانية، إن هناك دراسة عن حوادث التحرش بالأطفال في مصر، أكدت أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل 18% من إجمالى الحوادث المتعلقة بالطفل، وفيما يتعلق بصلة مرتكب الحادث بالطفل الضحية أشارت الدراسة إلى أن النسبة هي 35% من الحوادث يكون الجانى له صلة قرابة بالطفل الضحية، وفى 65% من الحالات لا توجد بينهم صلة قرابة، مشيرًا إلى أن هناك مؤشر خطير لتزايد الظاهرة، حيث بلغت عدد البلاغات بالاعتداء الجنسى على الأطفال –وفقًا للدراسة- فى الجزء الأخير من عام 2017، حوالى 435 بلاغ تقريبًا فى القاهرة فقط، وفى 218 فى الإسكندرية.
الدكتور على عبد الراضى استشارى العلاج النفسى
وأوضح عبد الراضى، لـ "اليوم السابع"، أن الآثار النفسية والانفعالية لما بعد التحرش أو الاغتصاب؛ يكون فقدان الأمان والشعور بالاضطهاد، كما أن الطفل يصبح أكثر عرضة للخطر وأنه ينتظر وقوع عقاب مما يجعله يسجل فى ذاكرته كل الأحدث السلبية والمواقف غير السوية ولا يتحرر من القلق المتراكم والناتج عن تلك الاحداث وكذلك بعد البلوغ قد يتبنى فكر انتقامى أو تعويضي من وجه نظره أنه ينبغى على الجميع معايشة الظروف غير السوية التى حدثت له أو قد يعترض على القيم والعادات الاجتماعية والأخلاقية ويتجه نحو السلوكيات غير السوية.
ووضع استشارى العلاج النفسى، روشتة نفسية للآباء، لتجنب وقوع هتك عرض لأبنائهم، منها أن يكون هناك حوار يومي بين الاب والطفل والأم والطفل عما حدث معه طوال اليوم وماذا تعلم، قائلاً:"ينبغى أن يكون دور الأب والأم هو المستمع وليس الموجه وما أعنيه هنا هو مساعدة الأبناء على التعبير عما بداخلهم والحوار بكل صراحة دون الخوف من تلقي أى عقاب وأن يشعر بتقبله وتقبل كلامه وأفكاره والاهتمام بكل كلمة حتى وإن كانت غير هامة من وجهة نظر الآباء والأمهات" .
وتابع عبد الراضى: "يجب تعليم الطفل مهارات الدفاع عن النفس عند اقتراب أى شخص غريب من مناطق حساسة في الجسم وهنا ينبغى أن يعلم الأطفال أن ملامسة أى عضو خاصة من الاعضاء التناسلية، فمثلا نعلمه أنه إذا ما حدث ذلك ينبغى أن يصيح بصوت عالي ويطلب النجدة من الآخرين ، مشيرا إلى أنه عند حودث اي تحرش ينبغى مراجعة الاخصائي النفسى وأن اتقبل ابنى وأتقرب منه وأساعده على الحديث عن الواقعة وبعد الحديث ينبغي أن أوضح له أن ذلك الشخص غير سوى وينبغى على الفور قطع كل الصلات والتواصل معه لو كان قريب من الأسرة.
أما إذا وقع الحادث، فيجب أن يتبنى الأب والأم شكل جديد من التواجد مع الابن وممارسة عدد من الأنشطة المختلفة وتكثيف الأنشطة والمهام الرياضية واللعب والقراءة والخروج حتى يحدث نوع من الإزاحة لتلك الصدمة من خلال عدم الحديث عنها أو تكرار تذكر الموقف أو استرجاعه في ذاكرة الطفل.
هتك العرض فى القانون
يقول المحامى، عبد السلام الحسينى، وكيل نقابة محامين حلوان الفرعية، إن المادة مادة 268 من قانون العقوبات تنص على أنه: "كل من هتك عرض انسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع. واذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة أو كان مرتكبها ممن نص عنهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 يجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقررة للأشغال الشاقة المؤقتة، وإذا اجتمع هذان الشرطان معا يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة".
عبد السلام الحسينى، وكيل نقابة محامين حلوان الفرعية
وأشار الحسينى، لـ "اليوم السابع"، إلى أن جريمة هتك العرض من الجرائم المعاقب عليها كجناية و تتطلب ركنان هما الركن المادى والقصد الجنائى بعنصرية العلم والإرادة، مشيرًا إلى أن الركن المادى لتلك الجنائية له عنصران هما فعل الجانى المتمثل فى هتك عرض المجنى عليه والثانى وهو استعمال القوة أو التهديد فى سبيل تحقق مقصده بهتك عرض المجنى عليه.
وأوضح الحسينى، أن المشرع اشترط لقيام جريمة هتك العرض أن يكون الفعل المخل بالحياء العرضى للمجنى عليه مقترن بفعل القوة والتهديد، مشيرا إلى أن العقوبة فى فى الشروع فى جريمة هتك العرض هى نفسها ذات العقوبة فى قيام جريمة هتك العرض بركنيها فإن التصدى للشروع هنا لا جدوى منه إلا للخروج من أن فعل الجانى لا يعد إلا بكونه من قبيل جنحة الفعل الفاضح وليست جناية هتك العرض.
وأكد الحسينى، أن المشرع نص على أن قيام جريمة هتك العرض إن وقعت تامة بركنيها المادى والمعنوى فإن الجانى يعاقب بجناية هتك العرض ويعاقب بالسجن لمدة من 3 إلى 7 سنوات ، كما أن المشرع قد قرر العقوبة ذاتها إذا كانت الجريمة قد وقفت عند حد الشروع فيها.
وأوضح وكيل نقابة محامين حلوان الفرعية، أن هناك ظروف مشددة لعقوبة جريمة هتك العرض تصل للأشغال الشاقة المؤبدة 15 عامًا، أو الأشغال الشاقة المؤبدة، وهى أولاً:إذا لم يبلغ المجنى علية سن 16 سنة ميلادية كاملة"، وثانيًا: أن يكون المجنى عليه ممن نص عنهم فى الفقرة الثانية من المدادة 267 وهم: "أن يكون الجانى من أصول المجنى عليها وهم الجد والأب، أو أن يكون الجانى من المتولين تربية المجنى عليها سواء بحكم القانون مثل الوصى أو القيم أو بحكم الواقع مثل زوج الأم العم الأخ زوج الأخت او الخال زوج العمة أو الخالة، أو أن يكون الجانى ممن لهم سلطة على المجنى عليها سواء كانت سلطة قانونية أو غير قانونية مثل سلطة رب العمل على العاملات أو رئيس العمل على مرؤوسيه من الإناث أو المخدوم على خادمته على مخدومة أو سلطة غير قانونية كمن يفرض الإتاوات على الغير أو من يرهب إناث له عليهم سلطان تنفيذ أمره كالشحاذات أو المتسولات، أو أن يكون الجانى خادم بأجر سواء عند المجنى عليها أو عند أصولها او المتولين تربيتها .
هتك عرض الأطفال أمام البرلمان
فى يناير الماضى وافق مجلس النواب، برئاسة الدكتور على عبدالعال، على تعديل المادة 289 من قانون العقوبات الواردة بمشروع قانون مقدم من الحكومة لتعديل قانون العقوبات، والتى تقضى بالإعدام أو السجن المؤبد لمن يخطف طفلا إذا اقترنت جريمة الخطف بمواقعة المخطوف أو هتك عرضه.
وتنص المادة "289" بعد التعديل على أن: "كل من خطف من غير تحيل ولا إكراه طفلاً يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشرة سنوات، أما إذا كان الخطف مصحوبًا بطلب فدية فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمسة عشر سنة ولا تزيد على عشرين سنة، ومع ذلك يُحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام أو السجن المؤبد إذا اقترنت بها جريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه".