كانت الحرب الأمريكية الغاشمة تواصل تدميرها للعراق، منذ بدء عدوانها الغاشم يوم 20 مارس 2003، وبالرغم من التفوق العسكرى الأمريكى، فإن الأمل فى الصمود كان يداعبنا كلما تكبد العدو أى خسارة فى الأرواح والمعدات، حتى وصلنا إلى يوم 8 إبريل «مثل هذا اليوم» 2003، وكان قبل سقوط بغداد، فماذا حدث فى هذا اليوم؟
الإجابة أنقلها من هذه الشهادة للكاتب الصحفى والباحث العراقى «رائد الغزاوى» والمنشورة على موقع «الإسلام اليوم» فى 19 إبريل 2009:
«كان يوم 8 إبريل عام 2003 كسابقه من أيام القصف الجوى الأمريكى الكثيف الذى تعرضت له بغداد منذ بدء الحرب على العراق.. انقطعت محطات التليفزيون، ولم يبق سوى أثير إذاعة بغداد المتقطع، بينما كانت إذاعة «صوت العراق الحر» تبث بشكل مكثف، ولم أجد سوى صحيفة «بابل»، التى كان يرأس تحريرها نجل الرئيس العراقى عدى صدام حسين، وبعض الأخبار عن الحرب على العراق.
الأخبار كانت تأتى بشكل متتابع عن معركة كبيرة وقعت بالقرب من مطار بغداد، بين الحرس الجمهورى وقوات المارينز الأمريكية.. أثناء توجهى سيرًا على الأقدام فى اتجاه وسط بغداد، حيث مقر الإذاعة والتليفزيون، سمعت أصوات انفجارات كبيرة، ورأيت دبابة أمريكية على جسر الجمهورية، بالقرب من القصر الجمهورى، توجه نيرانها فى اتجاه فندق فلسطين مريديان، حيث كانت تقيم طواقم القنوات الأجنبية والعربية، مرورا بشارع الرشيد، حيث البنك المركزى العراقى، ومبنى اتصالات الرشيد، وهو أكبر مركز اتصالات عراقى.. منعنى عدد من المقاتلين البعثيين من العبور، خوفا على سلامتى.
وبالفعل وقع إطلاق نار كثيف، رافقه عبور سيارة تيوتا بيضاء، وأخرى حمراء تحمل العلم العراقى.. عندما اقتربت السيارة ترجل منها وزير الإعلام محمد سعيد الصحاف وعدد من فدائيى صدام، وطلبوا من المقاتلين عدم السماح لأى دبابة أو عجلة أمريكية بالعبور.. تركت المكان متجها نحو فندق فلسطين، وبالفعل بعد نحو عشرين دقيقة كنت هناك، وكان الصحاف يتحدث لعدد قليل من الصحفيين، لم يكن هناك سوى مراسل الجزيرة، ومراسل CNN، والعربية، وعدد من الصحفيين الأجانب.
الساعة كانت تقترب من الحادية عشرة صباحا عند بدء المؤتمر فى باحة الفندق، بينما ارتفعت أصوات القذائف وأصوات أزيز الدبابات..فى أثناء المؤتمر الذى نقل على الهواء نفى الصحاف اقتراب القوات الأمريكية من وسط بغداد، بينما فجأة تحولت الكاميرات إلى الناحية الأخرى من بغداد «فندق فلسطين فى ناحية الرصافة»، انتقلت الصورة إلى ناحية الكرخ، حيث يقع القصر الجمهورى العراقى، ونقلت الصورة مشهدا لجنود عراقيين يخلعون ملابسهم العسكرية، ويرمون بها فى نهر دجلة، وعلى مقربة منهم دبابة تقترب بسرعة من ضفة النهر.
انفعل وزير الإعلام الصحاف، وراح يردد أن العلوج «مفردها علج- وهو مصطلح يطلق على ابن الخنزير» لن يصلوا إلى بغداد، والمعركة مستمرة فى المطار، والرئيس العراقى يخوض المعركة بنفسه، وقوات الحرس الجمهورى تحاصر الأمريكان، وخسروا أكثر من نصف قواتهم فى معركة المطار.. هنا سأل ديار العمرى، مراسل الجزيرة، عن المعلومات التى تشير إلى احتلال المطار، فرد الصحاف بأن هذه مجرد أكاذيب تطلقها قناة الجزيرة وبعض القنوات الأمريكية.. فى هذه الأثناء تعرض فندق فلسطين للقصف من الدبابات التى كان قصفها قد تسبب بالفعل فى مقتل مصور صحفى تابع لوكالة أنباء رويترز، وآخر إسبانى تابع لتليفزيون تيلى ثينكو الإسبانى، والثانى توفى متأثرا بالجروح البالغة التى أصيب بها، وأدت الموجة الأخيرة من قصف فندق فلسطين إلى إصابة أربعة صحفيين آخرين على الأقل.
عند الساعة 2 ظهرا اصطحبنى الزميل الحاج رائد، وهو يعمل محررا فى الفضائية العراقية الحكومية، إلى ضاحية الأعظمية غرب بغداد «ناحية الرصافة»، حيث مبنى التليفزيون العراقى البديل عن المبنى الأساسى الذى قصف قبل عشرة أيام، وهناك كانت الأوضاع مختلفة..الفدائيون وقوات الجيش ينتشرون بشكل طبيعى، والبعثيون يقفون عند مداخل ومخارج الطرق.
وفى منطقة أخرى من بغداد شاهدت مقاتلين عربا يتعاونون مع مقاتلين عراقيين تحت إشراف مقاتل مصرى، اسمه عطية السيد، بعد عشر دقائق تقريبا عبر عدد من المقاتلين، وكانوا يحيطون بشخص ما.. اتضح بعدها أنه الرئيس العراقى صدام حسين، وكان يحمل على كتفه قاذفة RBG، وعندما وصل استقبله الناس والمقاتلون بالزغاريد والتهليل والتكبير، وتحدث الرئيس إلى عدد من المقاتلين، واستفسر منهم عن أحوالهم.
سأل أحد المرافقين، وهو المقدم رافع أدهم إبراهيم الحسن، عن وجود كاميرا تليفزيونية، وفعلا جاء أحد المصورين من قناة الفضائية العراقية، وصور الرئيس وهو يرتقى إحدى السيارات المرافقة، والناس ترقص من حوله، وتردد عبارات التأييد، وعبارة الموت لبوش، فى هذه الأثناء قامت إحدى النسوة العراقيات بخلع قلادة من الذهب تحمل المصحف الشريف، وألبستها له، فما كان من الرئيس صدام إلا أن قبل رأسها قائلا: شكرا..احتفظى بها ذخرا لرجال المقاومة، ولم أكن أنا أبعد سوى عشرة أمتار عن هذا المشهد الذى استمر لأقل من ساعة واحدة.. بعد ذلك توجه صدام إلى مرقد الإمام الأعظم أبوحنيفة النعمان، القريب من جسر الأئمة، وأم عددا من المقاتلين وسكان الحى فى صلاة العصر، ثم تناول وجبة طعام جلبتها إحدى العوائل من بيتها، وغادر نحو شرق بغداد».
عدد الردود 0
بواسطة:
كيمو
اهل مكة ادرى بشعابها
اقول لمن كان يتعجل موت الاسد صدام ... الا تشعر بالخجل والندم عندما تقارن عراق الأمس بعراق اليوم ؟؟؟ الم يكن صدام أعلم بتشعب شعبه وكثرة عراقه ( جمع عرق ) لم لا تعترف -ولو بينك وبين نفسك - بأنك أخطأت بتعجلك