قال الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، إنه بالرغم من أن مبادرة "طريق الحرير الجديد" تحتوى مشروعات هندسية عملاقة فإنه لا يتحدث عنه باعتباره أستاذا بالهندسة، وبالرغم أيضاً من أن المبادرة بها جوانب سياسية أو "جغرافية سياسية " إلا أنه لا يتحدث عنها من منطلق أنه شخصية سياسية، موضحاً أنه عندما يتحدث عن المبادرة فيتحدث كونه "إنسانا" قلقا على أولاده وأحفاده ووطنه والإنسانية ككل.
جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت مؤخراً فى المجمع العلمى بحضور عمرو موسى، أمين عام لجامعة الدول العربية الأسبق، والدكتورة نادية زخارى، وزيرة البحث العلمى الأسبق، وعدد من السفراء والشخصيات العامة والإعلاميين.
وأكد عصام شرف خلال الندوة أن العالم بوضعه الحالى والذى بات على وشك الوصول لوضع "كارثى " خاصة فى الوقت الذى تتصارع فيه القوى العظمى فيمكن أن نفاجئ فى أى وقت بأن الحضارة الإنسانية على شفا حفرة من الانهيار، مشيراً إلى أن كل هذا يحدث بسبب رئيسى ألا وهو سوء إدارة "الحوكمة العالمية".
وأضاف رئيس الوزراء الأسبق أن نشاطات الدول يجب أن تكون محكومة بما يعود بالمصلحة على باقى الدول الأخرى، بعكس ما نشهده حالياً فالحوكمة العالمية الحالية تنحاز انحيازا كبيرا للدول الكبرى والمهيمنة، وبالتالى فإن العديد من القرارات التى يتم اتخاذها لا يراعى فيها الجانب الإنسانى، لافتا إلى أن الوضع الحالى يتطلب العمل من أجل إيجاد حوكمة عالمية جديدة "أو كما يحب أن يطلق عليها "عالم جديد "أو "عالمية جديدة" أهم ما يميزها أن تهتم بالعدل والإنسانية وعدم أحادية التحكم فى العالم كما يحدث الآن.
وتابع "شرف" أن العولمة الجديدة باتت مطلبا إنسانيا للقضاء على الهيمنة والفروق الشاسعة بين البشر وأن تحترم الثقافات المختلفة، لافتاً إلى أن الآلية التى تهدف إلى تحقيقها أصبحت ضرورية وحتمية من أجل ضمان استمرارية هذا الكون فى الحياة .
وقال عصام شرف إنه عند تحقيق عولمة جديدة يجب أن يكون خلفك ظهيرا مهما جدا إلا وهو "العنصر البشرى" باعتباره أهم وأكبر جمعية عمومية فى العالم بأكمله، وليس الأمم المتحدة على سبيل المثال، مشيراً إلى أن معظم "البشر" بعيداً عن الحكومات حتى فى الدول المهيمنة فى حاجة إلى أشياء مشتركة يأتى فى مقدمتها أن يكون هناك تنمية مشتركة بينهم.
وأوضح عصام شرف أنه لكى نحقق هذه التنمية المشتركة يجب أن تعمل الدول يدا واحدة مع بعضها البعض باعتبار أننا جميعاً فى "قارب واحد" ولا يمكن أن تتحقق هذه التنمية إذا رأت كل دولة أن مصيرها بأيديها، مطالباً بأن العالم يجب أن يكون متصلا معه بعضه البعض لأنه لو انهار أى جزء فى العالم فسيصبح العالم بأكمله مهدداً بالانهيار مثل الأزمة المالية التى شهدها العالم عام 2008 حيث بدأت فى الولايات المتحدة الأمريكية ثم امتدت للعديد من دول العالم.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء الأسبق، أن فكرة التنمية المشتركة تعد فى غاية الأهمية وتتطلب مسئولية مشتركة ويجب أن يكون هناك مظلة يتعاون تحتها الجميع، مشيراً إلى أنه من هنا تأتى أهمية مبادرة الحزام والطريق والتى يشترك حوالى 69 دولة ونحو أكثر من 30 مؤسسة دولية كبرى، تمثل حوالى 70% من سكان العالم واقتصادها يفوق ثلث اقتصاد العالم، وهذا ما يميزها عن غيرها من المبادرات والشراكات الأخرى مثل "البريكس" والتى يشارك بها 5 دول فقط، وغيرها من الشراكات التى تهدف بشكل أساسى إلى التجارة وليس التنمية المشتركة كما تهدف مبادرة الحزام والطريق.
وتابع عصام شرف أن الصين تصب كامل اهتماماتها من خلال مبادرة الحزام والطريق على السياسة الخارجية من خلال الدبلوماسية والمنفعة المشتركة وليس على التدخل العسكرى بخلاف الولايات المتحدة الأمريكية والتى تنفق على الجانب العسكرى أكثر من الصين بنحو 5 أضعاف، مشيراً إلى أن تاريخ الصين لا توجد به هيمنة أو التدخل الذى نراه من الدول الأخرى.
وأكد شرف أن هناك اتجاه لطمس الهوية الوطنية واستبدالها بعولمة "الأسياد والعبيد" أى عولمة "الشركات العملاقة والمستهلك" وبالتالى يجب أن نسعى لمواجهة هذه الإشكالية، الأمر الذى تحاول أن تواجهه الصين من خلال المبادرة.
وأضاف عصام شرف: نسعى ليكون هناك عالم جديد وأن يكون هناك تنمية من خلال إقامة المشروعات ومفهوم هذه المشروعات يأتى من خلال مفهوم "ممرات التنمية " اى المناطق التى تتجمع بها الخدمات والسكان وتستمر من خلال عدد من الدول، مشيراً إلى أن العامل الأساسى فى المبادرة هو "النقل" باعتباره عنصر الربط بين العالم، أيضاً هناك صناعات اَخرى هامة جداً يمكن لمصر أن تشارك من خلالها بفاعلية فى هذة المبادرة وهى صناعتى الثقافة والمناطق الاقتصادية الخاصة ,باعتبار ان محور قناة السويس يعد الممر الرئيسى للمباردة، والعنصر الثانى وهو الثقافة لانه بالرغم من ان الصين تمتلك القوة الاقتصادية والعسكرية إلا أنه لا يزال انتشارها الثقافى محدود فى العالم ,ومن هنا فنحن نستطيع ان نشارك معها فى ثقافة جديدة بجانب الصناعات الاَخرى.
واختتم رئيس مجلس الوزراء الأسبق الندوة قائلاً :البدائل امام العالم محدودة جداً ,فإما أن نستمر نحوالهيمنة الاحادية ونحو الاختلافات الجوهرية بين الأقطاب الدولية بما يؤدى الى انهيار العالم ,واما ان يكون هناك طريق اَخر طويل وصعب من أجل ان يعيش أولادنا وأحفادنا فى عالم أكثر امناً وسلاماً.