اهتمت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية فى افتتاحيتها بتسليط الضوء على تقديم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لموعد الانتخابات عاما ونصف العام لفرض سيطرته على الحكم وتعزيز قبضته، وقالت إنه لا يترك شيئا للصدفة، فبعد أن فاز العام الماضى فى الاستفتاء الذى من شأنه أن يمنح الرئاسة صلاحيات حتى على السلطة القضائية، إلا أن هذه الصلاحيات لن تتحقق إلا بعد الانتخابات المقبلة فى يونيو.
وأضافت الصحيفة فى افتتاحيتها المعنونة "الرئيس أردوغان يدهس على حريات تركيا" أن هذه التغييرات لا تدخل حيز التنفيذ إلا بعد هذه الانتخابات. ويدرك أردوغان وحزبه الإسلامى الحاكم أن الاستفتاء الدستورى لم يمنحهم ما يريدون لاسيما وأنهم خسروا الأصوات فى المناطق الحضرية والساحلية فى تركيا ، والكردية الجنوبية الشرقية وبين الشباب.
وأوضحت الافتتاحية أن هذه الانتخابات ستجرى فى ظل حالة الطوارئ المعمول بها منذ محاولة الانقلاب فى منتصف عام 2016 ، والتى ألقت الحكومة باللوم فيها على الحركة الإسلامية التى يقودها فتح الله جولن الذى يعيش فى منفاه الاختيارى فى أمريكا.
وانتقدت "فايننشال تايمز" كيف سجنت أنقرة فى حملة التطهير التى تبعت محاولة الانقلاب أكثر من 40 ألف شخص وطردت 130 ألف من صفوف الجيش ومؤسسات الدولة. واعتبرت أن اردوغان انضم إلى القوميين اليمنيين المتشددين، وبدأ معركة ضد التمرد الكردى داخل تركيا، وهى الفئة التى تحارب فى سوريا حيث تتحالف مع الولايات المتحدة.
وأشارت الافتتاحية إلى أنه لا يمر يوم تقريبا دون أن يهاجم الرئيس التركى أو حاشيته أمريكا وأوروبا، رغم أن أنقرة حليف فى حلف شمال الأطلسى (ناتو) ، وكانت مرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبى ، تحت حكم أردوغان ، إلا أنها تراجعت عن مراسيها الغربية وانجرفت إلى مدار فلاديمير بوتين فى روسيا ، الذى تسعى تركيا بشكل كبير إلى تقليد نظامه الاستبدادى الذى يعرف باحتقاره لحكم القانون.
وأضافت أنه لا يمكن أن يكون هناك مثال أوضح على هذا الاحتقار من الأحكام العنيفة التى صدرت الأسبوع الماضى بحق 12 صحفياً وستة موظفين فى صحيفة "جمهوريت" ، آخر معقل إعلام علمانى مستقل فى تركيا. اضطر كان داندار ، محرر الصحيفة السابق ، إلى الفرار إلى ألمانيا بعد اتهامه بالتجسس - وتحديداً نشر تفاصيل شحنات الأسلحة إلى الإسلاميين السوريين من قبل وكالة مخابرات تركية.
والآن يتم إدانة صحيفة "جمهوريت" – تضيف الافتتاحية- بتهم إرهابية غير منظمة ، بما فى ذلك مساعدة جولن و حزب العمال الكردستانى.
ومضت الصحيفة تقول إنه رغم موقف أردوغان من المعارضة، إلا أنه يستجيب للضغط، فأحد أسباب الدعوة إلى الانتخابات المبكرة هو تراجع اقتصاد تركيا، فهو فى حاجة إلى توفير وظائف وخدمات لقاعدته الشعبية.
وفى فبراير ، أطلقت تركيا سراح دينيز يوكيل ، وهو صحفى ألمانى تركى احتُجز لمدة عام على خلفية اتهامات ملفقة مشابعة لتلك الموجهة ضد صحفيى جمهوريت. لكن الحكومة الألمانية ، رغم مغازلتها لأنقرة لمنعها طوفان اللاجئين السوريين ، فقدت صبرها فيما اعتبرته عملية احتجاز رهائن.
وتتجه مجموعة من الحزبين فى مجلس الشيوخ الأمريكى إلى منع نقل المقاتلات من طراز F-35 إلى أنقرة ، ويرجع ذلك أساسًا إلى اعتقاد الولايات المتحدة بشكل متزايد بأن تركيا تحتجز قسًا بروتستانتى ، هو أندرو برونسون ، كوسيلة للمطالبة بتسليم جولن.
وختمت فايننشال تايمز افتتاحيتها بالقول إن أردوغان يوجه دفة تركيا إلى المزيد من الاستبداد.