حراجى القط.. أيقونة العمال فى الشعر كما أبدعها الأبنودى

الثلاثاء، 01 مايو 2018 07:00 م
حراجى القط.. أيقونة العمال فى الشعر كما أبدعها الأبنودى الأبنودى
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

شخصية حراجى القط وزوجته فاطمة من أشهر الشخصيات الأدبية التى وردت فى الشعر العربى، جسدت بالكلمات كفاح العمال والبسطاء فى السد العالى، المشروع الأعظم والأكبر فى مصر القرن العشرين.

وفى عيد العمال نسلط الضوء على ديوان "جوابات حراجى القط" وهو ديوان صدر للشاعر الكبير الراحل عبد الرحمن الأبنودى، وهو من بين الدواوين التى كانت لها قصة مع الأبنودى، فعندما كان مخطوطة كتبها أثناء وجوده فى بناء السد العالى، جمع فيها خطابات متبادلة بين حراجى عامل السد العالى وزوجته "فاطنة"، كما ظل يذكرها الأبنودى، استخدمها الأبنودى ليتحدث عن الغربة والتحولات الكبيرة فى حياة المصريين أيام الستينيات، فحراجى يتحول من فلاح بسيط يعمل بالأجرة فى أراضى الغير فى بلدته الصغيرة فى الصعيد والتى لا يعرف من العالم غيرها إلى عامل فى مشروع السد العالى ويهاجر إلى أسوان، إلا أن القدر سبق الأبنودى بعدما تمت مصادرة تلك الأوراق من جانب السلطات المصرية آنذاك، على خلفية اعتقاله عام 1966 بتهمة الانضمام لأحد التنظيمات الشيوعية، لكنه بعد خروجه شرع فى كتاباته الديوان مرة أخرى ونشره.

ديوان جوابات حراجى القط
ديوان جوابات حراجى القط

ويحكى حراجى فى جوابات لزوجته فاطمة عن مشاهداته وانطباعاته عن أسوان، وكيف أن العمل فى بناء السد العالى كان سبباً فى انفتاح بصيرته على عوالم كانت مجهولة بالنسبة إليه، وحرص هذه الزوجة الريفية البسيطة على معرفة المزيد عن هذه العوالم عبر تساؤلاتها الساذجة فى ظاهرها، والعميقة فى مضمونها.

وقد عبرت شخصية الزوجة "فاطنة" كما كان يحب "الخال" نطقها، فى تلك الجوابات عن المرأة المصرية التى تهب حياتها لزوجها وأولادها وتحفظه فى غربته وتصبر على نسيانه وتقلباته وجسد الأسطى حراجى العامل المصرى البسيط الذى ينبهر فى الغربة بالأشياء الكبيرة التى لم يراها فى بلدته. نتذكر معكم اليوم مقتطفات من تلك المشاعر التى عبرت بشكل أو بآخر عن مشاعر الفقد بسبب الغربة التى شعر بها بشكل أو بآخر كل بيت مصرى.

وبحسب مقالة للكاتب هشام آدم، بعنوان "الرسالة السرية فى (جوابات حراجى القط)"، أن الديوان أظهر الكثير من الملامح المخفية عن حياة الريف المصرى فى أوجهها المختلفة، ونقلتها فى قالب شعرى سهل وممتع جداً، وناقشت القصيدة العديد من الأمور الهامة والمسكوت عنها فى المجتمع الريفي؛ مثل: قضية عمل المرأة، وتنميطها فى قوالب عتيدة ناشئة فى الأصل عن نظرة الرجل الدونية لها، وارتباط المرأة بالرجل فيما يتعلق بالعيش وكسب الرزق، وربما تظهر هذه اللمحة الاجتماعية للعيان فيما جاء على لسان فاطمة أحمد عبد الغفار من احتجاجها على وضع المرأة فى الريف، واستحواذ الرجل على حق العمل.

وتظهر الجوابات التى حولها الأبنودى بعبقريته الشعرية المعهودة من أحد أهم شعراء العامية فى التاريخ، العديد من المشاعر المتبادلة بين العامل وزوجته بداية من حرج الزوج من تأخره فى إرسال رسائل لزوجته "الجوهرة المصونة" كما وصفها، مروا بحكاية عن مشاهدة فى البلد الغريبة أسوان، ومشاع الفقد من الزوجة لزوجها عندما تقول:

فى الليل يا حراجى تهف عليا ما عرف كيف

 هففان القهوة على صاحب الكيف

وبامد إيديا فى الضلمة

 ألقاك جنبى

 طب والنبى صُح ومش باكدب يا حراجى.

ومشاعر الزوج الكبيرة تجاه زوجته ومشاعره المتلهفة تجاها، فيقول:

زوْجتى أم ولادى وتوبى ولحم رقبتى

 فاطنه أحمد عبد الغفار

زوجتى واختى سترى وغطايا

 والكتف اللى تمللى شايلنى وشيلتى

فاطنه يالنضة ليلى وباب بيتى وعيلْتى

 فاطنه يا ست الناس.

لقد استطاع الأبنودى بكلماته أن يرسم ويناقش العديد من القضايا الفكرية والمجتمعية، متطرقا إلى عدة إشكاليات مجتمعية  النواحى الاقتصادية فى تشكيل الوعى الاجتماعى وإعادة صياغته وصياغة الروابط الاجتماعية.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة