هل تعرف كم قصة حب جرت فى المدينة المنورة؟
نعم حب، أكرر، قصص حب
هل كان زواج أهل المدينة فى زمن النبى محمد، صلوات الله وسلامه عليه، يتم بلا حب، بلا مشاعر، بلا شغف، بلا مودة، أم أنه كان نموذجًا فى المشاعر الرقيقة، والرضا، والقبول، و«الحب».
نحن فقراء فى معرفة الحياة الاجتماعية فى المدينة المنورة، ولو عرفناها حق المعرفة، ربما تنقطع الصلة بالإرهاب والتطرف وعداء الفنون، ومخاصمة المشاعر، وجفاء العاطفة، كان الصحابة بشرًا، يقودهم بشر مثلهم، أتاه الله العلم والمعرفة والحكمة، لكنهم كانوا فى نهاية الأمر بشرًا، يحبون، ويشتاقون، ويطربون، ويتزوجون، ويأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق، ويتاجرون، ويتسامرون، ويتبادلون الزيارات العائلية، ويمرحون فى أيام العطلات.
ما ينقله لنا الفقهاء يتعلق بالشرائع والأحكام والقوانين ومظاهر الإدارة وسقطات الحروب العسكرية بين أبناء هذا الجيل الأعظم، لكن الفقهاء لا ينقلون لنا قصص الحب والزواج والأشواق والشعر والأفراح وجلسات الأصدقاء، نحن نعرف المدينة المنورة باعتبارها النموذج الأول، الذى تأسس عليه الإسلام فقهًا وحكمًا ومعاملات، هذه هى الصورة السائدة، وتلك هى الأحكام التى يبتغيها هؤلاء الذين يرون الإسلام «حكما سماويا» وليس «محبة إلهية»، هذه الزاوية التشريعية الفقهية فى رؤية الإسلام أبعدتنا عن جوهر السلوك الاجتماعى «البشرى» للصحابة الكرام، والتابعين من أهل المدينة، ثم من أهل الكوفة، ثم من أهل الشام، ثم من أهل مصر، وكلها بلدان عاش فيها الصحابة، انتصارات كبيرة، وحياة واسعة، تملؤها التفاصيل الاجتماعية والإنسانية والعاطفية، بل وتسودها الأخطاء البشرية العادية، التى لم تقطع فيها الأيدى ولا الرقاب، لأنهم عرفوا هذا الدين حبا وخلقا وكرامة، ولم يعرفوه قضاء وأحكاما وشرائع وقتالا.
المكتبة الإسلامية عبر التاريخ تضم عشرات القصص الإنسانية والاجتماعية من حياة الصحابة فى دولة المدينة، وفى هذه المراجع الكبيرة تفاصيل مدهشة فى الحب والزواج والصداقة والمسامرة والفرح والمرح، قبل وبعد تحريم الخمر، وقبل وبعد استقرار الدولة الإسلامية الأولى، وقبل وبعد رحيل سيد الخلق أجمعين، نبى الرحمة والمحبة والكرامة والعاطفة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.
هل يمكن لأئمتنا الأجلاء أن يقرأوا على هذه الأمة قصص «البشر» من أهل المدينة، بشر شاءت أقدارهم أن يستقبلوا الوحى فى بيوتهم، لكن الوحى لم يجعل من هؤلاء البشر أنصاف آلهة، ولم يقدسهم من دون الناس، ولم يحرمهم من متعة الحياة، الوحى أضاف حياة أخرى إلى حياتهم، لكنه لم يقبض أرواحهم أو ينهى سعادتهم، أو يعطل متعتهم بالدنيا.
تعالوا نرى الصحابة فى بيوتهم، وليس فقط فى ميدان القتال عند جبل أحد، أو خلال حصار بنى قريظة.
ديننا وأمتنا من وراء القصد.