بينما ينتظر العالم قرار الرئيس الأمريكى النهائى حول البقاء أو الانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران، فجر رئيس الوزراء الإسرائيلى مساء الإثنين، قنبلة فى وجه إيران، وخرج بإعلان طارئ ومعلومات بالغة الحساسية حول برنامج نووى سرى لطهران تواصل من خلاله صنع أسلحة نووية، وذلك بعد ساعات من اتصالا هاتفى بينه وبين دونالد ترامب وكذلك اختتام وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو زيارته لإسرائيل ضمن جولة شرق أوسطية شملت 3 بلدان هدفت فى المقام الأول التشاور مع شركاء واشنطن فى المنطقة لتقويض طهران.
وفي إعلان بمقر الجيش الإسرائيلى فى تل أبيب، عرض رئيس الوزراء الإسرائيلى معلومات قال إن إسرائيل حصلت عليها قبل أسبوعين، لمشروع سمى بـ"عماد" النووى السرى وهو عبارة عن مشروع نووى سرى شامل لتصميم وبناء واختبار الأسلحة النووية قال تم تعليقه فى 2003 لكن العمل فى هذا المجال استمر على حد تعبيره.
رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو
وعرض رئيس الوزراء الإسرائيلى العديد من الصور قال إنها تثبت امتلاك إيران رؤوساءً نووية، مضيفًا أن بلاده حصلت على آلاف المستندات والوثائق التى تجرم برنامج إيران لتصنيع أسلحة نووية. كاشفًا عن أن تل أبيب تمتلك نسخًا طبق الأصل من الأرشيف النووى الإيرانى، وتحتفظ به فى خزائن ضخمة. وتعود وثائق وصور عرضها نتنياهو إلى سنوات مضت.
وقال بنيامين نتنياهو، إن طهران لديها المواد الكاملة لتصنيع السلاح النووى، مؤكدًا على أن إيران نقلت برنامج الأسلحة النووية عام 2017 إلى موقع سرى قرب طهران. مضيفًا أن إيران تمتلك مشروعاً سرياً لتصميم وإنتاج واختبار رؤوس حربية.
عرض نتنياهو للمعلومات
وبحسب تصريحات نتنياهو، فإن إيران تطور صواريخها الباليستية والتى يصل مداها إلى 1300 كيلومتر، مشيرًا إلى أن الملفات المتوافرة لدى إسرائيل تثبت أن طهران تكذب على العالم عندما نفت أنها تمتلك أسلحة نووية.
ووفق رئيس الوزراء الإسرائيلى فإن "المواد والوثائق التى حصلنا عليها تظهر أن طهران سمحت بمواصلة مشروع عماد وواصلت استخدام هذا البرنامج المنسق الذى يهدف إلى اختبار 5 رؤوس حربية تعادل 5 قنابل هيروشيما".
نتنياهو
وشدد رئيس الحكومة الإسرائيلية، على أن إسرائيل لديها حوالى 100 ألف وثيقة عن البرنامج النووى الإيرانى، وزعم إلى أن طهران كذبت على الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن أنشطتها، وذكر نتنياهو، أن الاتفاق النووى الإيرانى بُنى على أكاذيب، معربًا عن ثقته فى أن الرئيس الأمريكى دونالد ترمب سيراجع هذا الاتفاق، ويتخذ القرار الصحيح، مؤكدا على أن الاتفاق النووى الإيرانى يمنح طهران طريقاً مباشراً لترسانة نووية.
كيف حصلت تل أبيب على الوثائق المزعومة؟
ويبرز السؤال الأهم، كيف حصلت تل أبيب على الوثائق؟، حيث كشفت اليوم، الثلاثاء صحيفة "نيويورك تايمز" عن تفاصيل العملية التى نفذتها الاستخبارات الإسرائيلية للحصول على الوثائق ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلى رفيع، أن المخابرات الإسرائيلية (الموساد) اكتشفت فى فبراير عام 2016 مستودعا سريا فى طهران كان يستخدم لتخزين ملفات خاصة ببرنامج إيران النووى، وقامت بمراقبة المبنى منذ ذلك الحين.
وحسب المسئول الإسرائيلى، فإن عملاء الموساد اقتحموا المبنى فى إحدى ليالى يناير الماضى وسحبوا الوثائق الأصلية ونقلوها إلى إسرائيل فى نفس الليلة. مضيفًا أن رئيس الموساد يوسى كوهين أبلغ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالعملية خلال زيارته إلى واشنطن فى يناير. وعزا المسؤول التأخير فى الإعلان عن محتوى المواد المستولى عليها إلى أن تحليل الوثائق التى كان معظمها باللغة الفارسية، استغرق قدرا من الوقت.
طهران ترفض الاتهامات وتسخر من نتنياهو.. وردود أفعال دولية
من جانبها لم تتردد طهران فى نفى الوثائق بل والسخرية من رئيس الوزراء الإسرائيلى، واعتبر وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف، أن نتنياهو هو الراعى الكذاب الذى لا يقلع عن عادته، إذ عاد لترويج الأكاذيب عن البرنامج النووى الإيراني.
وكتب ظريف على حسابه على "تويتر": "هذا الصبى لا يستطيع أن يكف عن الكذب على غرار الراعى الكذاب، ويحاول من جديد أن يكرر عادته السابقة، فهو لم يتعظ من فضيحة الرسم الذى عرضه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبإمكانه فقط خداع بعض الناس أكثر من مرة".
وكتب وزير خارجية إيران، فى تغريدة أخرى: "ليس من باب الصدفة أن توقيت هذه الادعاءات الكاذبة المستندة إلى معلومات استخباراتية.. هو قبل أيام قليلة من 12 مايو"، فى إشارة إلى المهلة التى حددها الرئيس الأميركى دونالد ترامب لإعلان موقفه من الاتفاق التاريخى الذى أبرمته الدول الكبرى مع إيران فى 2015 بشأن برنامجها النووى.
BREAKING: The boy who can't stop crying wolf is at it again. Undeterred by cartoon fiasco at UNGA. You can only fool some of the people so many times. pic.twitter.com/W7saODfZDK
— Javad Zarif (@JZarif) April 30, 2018
تبع تعليق ظريف بيانا للخارجية الإيرانية وصف اتهامات رئيس الوزراء الإسرائيلى لطهران بامتلاكها برنامجا نوويا سريا، بـ"المكررة والمخجلة"، ووصفتها بـ"مسرحية هزلية عبثية" قائمة على "الكذب"، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمى: "المسرحية الهزلية الدعائية الأخيرة لرئيس وزراء الكيان الصهيونى هى واحدة من أحدث المسلسلات المكررة للعروض العقيمة والمخزية حول مزاعم البرنامج النووى الإيرانى السري"، مضيفا أنها "تشبث عبثى لمفلس كذاب ومفضوح لم ولا يمتلك سلعة للعرض سوى بث الأكاذيب وممارسة الدجل".
فيما قالت الخارجية الفرنسية، اليوم الثلاثاء، إن المعلومات التى قدمتها إسرائيل تبرز أهمية الإبقاء على الاتفاق النووى مع إيران، مؤكدة على ضرورة أن تواصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية عمليات التفتيش فى إيران.
وأشارت الخارجية الفرنسية إلى أن المعلومات الإسرائيلية الجديدة قد تؤكد الحاجة لضمانات طويلة المدى بشأن البرنامج النووى الإيرانى.
Pres. Trump is jumping on a rehash of old allegations already dealt with by the IAEA to “nix” the deal. How convenient. Coordinated timing of alleged intelligence revelations by the boy who cries wolf just days before May 12. But Trump’s impetuousness to celebrate blew the cover. https://t.co/5gxmmZcrF7
— Javad Zarif (@JZarif) April 30, 2018
الاتحاد الأوربى: لم نر دلائل تفيد بأن طهران غير ملتزمة بالاتفاق النووى
من جانبها علقت مسؤولة السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيرينى، قائلة :" لم أر أن لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم دلائل تفيد بأن طهران غير ملتزمة بالاتفاق النووي الإيرانى". وأضافت موجيرينى: "لقد توصل جميع الأطراف إلى هذه الصفقة (اتفاق إيران النووى) بعد أن تولدت الثقة وتوفرت الضمانات".
أما البيت الابيض قال إن المعلومات التى أعلنتها إسرائيل حول البرنامج النووى الإيرانى توفر تفاصيل جديدة ومقنعة بشأن جهود إيران لصنع أسلحة نووية يمكن إطلاقها من صواريخ.
وأضاف البيت الأبيض، أن هذه الحقائق تتفق مع ما تعرفه الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بأن إيران كانت تملك"برنامج أسلحة نووية قويا وسريا. مشيرا إلى أنه يدرس بعناية المعلومات التى أعلنتها إسرائيل بشأن البرنامج النووى الإيرانى.