هل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب شخصا يفى بوعوده الانتخابية؟!.. سؤال كانت الإجابة عليه تبدو صعبة خلال فترة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فى ظل السلوك غير المألوف للعقارى السرى فى تلك الفترة من ناحية، ومن أخرى عدم الاعتياد على صدور تصرفات من هذه النوعية من شخصية مفترض أنها ستحكم أكبر دولة فى العالم، إلا أن بعد توليه السلطة ومرور أكثر من عام على بقائه داخل البيت الأبيض تغيرت الأمور كثيرا!.
وكان الكثيرون يصفون وعود ترامب الانتخابية بـ"الغريبة" والخيالية، لدرجة أن البعض راهن على عدم تنفيذها من قبيل أنها غير مألوف على الصعيد الدولى، ولتعارضها مع أسس أمريكية راسخة منذ سنوات، إلا أن الرئيس الأمريكى أظهر للعالم أنه لم يكن يمزح، بل عازم على تنفيذ كل ما خطط له غير مبال بالاعتراض، وبعيدًا عن صحة قرارات العقارى الثرى من عدمه، نرصد أبرز وعود ترامب وما تم تنفيذه على أرض الواقع حتى الآن والمتبقى منها.
كأن اتفاقا لم يكن !
الرئيس الأمريكى أطلق عدة وعود بارزة خلال حملته الانتخابية، أحدث ما تم تنفيذه منها، إعلانه أمس الانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى الذى وقعه سلفه باراك أوباما فى يوليو 2015 بمشاركة 6 دول هى "الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا"، ودخل حيز التنفيذ فى يناير 2016.
وبعد الانسحاب الأمريكى من الاتفاق، قال الرئيس الأمريكى إن النظام الإيرانى مول منظومة إرهاب أهدر فيها ثروات شعبه، مشيرا إلى أن الاتفاق النووى سمح لإيران بالاستمرار فى تخصيب اليورانيوم، مضيفًا فى كلمته من البيت الأبيض "هذا الاتفاق الكارثى أعطى النظام الإيرانى الإرهابى ملايين الدولارات".
الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل
وقبل إنهاء اتفاق أوباما مع بلاد الفرس، كان ترامب قد ضرب موعدا مع تنفيذ وعد آخر مثير للجدل، ألا وهو نقل السفارة الأمريكية من العاصمة الإسرائيلية تل أبيب للقدس، والاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل، محققا حلم الإسرائيليين الذى ظل بعيدًا عنهم لسنوات فى ظل رفض الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين الإقدام على تلك الخطوة، لكن فى عهد العقارى الثرى كل شيء ممكن، فلا شفاعة لتاريخ أو لوطن المهم أن يكون الحليف الإسرائيلى فى أفضل حال!.
وفى 6 ديسمبر الماضى، قال ترامب فى كلمة بمناسبة قراره بشأن السفارة والقدس :"حان الوقت للاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل"، واصفا بأن ما يعترف به هو واقع قائم، مضيفًا :"بعد أكثر من عقدين من الاستثناءات لقانون أمريكي يعود إلى العام 1995 يقضى بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس "لسنا اليوم أقرب إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين".
وعود تم تنفيذها
وهناك عدة وعود أخرى نفذها بالفعل الرئيس الأمريكى، من نوعية الانسحاب من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ بعدما وقع عليه أوباما فى 2016 عقب أعوام من المفاوضات تضمنت 12 بلدًا مطلاً على المحيط الهادئ، هى الولايات المتحدة واستراليا وبروناى وكندا وتشيلى واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة وفيتنام، إلا أن فوز ترامب قلب الموازين وأعلن الانسحاب منه قبل دخوله حيز التنفيذ.
وبنفس الكيفية، تعامل ترامب مع نظام الرعاية الصحية بالولايات المتحدة "أوباما كير" رغم أن الكثيرين اعتبروها أحد إنجازات الرئيس السابق، لكن هذا لم يشفع له عند الرئيس الأمريكى الحالى، ليوقع على أمر تنفيذى بشأن هذه النظام فى 13 أكتوبر الماضى، وقال وقتها فى تصريحات أوردتها وكالة رويترز للأنباء :"نسمع عن كارثة أوباما كير منذ فترة طويلة للغاية".
وتعتبر وعود الرئيس الأمريكى المتعلقة بفرض حظر على المهاجرين واللاجئين من أكثر الأمور التى سعى لتنفيذها، إلا أنه اصطدم بمعارضة شديدة جراء إصداره مرسوم حماية الأمة فى 28 يناير 2017، والمتمثل فى القضاء بمنع مواطنى 7 دول من دخول أمريكا لمدة 90 يومًا، وهى "العراق وإيران وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن على أن يتثنى منه حملة التأشيرات الدبلوماسية والرسمية، وكذلك وقف العمل بالبرنامج الفيدرالى للاجئين لمدة 120 يوما، وحظر دخول اللاجئين السوريين لحين إشعار آخر، أو اتخاذ الرئيس قرار مغاير.
ويُشار إلى أن الحاكم الأمريكى تمكن من التضييق كثيرًا على المهاجرين وربما يستطيع خلال الفترة القادمة من تنفيذ رؤيته رغم المعارضة من وسائل الإعلام أو الحقوقيين.
أين جدارى؟!.. ولنجعل أمريكا عظيمة مجددًا
ما سبق الإشارة إليه أعلاه، تعتبر أبزر الوعود التى نفذها ترامب على أرض الواقع إنما يوجد وعودا أخرى ما زالت قيد التنفيذ، أبرزها القضاء على داعش وبالفعل نجحت القوات الأمريكية بمساعدة أطراف أخرى خارجية بالانتصار على تنظيم الدولة، وطرد من عدة معاقل هامة أبرزها الموصل فى العراق والرقة فى سوريا، إلا أن هناك جيوب أخرى مازال يتمركز فيها متطرفو الجماعة الإرهابية."
بينما، يعتبر بناء جدار لمنع المهاجرين غير الشرعيين للولايات المتحدة عبر الحدود مع المكسيك، واحد من أشهر وعود ترامب الانتخابية، لاسيما أنه أعلن بكل ثقة عن نيته إجبار دولة الجوار على تحمل تكلفة بنائه، إلا أنه حتى الآن لم تتحقق الفكرة بشكل نهائى.
وفى 12 مارس الماضى، وفى تقرير أوردته وكالة رويترز، كشف ترامب عن رفضه طلبًا لرئيس المكسيك إنريكى بينيا نييتو بشأن الجدار الحدودى، قائلاً :"الرئيس المكسيكى طلب منى التصريح بأن المكسيك لن تدفع تكاليف إقامة الجدار الحدودى الذى اقترحته الولايات المتحدة"، مضيفًا :"بينيا نييتو رجل لطيف حقا قدم طلبه باحترام وقال لى سيدى الرئيس، أريدك أن تقول إن المكسيك لن تدفع تكاليف الجدار.. وأجبته هل أنت مجنون؟ أنا لن أفعل ذلك".
بينما الوعد الذى سيظل مسار جدلا طوال تواجد ترامب على سدة الحكم، هو جعل أمريكا عظيمة مجددًا، بعدما جعل هذا التوجه شعارًا لحملته الانتخابية إلا أن الرئيس الأمريكى فاجأ الجميع وفقا لما أوردته شبكة "سى إن إن" الإخبارية الأمريكية فى 11 مارس الماضى أنه قدم عرضًا لحملته لعام 2020 المقبل، معلناً أن شعاره الجديد سيكون "حافظ على عظمة أمريكا!" لأن شعار "اجعل أمريكا عظيمة مجددا" أصبح قديما.