رغم إنه رحل فى سن مبكر، إلا أنه ترك اعمالا جسدت حياة الريف والقرية المصرية التى تأثر بها، وتمثل صورا للحياة اليومية التى أجادها إبداعا وعبر عنها بشكل فنى رائع، فكان واحدا ممن جسدوا الحالة المصرية ببراعة فائقة، هكذا كان الفنان الكبير محمود مختار.
وتمر اليوم الذكرى السابعة والعشرون بعد المائة، على ميلاد الفنان والنحات المصرى الشهير محمود مختار، المولود فى 10 مايو من عام 1891، وغاب عن عالمنا فى 28 مارس 1934 عن عمر ناهز حينها 42 عام.
محمود مختار
وإذا تتبعنا بعض أعمال الفنان محمود مختار، مثل تماثيل الفلاحة وحاملة الجرار، يبدو من خلالها أفكاره وانطباعاته عن الريف المصرى والزراعة، يبدو متأثرا فيها بالمصريين القدماء وعظمتهم، كما إنه يبدو مبهورا بالمرأة المصرية، باعتبارها أساس المجتمع المصرى، وسر عظمته وتقدمه عند المصرى القديم، وهى الرمز الدائم عنده لمصر، ورمز العطاء والخصوبة والنهضة، ومكمن الأحزان والأسرار.
وبحسب ما ذكره الكاتب عمر الشريف فى كتابه "أعلام منسية: دراسة تاريخية"، فأن النشأة الريفية كانت لها أثرا بالغا على فنه، فتأثر بنهر النيل وضفافه وحقول القرية واعتمد فى على الفن المصرى القديم، وكان الريف هو العنصر الأصيل الذى اختاره فى بحثه عن الخصوصية المصرية فى فن النحت فجمع فى أعماله بين مشاعر الشعب وأفراحه وأحزانه.
تمثال الفلاحه لمحمود مختار
ويبدو إن الحس الفنى عنده كان مسير بمصير الوطنية، ونجد ذلك جاليا من خلال تمثاليه للزعيم سعد زغلول، والذى أقام له تمثالين واحد بالقاهرة وآخر بالإسكندرية، مستمدا من ثورة 1919 طاقة جياشة تتصاعد من قاعدة التمثالين حتى تصل إلى قمتهما الشاهقة، ففى تمثال القاهرة تمتد يد الزعيم لتبارك الشعب الذى منحته ثقته، كما أقام تمثالا آخر للآلهة إيزيس متمثلا فى الإله أوزوريس بعد أن قتله أخوه إله الشر ست.
تمثال سعد زغلول
ويبقى تمثاله الأشهر "نهضة مصر" ذات قيم وطنية كبيرة، والذى يعد أول عمل نحتى فى العصر الحديث، الذى يعبر عن الفتاة المصرية وقد رفعت بيدها الحجاب الذى كان يغطى وجهها واستنهضت بيدها الأخرى حضارة مصر القديمة ممثلة فى أبو الهول، والذى قال عنها فى مقال له فى مجلة السياسة عام 1928 "مصر ترفع عنها الستر الكثيف الذى كان يحجبها عن الأمم خلال آلاف السنين".
تمثال نهضة مصر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة