تعد جائزة جونكور، المعنية بالأدب المكتوب باللغة الفرنسية، واحدة من أشهر الجوائز فى العالم، والتى تم إنشاؤها تنفيذا لوصية أدموند دى جونكور، الكاتب الفرنسى الشهير، مؤسس أكاديمية جونكور، والذى ولد فى 26 مايو 1822، ورحل عن عالمنا فى 16 يوليو 1896.
ويعد كتاب المغرب العربى، تونس والجزائر والمغرب، من أكثر الكتاب المؤهلين أو ممن يمكنهم المنافسة فى هذه الجائزة، نظرًا لإجادة اللغة الفرنسية، إضافة إلى الكتاب الذين انتقلوا للعيش فى فرسنا لسنوات طويلة، أتاحت لهم إجادة اللغة، وتمكن بعضهم من الحصول على هذه الجائزة المرموقة.
ومن أشهر الكتاب الحاصلين على جائزة جونكور والناطقين باللغة العربية الكاتب والشاعر والمفكر المغربى طاهر بن جلون، والروائية المغربية - الفرنسية ليلى سليمانى، والكاتب اللبنانى أمين معلوف، الأمر الذى يدفعنا لأن نسأل الكتاب الناطقين باللغة العربية والمنتمين إلى بلاد المغرب العربى، أو غيرها، ويعيشون فى فرنسا منذ عشرات السنين، ويكتبون بالفرنسية ويجيدونها، لماذا لا تكتب روايتك باللغة الفرنسية عوضا عن انتظار ترجمتها، وأيضًا من أجل المنافسة فى إحدى أهم الجوائز الفرنسية؟
فى البداية، قال الكاتب التونسى الحبيب السالمى، الذى يعيش فى فرنسا لـ"اليوم السابع": "أنا أكتب باللغة العربية، وتغير نمط الكتابة من اللغة العربية، إلى أى لغة أخرى، يحب أن يأتى من داخل الكاتب نفسه، أن تكون لديه علاقة حميمية بهذه اللغة، أنا أكتب بالفرنسية، أستطيع أن أكتب مقالا، أو بحثا، وأجيد ذلك، فاللغة الفرنسية بالنسبة لى هى أداة تواصل، لكن عندما يتعلق الأمر بالإبداع، فهو يختلف تماما عن كونها أداة للتواصل، إلى لغة إبداعية خارجة من روح الكاتبة، فمنذ أن ذهبت إلى فرنسا وحتى اليوم، لم أشعر بأن لدى رغبة فى أن أكتب رواياتى باللغة الفرنسية".
وحول إذا ما كان يحلم بأن تصل رواياته إلى أكبر شريحة فى المجتمع الفرنسى والفوز بجائزة جونكور، قال الحبيب السالمى: "أنا لا أكتب بحثا عن الشهرة أو الانتشار أو الجوائز، وأقول هذا بكل صدق، أكتب لأن لدى حاجة ماسة لأن أكتب، أنا كاتب عربى، وأريد أن أكتب لجمهور عربى، نعم تمت ترجمة 6 روايات من أعمالى إلى اللغة الفرنسية".
أما الكاتبة العراقية إنعام كجه جى، التى تعيش فى فرنسا لما يزيد على 30 عاما، فتقول: "حينما ترجمت إحدى رواياتى إلى اللغة الفرنسية، شعرت بأنها وطدت دخولى فى المجتمع الفرنسى، إلا أننى لم أفكر يوما فى أن أكتب باللغة الفرنسية، لأن العربية هى لغتى، ولا أجيد التعبير بشكل حميم إلا بها، أحيانا أكتب مقالات باللغة الفرنسية، لكن قارئ هو العربى، وتحديدًا هو القارئ العراقى".
وقالت إنعام كجه جى: "لا يعنى أن أعمالى ترجمت إلى اللغة الفرنسية ضمن سلسلة "من العالم أجمع"، لدى دار جليمار، بأننى أصبحت كاتبة عالمية، ولكن المهم بالنسبة لى هو أن ما أكتب عنه يهم القارئ العراقى فى المقام الأول".
وفى نفس السياق، فهناك الكاتبة اللبنانية هدى بركات، الحائزة على وسام الثقافة والفنون برتبة فارس، والذى يعد واحدًا من أرفع أربعة أوسمة تمنحها فرنسا لمن أبدعوا فى الفنون أو الآداب أو فى نشر الثقافة الفرنسية فى العالم، فقالت: "لم أفكر يوما فى أن أكتب باللغة الفرنسية، فأولا أنا كاتبة عربية، وأكتب باللغة العربية، وتعلمت العربية وأحبها واستمر فى تعلمها، على الرغم من أنها لغتى، ولا أكتب باللغة الفرنسية إلا فى حالات معينة، مثل كتابة مهرجان، أو مقال، ولكن لغتى الأساسية هى العربية، ولم استنفذ جماليتها حتى أذهب إلى لغة أخرى".
حينما أكتب روايتى باللغة العربية فأنا أكتب كل جملة فيه بحالة جسدية، أكون فيها بحاجة ماسة إلى حروف "الحاء" و"الخاء" وبعض الحروف الأخرى التى لا توجد فى اللغة الفرنسية، ولهذا أصبحت لدى قناعة بأن ما كتبته باللغة العربية لو كنت قد كتبته بالفرنسية لأصبحت كتب أخرى، فالكتاب أو الرواية هى لغته أو لغتها، وليس الوعاء الذى تضع فيه النص.