تحاول تونس القفز فوق أزمتها الاقتصادية المتفاقمة فى ظل ارتفاع التضخم وتراجع تصنيفها الإئتمانى من قبل المؤسسات المالية الدولية، وهى الأزمة التى برزت عقب ثورة يناير 2011، وتضاعفت مع فشل الحكومات المتعاقبة حتى الآن فى احتواء التدهور الاقتصادى، وتعانى الدولة التونسية من استنزاف مواردها بشكل كبير لعدم توقف الاحتجاجات الاجتماعية، التى تتجدد بين الحين والآخر، ما أدى إلى تعطيل القطاعات الحيوية، ومنها قطاع إنتاج الفوسفات الذى تعتمد عليه تونس فى دخلها بشكل كبير، وتعثر قطاع السياحة بفعل الإرهاب.
واتخذت وزارتى النقل والتجارة التونسى أمس قرارًا بزيادة فى أسعار وسائل النقل العامة على كافة مستوياتها بنسبة 13%، يبدأ تنفيذها منذ أول شهر يوليو المقبل، ويأتى هذا القرار بعد شهر من قرار الحكومة التونسية رفع أسعار البنزين والوقود بنحو 3 % للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر منذ مطلع العام.
الحكومة ترفع أسعار المواصلات العامة
وقالت صحيفة الشروق التونسية اليوم، إنه بمقتضى مقررات من وزيرى النقل والتجارة تم إقرار زيادة فى تعريفات النقل العمومى غير المنتظم، ويشمل القرار قطاعات التاكسى الفردى والجماعى والنقل الريفى والنقل بين الولايات والتاكسى السياحى بنسبة 13%، ويتم العمل بهذه الزيادة ابتداء من أول يوليو 2018.
ومن المتوقع، أن يتم مراجعة أسعار البنزين مجددا بعد ثلاثة أشهر وفقا لعملية الإصلاح التى تتبناها الحكومة، يأتى هذا الرفع الجزئى عن دعم البنزين بتونس بعدما كشف الوزير المكلف بالإصلاحات الكبرى، توفيق الراجحى، أن دعم المحروقات لسنة 2018 سيكلف البلاد 3 مليارات دينار، وذلك بسبب ارتفاع سعر البرميل (حاليا يبلغ 70 دولارا)، وعدم تطبيق الإصلاح المتعلق بالتعديل الآلى للأسعار.
وتندرج زيادة أسعار الوقود ضمن حزمة إصلاحات يطالب بها صندوق البنك الدولى، تماشيا مع أسعار النفط العالمية، وتهدف لحل أزمة الاقتصاد التونسى، وبحسب وثيقة نشرتها رئاسة الحكومة، فى وقت سابق، سيتم تطبيق آلية التعديل التلقائى لأسعار البنزين بانتظام كل ثلاثة أشهر، حتى حصر حجم دعم المحروقات بما لا يضر بالتوازنات المالية.
تاكسى تونس
وبلغت نسبة التضخم فى تونس الشهر الماضى 7.7 %، مقابل 7.6 % فى شهر مارس، و6.9 % فى يناير الماضى، ووفقا لآخر بيانات إحصائية فإن نسبة التضخم أدت إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 8.9% وأسعار النقل بنسبة 10.5%، وأسعار المواد والخدمات المختلفة بنسبة 10.2 %، وزيادة أسعار التأمينات بنسبة 9.3 %، والخدمات المالية بنسبة 7.5%.
وحذّر البنك المركزى التونسى من تفاقم عجز الميزان الطاقى خلال الأشهر القادمة بفعل تجاوز ارتفاع سعر البترول وتجاوز البرميل عتبة 75 دولارا فى الأسواق الدولية وتراجع الإنتاج الوطنى، فى وقت استمر فيه الميزان التجارى خلال الربع الأول من العام الجارى فى الارتفاع رغم الصادرات الهامة لزيت الزيتون والصناعات المعملية.
وشدد البنك المركزى، خلال حزمة توصيات ضمنها ضرورة وضع برنامج للنجاعة الطاقية يرتكز على استغلال الطاقات المتجددة وترشيد الاستهلاك، وأكد البنك المركزى فى نفس التقرير "ضرورة استعادة نسق إنتاج الفوسفات فى تونس وتسويقه، باعتباره بات أمرا حتميا من أجل الحفاظ على الأسواق الخارجية وتعزيز تدفق العملة الصعبة"، وأكد معدو التقرير، ضرورة مواصلة الإجراءات المعمول بها لترشيد الواردات والمواد التى ليس لها فاعلية فى سلاسل القيمة الوطنية.
نقل تونس
ووضع صندوق النقد الدولى خارطة طريق لتونس، معتبرًا أن أولويات الحكومة للعام 2018 لابد أن يكون فى زيادة حصيلة الضرائب والامتناع عن زيادة الأجور، إلا إذا حقق النمو ارتفاعا غير متوقع، وزيادة أسعار الوقود على أساس فصلى، وطالب الحكومة بتسريع وتيرة الإصلاحات لخفض العجز.
وتستهدف تونس، أن يكون الدين العام عند مستوى أقل من 70% من الناتج المحلى الإجمالى بحلول 2020، مقابل 72.1% متوقعة للعام الحالى، وخلال السنة المالية الحالية، أقرت الحكومة التونسية مجموعة من الإجراءات الهامة للسيطرة على الإنفاق العام والحد من الاعتماد على الديون، كان من أبرزها استئناف برنامج المغادرة الطوعية للعاملين فى القطاع العام، وربط زيادات الأجور الحكومية بالنمو الاقتصادى.
وتعد فاتورة الأجور هى الأكبر فى الأزمة الاقتصادية التونسية، حيث قال صندوق النقد أن فاتورة الأجور زادت من 10.7% من الناتج المحلى الإجمالى فى 2010 إلى 14.5% من الناتج فى 2016، وفى حال عدم تطبيق إجراءات للحد من هذه الفاتورة ستزيد الأجور إلى 15% من الناتج فى 2018
وفى هذا الإطار تعمل الحكومة على إعادة هيكلة المؤسسات العمومية التونسية التى تقع فى مستنقع المديونية والعجز، حيث أجمع كل الخبراء أن وضعية المؤسسات العمومية التونسية تجاوزت كل الخطوط الحمراء إذ وصلت خسائرها إلى 7000 مليون دينار، وهذا الكم الهائل من الخسائر سيتواصل فى ظل ارتفاع أعداد عمالها وموظفيها ليصل إلى 190 ألف شخص وهو ما جعل كتلة الأجور بها تلامس 11240 مليون دينار، حيث نصح عدد من الخبراء الحكومة بخصخصة المؤسسات العمومية المفلسة والتى تكلف الدولة ما لا طاقة لها به.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة