-عم أحمد صانع قدرة الفول: بحب شغلى وورثته عن أبويا بس الدق طول النهار عملى مشاكل فى السمع والقعدة جابتلى خشونة فى المفاصل ومش هسيب المهنة عشان بحبها
- محمد المصرى قضى 40 عامًا فى صناعة الفوانيس: القعدة دى مش سهلة وسببت تعباً فى الرقبة والظهر بس مكمل فى الشغلانة وبنطورها كل سنة
لكل موسم بهجته الخاصة والمميزة، التى تعكس قدومه، واستعداداته التى ترتبط به، وخلف كل بهجة صانع مميز لا يمكن أن يكتمل هذا الموسم بدون مهنته.
قدرة فول، وفانوس بشمعة، وعربة عرقسوس وسوبيا تلف الشوارع، هكذا تهل علينا بهجة رمضان، ويبدأ صناع هذه البهجة الاستعداد لموسمهم الخاص، فهذا يصنع الفوانيس، وذلك يصنع قدرة الفول وأوانى العرقسوس والسوبيا، هنا فى منطقة القاهرة القديمة، خاصة شارع أمير لجيوش بحى باب الشعرية والدرب الأحمر، ولكن هل فكر أى منا فى الجانب الآخر لحياة هؤلاء الصنايعية؟، وما يتعرضون له من تأثيرات مختلفة نتيجة لطبيعة عملهم الذى أتقنوه وتفننوا فى الاستمرار فيه لحبهم له.
على مدار ما يقرب من 60 عامًا، أتقن عم أحمد عباس، صناعة «قدرة الفول»، فى ورشة صغيرة بشارع أمير الجيوش، يبدأ عمله مع شروق الشمس، يحضر أدواته المختلفة ويبدأ بالطرق هو وجيرانه من أصحاب الورش المختلفة على الألومنيوم لصناعة وتشكيل الأوانى المختلفة، من قدرة الفول وأوانى العرقسوس وغيرها.
ويتحدث عم أحمد عباس، عن مهنته قائلًا: «أنا ورثت المهنة عن والدى وجدى واشتغلت فيها من وأنا عندى 6 سنين ودلوقتى عمرى 65 سنة، واختلفت المهنة عن زمان، من حيث سعر الخامة، والخامة نفسها، الأول كانت بتتعمل من الفخار والنحاس الأحمر وكان بيشتريها أصحاب المستوقدات الفول العامة، ودول اختفوا ومابقوش موجودين لأن الكل دلوقتى بيشتغل على الغاز الطبيعى ودلوقتى بيشتغل فى الألومنيوم والأسعار كمان اختلفت».
وأضاف أحمد عباس: «شغلانتنا لها مواسم وأكتر فترة بيكون البيع فيها أكتر هو شهر رجب وشعبان ورمضان، وسبب استمرارى فى صناعة قدرة الفول، هو حبى للمهنة رغم أنها تسببت فى كثير من المتاعب الصحية زى مابقتش أسمع كويس، آلام فى الظهر، وتعب فى الأعصاب وحساسية بالصدر بسبب الأبخرة وخشونة فى المفاصل وزادت مع كبر السن، لكن الحمد لله، أنا معنديش تأمين صحى، وبتعالج على حسابى.
ولأن عم أحمد لم ينجب صبيان، لم يورث مهنة صناعة قدرة الفول لأحد من أبنائه، قائلًا: «أنا معايا ثلاث بنات وكلهم شهادات عليا، ولو معايا ولد لو مش بيحب المهنة مش هشغله فيها لأنها مهنة حرفية وبتحتاج مجهود عصبى وذهنى وبتاكل عضم البنى آدم».
ويتحدث عم محمد حسين، صانع قدرة الفول، لـ«اليوم السابع»، أنا من صغرى وبشتغل فى دق قدر الفول، وطوال فترة شبابى، لم أشتك من أى ألام بالظهر أو بالمفاصل، وكنت بكسب منها كويس والحمدلله، لكن بعد ماكبرت بدأت التعب يظهر وبدأت أحس بألم فى ظهرى وخشونة فى المفاصل، لكن عشان لقمة العيش، أستمريت فى الشغلانة، لحد ماكبرت ومقدرتش أكمل، والحمد لله عندى معاش بيساعدنى فى العلاج.
فى حوارى الدرب الأحمر، تجد العديد من الورش المجاورة لبعضها والتى تعمل فقط فى صناعة الفوانيس وتصليحها، عم محمد المصرى، واحد من أقدم العاملين فى هذه المهنة، ورثها أبًا عن جد ويسعى لتطويرها واستمراراها.
تحدث عم محمد المصرى عن مهنته قائلًا: «أنا بقالى 40 سنة فى المهنة دى ورثتها عن أبويا وجدى، وطول السنة شغالين مش فى شهر رمضان بس، ودايمًا بنطور فيها عشان نقدر ننافس الفوانيس الصينى، والزبون بيفضلها لأن أرخص من المستورد وفيه زباين بتحب الفوانيس القديمة بتفكرها بزمان، والحمد لله بكسب منها كويس وإلا كنت أشتغلت حاجة تانية، ولما الدنيا تنام ومفيش شغل بشتغل حاجة تانية جنبها زى سمكرى أو حداد، وبرضوا علمت ولادة المهنة دى وشغلانة تانية جنبها، لأن لازم الواحد يتعلم كذا مهنة وإلا هيشحت».
وعن متاعب مهنة صناعة الفوانيس الصاج، قال عم محمد المصرى، الشغلانة دى عيوبها: إنها بتتعب الأعصاب بسبب التركيز وتخليص الطلبات للزباين قبل رمضان، وكمان القعدة دى مش سهلة إن أقعد ساعات بلحم فى الفانوس، وأصلحه بدأت أحس مع الوقت بآلام فى الرقبة والظهر، والمفاصل كمان».
وفى الورشة المجاورة يجلس عم سيد المصرى، أحد صانعى الفوانيس والذى يعمل أيضًا سمكرى، فى غير موسم رمضان، يجلس لمدة 4 ساعات أمام هياكل الفوانيس لضبطها، وربطها بالأجزاء الأخرى لتكوين الشكل الأخير لها، يقول أنا بقالى زمن فى الشغلانة دى وهنا فى الدرب الأحمر معروفين بصناعة الفوانيس القديمة، بأشكالها المختلفة، واللى لحد دلوقتى لها زبونها، مفيش مهنة مش بتسبب تعب، وصناعة الفوانيس بتسبب تعب أعصاب، بسبب ضغط الشغل، وعشان مانحسش بتعب فى الظهر بنبدل الساعات مع بعض يعنى كل صنايعى يقعد 4 ساعات يشتغل وزميله يستلم بعده، وأهو ماشية الحمد لله».
أستاذ أنف وأذن: التعرض للأصوات العالية يسبب ضعفًا فى السمع
دكتور وائل أبو الوفا، أستاذ جراحة الأنف والأذن والحنجرة، أن التعرض لأصوات عالية لفترات طويلة يؤدى إلى ضعف بالسمع، وذلك لأن الصوت يمر بمراحل متعددة للوصول للمخ، وهى كالآتى: الطبلة ثم عظيمات الأذن ثم القوقعة ثم عَصّب السمع ثم المخ، والقوقعة بها شعيرات دقيقة تتحرك مع الصوت وفى حالة التعرض لصوت عال لفترة طويلة يحدث خلل فى هذه الشعيرات، وهذا يؤدى إلى ضعف بالسمع وطنين مزمن بالأذن.
مدير مستشفى الصدر سابقًا: التعرض للأتربة يسبب الإصابة بحساسية الصدر
طبيعة عمل هؤلاء الأشخاص قد تكون سببًا أيضًا فى إصابتهم بمشاكل صحية أخرى بسبب ما يستنشقونه بشكل دائم من رواسب المعادن، التى يتم تصنيعها، ووفقا لما أكده الدكتور محمود عبدالمجيد، مدير مستشفى الصدر بالعباسية سابقًا، إن استنشاق الأتربة ورواسب المعادن وعوادم السيارات لفترات طويلة من الأسباب الشائعة للإصابة بحساسية الصدر، مما ينتج عنه بعض الأعراض مثل ضيق الشعب الهوائية المسببة صعوبة فى التنفس، الأمر الذى يتطلب الانتظام فى العلاج الذى يتضمن أدوية تعمل على توسيع الشعب الهوائية ومنع الأزمات الربوية، مشيرًا إلى أن المريض إذا لم ينتظم فى العلاج يتعرض لضيق فى التنفس ويحتاج لوضعه فى جهاز أكسجين.أستاذ «عمود فقرى»: المشكلات الصحية التى يشكو منها هؤلاء العمال منطقية
الدكتور محمود عبدالغنى، أستاذ جراحة العظام والعمود الفقرى بكلية الطب جامعة الأزهر، قال إن المشكلات الصحية التى يشكو منها هؤلاء العمال منطقية، ونتيجة طبيعية لآلية عملهم.
وأوضح عبدالغنى أن الجلوس لفترات طويلة، يسبب زيادة فى الوزن، مما يؤدى إلى زيادة الحمل على العظام، والإصابة بالهشاشة، وكذلك الشعور بآلام بالظهر وترقق العظام.
وأضاف أن آلام الرقبة تنتج عن زيادة حمل الرأس على الرقبة، الذى يحدث فى حالة ميل الرأس لفترة طويلة، خاصة مما يسبب زيادة حمل على غضاريف الرقبة، مثال العمال الذين تتطلب صناعتهم وضعية معينة للرقبة.
وأكد الدكتور أمين عبدالحميد عبدالهادى، استشارى أمراض العمود الفقرى بجامعة الأزهر، أن الجلوس بوضع القرفصاء يزيد من الخشونة المفاصل وسرعة تآكلها، وكذلك ثنى الرقبة لفترة طويلة يؤدى إلى تنميل وثقل فى الذراعين.
كيف تحافظ على صحتك؟
الدكتور ياسين درويش، استشارى السلامة والصحة المهنية، أن معظم العاملين فى الصناعات اليدوية تحديدًا عادة ما يواجهون مشكلت صحية محددة من ضمنها، آلام العمود الفقرى أو أسفل الظهر نتيجة الجلوس لفترة طويلة.
وأوضح أن هذه الأمراض المهنية تظهر مع مررو الوقت، نتيجة تراكم التصرفات الخاطئة سواء عند الجلوس أثناء العمل أو الوقوف لفترة طويلة، ثم يبدأ العامل يشعر بالأعراض واحدة تلو الأخرى، حتى تسبب مشكلة صحية، لذلك فإن المزيد من التوعية قد يساعد هؤلاء العمال فى حماية أنفسهم من هذه الأمراض. وأضاف أن الدولة تعمل خلال الفترة الحالية على تعديل قوانين الخاصة بحقوق العمال، وخاصة الاهتمام بتطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية، سواء فى الورش أو المصانع والشركات، مشيرًا إلى أنه يجب على العامل اتباع عدة خطوات للوقاية من الأضرار الصحية الناتجة عن العمل منها إزالة عوامل الخطر وإرتداء ماسك واق لليد ونظارة للوقاية من شرارة النار عند اللحام، والجلوس بوضعية صحيحة لتجنب آلام الظهر.
وقالت الدكتورة أمانى محمد اليمانى، رئيس قطاع التدريب بالمركز القومى، لدراسات السلامة والصحة المهنية تأمين بيئة العمل، إننا فى حاجة لتطبيق مزيد من الرقابة على المحلات والورش للتأكد من سلامة الأدوات المستخدمة فيها أولا، وكذلك للتأكد من تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية. للرقابة على المحلات والورش للمراقبة على المواد والأدوات المستخدمة فى الورش والمحلات للتأكد من تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية، بالإضافة إلى أنه يجب على صاحب العمل تطبيق مبدأ الثواب والعقاب على العامل، لإجباره على تطبيق معايير السلامة.