منذ اندلاع ثورة 30 يونيو 2013، التى أطاحت بحكم "المرشد" وأخرجت محمد مرسى من قصر الاتحادية، مستعيدة وجه مصر وهويتها من قبضة التنظيم الدينى المتطرف والمدعوم من قوى ودول إقليمية، تخرج علينا بين حين وآخر، شخصيات من السياسيين أو الحقوقيين المحسوبين على الجماعة، أو قريبى الصلة بها، مرة سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون، ومرة كمال الهلباوى المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان فى أوروبا، لطرح ما يُسمّى بـ"المصالحة الوطنية" أو بلفظ أوضح وأكثر صراحة "المصالحة مع الإخوان".
تكرار هذه الدعوات وإثارتها على فترات متقاربة، يطرح تساؤلات عديدة حول من يقف وراء هذه الدعوات، وأهدافها المباشرة، ومن هذه التساؤلات على سبيل المثال لا الحصر: هل هذه الدعوات صادرة من أصحابها دون تنسيق مع تنظيم الإخوان؟ أم أن الجماعة تلعب من وراء الستار، وتستعين بهذه الشخصيات لطرح المبادرة؟ وهل تدفع الإخوان أموالا لهذه الشخصيات مقابل إثارة زوبعة "المصالحة" بين وقت وآخر؟
عدد من القيادات السابقة بجماعة الإخوان، كشفوا تفاصيل السيناريو الذى يبدو أنه مكرر ومعروف داخل الجماعة، وهو كيف تدفع الإخوان بشخصيات مدعومة من جانبها، أو على صلة قوية بها، لإعلان دعوات المصالحة المشبوهة، متوقعين أن يتزايد الأمر وترتفع وتيرة تكراره فى الفترة المقبلة.
فى هذا الإطار، قال إبراهيم ربيع، القيادى السابق بجماعة الإخوان، إن هناك تنسيقا بين الإخوان وأصحاب مبادرات "المصالحة"، ضاربا المثال بالقيادى الإخوانى السابق كمال الهلباوى، قائلا: "تنظيم الإخوان مأزوم، ويحاول تفتيت جدار الممانعة الشعبية، ويسعى لإرباك وعى الشعب المصرى ليعود ويسمم حياة المصريين، كما أن التنظيم يدرك أن المزاج المصرى العام يرفض وجودهم سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا، ويدرك أيضا أنه يتم الآن بناء وعى جمعى باتجاه إنهاء التنظيم فى كل ما سبق".
دعوة الهلباوى تأتى ضمن عادة الإخوان للإرباك والشوشرة
القيادى السابق بالإخوان إبراهيم ربيع
وأضاف ربيع، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، قائلا: "كعادة التنظيم فى الإرباك والشوشرة ومحاولة الاختراق، يكلف بين حين وآخر أحد مستخدميه والمتعاونين معه بإثارة موضوع المصالحة مع التنظيم، وبالتوازى يشن التنظيم حملات إعلامية مصاحبة، لابتزاز المصريين وإرباك وعيهم الجمعى كى يقبلوا عودته مرة أخرى، والتنظيم يدرك عمق الأزمة التى يعيشها، وهى أن معركته فى السابق كانت مع الأنظمة، وكان الشعب منصة الدعم المنعوى والحضانة الاجتماعية للتنظيم ليمارس التفريخ المريح لعناصره، أما منذ 3 يوليو 2013 أصبحت معركته مع الشعب ومؤسسات الدولة".
وأكد القيادى السابق بالإخوان، أن "تنظيم الإخوان انتهازى، ويبحث عمّن يمكنه استغلال ظروفهم لتحقيق أهدافه، وأتوقع أن هذا ما تم مع كمال الهلباوى، عضو الإخوان السابق الباقى على الود مع التنظيم، وربما يكون التنظيم الدولى قد استضاف الهلباوى فى لندن، والحديث عن ظروفه من حيث التقدم فى السن واعتلال الصحة واستنفاد المدخرات المالية وغيرها من الظروف، تجعل الإنسان فى احتياج، والاحتياج بداية التنازلات، ومن هنا يعرض التنظيم طلباته مقابل حل كل هذه المشكلات، والإيعاز للهدف، وهو هنا الهلباوى، بأنه وجه مقبول لدى النظام والشعب، والمطلوب منه أن يتقدم بمبادرة للمصالحة بين التنظيم والدولة، بزعم حقن الدماء، وكأن التنظيم يهمه أمر الدماء المصرية المقدسة، التى أهدرها عن عمد وإصرار ويقين".
ودعا القيادى السابق بتنظيم الإخوان لعدم الاهتمام بمبادرات المصالحة، قائلا: "فى هذا الصدد أتمنى ألا نلقى كمصريين بالاً لهذه الصيحات المضللة والمربكة وأن تكون لدينا أجندة واضحة ومحددة وصارمة تجاه هذا التنظيم القاتل"، وطرح "ربيع" أجندة للتعامل مع الإخوان، ممثلة فى تفكيك التنظيم داخل البلاد وتسليم السلطات الأمنية خريطة التنظيم فى كل محافظات مصر، وتسليم السلطات المصرية خريطة الاستثمارات والكيانات الاقتصادية التابعة للتنظيم داخل البلاد، وأيضا تسليم السلطات المصرية خريطة التحالفات بين التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية وغير الإرهابية المتواجدة داخل البلاد".
واختتم "ربيع" حديثه بالقول: "هذا التنظيم تم تكوينه فى الأساس بمخالفة صارخة لكل الأعراف والقوانين الدولية والمحلية، ليكون دولة موازية، وآن الأوان لإنهاء كل كيان موازٍ، لتحرير الانتماء الوطنى، وإزالة آثار العدوان الإخوانى على الشخصية المصرية".
التنظيم يستغل المنشقين لطرح مبادرات مشبوهة
المحامى مختار نوح
"الإخوان طرحت مبادرتها الأخيرة المشبوهة من خلال كمال الهلباوى".. هكذا فسر المحامى مختار نوح، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، والقيادى السابق بجماعة الإخوان، إثارة فكرة المصالحة مع الجماعة مؤخرا من خلال الهلباوى.
وقال "نوح"، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، إن كمال الهلباوى لم يعد له أى وجود فى المجلس منذ أكثر من 6 أشهر، إذ لم يعد يحضر الاجتماعات أو يشارك فى أية أمور تخص المجلس، لافتا إلى أنه ارتكب فى الآونة الأخيرة أخطاء عديدة، كان أكبرها خطأ المبادرة التى أعلنتها جماعة الإخوان الإرهابية من خلاله.
وأضاف عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن جماعة الإخوان وقنواتها الإرهابية تروج للمصالحة المزعومة على أنها من الدولة، وتعمل دائما على تقديم كمال الهلباوى باعتباره عضوا بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، للإيهام بأن الأمر مرتبط بالدولة، على غير الحقيقة، مشيرا إلى أن كل ما بدر من "الهلباوى" وما تضمنته مبادرته لا يعبر عن وجهة نظره، وإنما هو توجه إخوانى جرى إعلانه من خلاله، وبالتأكيد لا علاقة للمجلس القومى لحقوق الإنسان به.
الإخوان تروج لمبادرات المصالحة عبر وجوه تابعة لها
العقيد تامر صابر
فى السياق نفسه، أكد العقيد حاتم صابر، الخبير فى مكافحة الإرهاب الدولى، إن جماعة الإخوان الإرهابية تعمل على الترويج لكل المبادرات المشبوهة التى يجرى إطلاقها عبر وجوه تابعة لها، للدعوة لما يُسمّى بـ"المصالحة" مع التنظيم الإرهابى، وفى سعيهم لتحقيق هذا الهدف أصبحوا يُصدّرون أشخاصا تابعين لهم بالأساس، والمثال على هذا المبادرة الأخيرة التى صدرت من كمال الهلباوى، الإخوانى السابق، فقامت الجماعة بالترويج لها على أنها من الدولة ومخاطبة وسائل الإعلام الغربية على ذلك".
وأضاف الخبير فى مكافحة الإرهاب الدولى، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن كل ما تقوم به جماعة الإخوان هى مجرد خطط خبيثة الغرض منها هى الضغط على الدولة والترويج للمبادرات المشؤومة التى من وراها التنظيم الدولى للإخوان وتركيا وقطر.
كان كمال الهباوى، القيادى السابق بجماعة الإخوان الإرهابية، قد طرح مبادرة قال البعض إنها مشبوهة للتصالح مع جماعة الإخوان الإرهابية، وهى المبادرة التى قوبلت برفض واسع من أطياف المجتمع المدنى، وأعضاء مجلس النواب، الذين أكدوا ضرورة عزل "الهلباوى" من عضوية المجلس القومى القومى لحقوق الإنسان، الذى انقطع عن اجتماعاته قبل شهور، مع عودته للإقامة فى العاصمة البريطانية لندن، التى تولى منصبا بالتنظيم الدولى للإخوان فيها طيلة سنوات.