مع اقتراب شهر رمضان الكريم تتجه أنظار المستثمرين إلى قطاع الأغذية فى البورصة المصرية، بسبب توقعهم أن تحقق نتائج أعمال شركات القطاع خلال الربع الثانى، أعلى ربحية، ولذا يتجهون إلى تعبئة محافظهم الاستثمارية ببعض من أسهم ذلك القطاع مثل المستهلكين الذى يقومون بتعبئة ثلاجتهم بمنتجات تلك الشركات.
يتميز قطاع الأغذية والمشروبات فى البورصة المصرية بكثرة وتنوع الشركات المدرجة التى تصل إلى 29 شركة ما بين شركات المطاحن الحكومية وشركات الدواجن وشركات الأغذية الاستهلاكية وشركات التصنيع الزراعى وشركات الزيوت، وهى مجموعة متكاملة من الشركات تخدم قطاعا كبيرا من السوق الاستهلاكى الأكبر فى إفريقيا الذى سيتجه خلال أيام قليلة إلى الشهر الأعلى استهلاكاً فى أشهر السنة.
وترفع شركات الأغذية من حجم إنتاجها خلال شهر رمضان لمواجهة الطلب المتوقع منذ بداية الشهر حتى نهايته، إذ يعد الغذاء هو قبلة المستهلك المصرى خلال الشهر الكريم، كما تعمل شركات الأغذية على وضع استراتيجيات مختلفة لمواجهة زيادة الطلب سواء بإضافة خطوط إنتاج جديدة أو إعادة هيكلة خطوط التوزيع وزيادة الحملات الإعلانية وذلك للفوز بنصيب الأسد من مبيعات الشهر المؤكدة.
وعادة ما تشهد أسهم ذلك القطاع حالة من الانتعاش فى شهر رمضان مع اتجاه المستثمرين، خاصة الأفراد المصريين من الاستفادة من الإقبال على تلك الأسهم أملا فى تحقيق ربحية قصيرة الأجل، خاصة وأن تلك الأسهم مع أسهم شركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامى ترتبط نفسيا مع المستثمرين بدوراتها الاقتصادية الصاعدة فى ذلك التوقيت كل عام، خاصة فى ظل سوق متذبذب وعالى السيولة فى نفس الوقت وهو ما قد يدعم مزيد من الارتفاع فى تلك الفترة.
وقال صلاح حيدر المحلل الاقتصادى، إن قطاع الأغذية شهد تغيرات كثير منذ نهاية عام 2016 مع قرار الحكومية تعويم الجنيه أمام الدولار ومن ثم موجة تضخمية عاتية ضربت كافة عناصر التكاليف المختلفة التى تقوم عليها جميع أنواع شركات القطاع الغذائى، فقطاع الأغذية الاستهلاكية أصابه ارتفاع أسعار الدولار بشكل كبير، لأنه يعتمد على عناصر إنتاجية مستوردة مثل الألبان المجففة والأطعمة والشيكولاتة بالإضافة إلى ارتفاع ضريبة القيمة المضافة وارتفاع التكلفة التمويلية بشكل كبير مع ارتفاع أسعار الفائدة سبعة نقاط منذ نهاية 2016 إلى نهاية 2017 .
وأضاف حيدر، لـ"اليوم السابع"، أن العديد من الشركات استطاعت أن تواجه تلك الموجة التضخمية وتقلص القوة الشرائية للمستهلك المصرى من خلال نقل نوعى للتكلفة إلى المستهلك النهائى وتحمل بعضاً من التكلفة التى أثرت بلا شك على ربحيتها مع نهاية عام 2017.
أما بالنسبة لشركات الدواجن والتى أيضا واجهت أعباء وتكاليف إضافية نتيجة استمرار أزمة ارتفاع أسعار الأعلاف، مما دفع جزءا منها للعمل بأقل من طاقتها الإنتاجية، وأدى إلى تفاقم خسائر بعضها وتقليص أرباح البعض الآخر، وساهم التعويم فى بقاء أسعار الأعلاف عند مستويات مرتفعة وتتحكم الأسعار العالمية فى سوق الأعلاف بمصر؛ نظراً إلى أن المصانع المحلية تعتمد على توفير نحو 90% من مدخلات الإنتاج عبر الاستيراد من مناشئ (البرازيل، والأرجنتين، وأوكرانيا، وأستراليا).
وأشار حيدر، إلى أنه رغم كل تلك المعوقات التى يواجهها قطاع الأغذية إلا أن هناك سوق استهلاكى ذو طلب عالى للغاية نظراً للكثافة السكانية العالية التى تتميز بها مصر بالإضافة إلى ثقافة الاستهلاك التى عادة ما تشجعها الشركات فى شهر رمضان لذلك فأن تحويل جزء من تلك الأعباء على المستهلك النهائى لن يؤثر على معدلات الطلب بشكل كبير، خاصة خلال شهر رمضان، ولكن استمرار تحويل التكلفة إلى المستهلك على المدى الطويل قد تدفعه فى النهاية إلى التأثير بشكل كبير على الثقافة الاستهلاكية نظرا لارتفاع أعباء المعيشة.
جدير بالذكر، أن مصر تمكنت من زيادة صادراتها من قطاع الأغذية عام 2017 ليصل إلى 32 مليار دولار مقارنة بـ 25.4 مليار دولار فى عام 2016 بنمو بلغ 1.6٪، وتأثر القطاع فى الاقتصاد المصرى الذى لم يتحرك بمرونة كافية لتراجع الجنيه بشكل كبير إلى حظر عدد من الدول المنتجات المصرية فى 2016 و2017 وإن بدأت الصادرات فى التعافى فى نهاية 2017 وبداية 2018 مع المساعى الحكومية لفتح أسواق جديدة للصادرات المصرية.
ومن جانبه، قال إسلام عبد العاطى المحلل الفنى، إن قطاع الأغذية والمشروبات يتمتع بالمقومات التى تدعم نشاطه، وتزيد من تنامى الفرص الاستثمارية للشركات خلال الفترة المقبلة.
أضاف أن شركات القطاع الخاص استطاعت خلال الفترة الأخيرة التغلب على المقومات التى واجهتها بالتزامن مع تفعيل برامج الإصلاح، من خلال تعويض الزيادة فى تكلفة الإنتاج برفع أسعار المنتجات، مما دعم مبيعات الشركات على الرغم من انخفاض معدل القوة الشرائية وتراجع الكميات المباعة.
أوضح أن القطاعات الاستهلاكية لاسيما الأغذية والمشروبات تندرج ضمن القطاعات الدفاعية القادرة على التغلب على المتغيرات الاقتصادية، خاصة فى ظل الطبيعة الاستهلاكية للمصريين، متوقعا استعادة القطاع لنشاطه بشكل تدريجى بالتزامن مع حلول شهر رمضان، وزيادة الإقبال على المنتجات الغذائية.
وأشار عبد العاطى إلى قطاع شركات الأغذية الحكومية، أن هذه الشريحة من الشركات مازالت تعانى من عدة عقبات تحول بينها وبين استغلال الفرص الاستثمارية التى يتمتع بها القطاع، فمازالت هذه الشركات تفتقر للترويج والدعاية اللازمة لتعريف المستهلكين بمنتجاتها، فضلا عن تدنى جودة المنتجات، الأمر الذى دفع القطاع الخاص نحو رفع الأسعار لتعويض التراجع فى معدلات الشراء، موضحا أن هذه الشريحة من الشركات قد تضررت بصورة كبيرة خلال الفترة الأخيرة مقارنة بالقطاع الخاص.
وفى سياق متصل، أكد على ضرورة تنشيط وتعزيز صادرات المنتجات المصرية، وذلك عبر التأكيد على جودة المنتجات والالتزام بالمعايير الدولية الخاصة بنسب المبيدات والكيماويات للمحاصيل الزراعية، موضحا أن رفع حجم الصادرات واقتحام الأسواق الخارجية وعلى رأسها السوق الأفريقى يُعد الخطوة الرئيسية أمام استعادة الصناعة لنشاطها وتصدرها للقائمة الاستثمارية لشريحة كبيرة من المستثمرين الأجانب.
وعلى صعيد البورصة، قال عبد العاطى إن قطاع الأغذية غير ممثل بالدرجة المتوافقة مع حجم استثماراته بالسوق المحلى، مؤكدا أن تنشيط القطاع بالبورصة وزيادة عدد الشركات الممثلة يحمل بين طياته دعما لزيادة جاذبية القطاع لمزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو غير المباشرة لاسيما عبر اقتناص عدد من صفقات الاستحواذات أو الاندماجات .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة