د. نور الدين توتو يكتب: رمضــان طوق النجــــاة

الجمعة، 18 مايو 2018 08:00 ص
د. نور الدين توتو يكتب: رمضــان طوق النجــــاة شهر رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تأتي أهمية شهر رمضان من حيث أنه فريضة وركن من أركان الإسلام ، استقر حبه في القلوب، للكبير والصغير، للغني و الفقير علي السواء. ومع ذلك فشهر رمضان لا يحقق الهدف منه وهو : التقوى !! ومن نافلة الحديث القول: بأن رمضان هو شهر الإستغفار .. شهر الرحمة .. شهر المغفرة .. والمسلمون في رمضان أمامهم فرصة كبيرة، يستطيعون من خلالها أن يتغلبوا علي الشيطان .... وأن يحولوا خوفهم أمنا .. وغفلتهم يقظة .. كما يستطيعون أن يحققوا معيتهم مع الله ، ويطبقوا السيادة علي الأرض والعبودية لله .

ومع ذلك فإننا رغم تلك المقومات الرمضانية نجد أن الشعوب الإسلامية في كثير منها، شعوب أميّة، مئات الملايين من أبنائها لا يقرأون ولا يكتبون، ومعرفتهم بالإسلام وارتباطهم به يتم عن طريق السماع، ونتيجة الأمية لا يستطيعون التفرقة بين ما هو جوهري وما هو غير جوهري.

 وقد تحدث كثيرون عن ارتباط تخلف المسلمين عن غيرهم في العالم بتخلف المفاهيم الدينية .. والفارق كبير بين " الدين " و " التديّن " بين الإسلام كما أنزل من رب العالمين ومن مصادره الأصلية في الكتاب والسنة، والإسلام كما فهمه ناس في عصور مختلفة بمفاهيم مختلفة، وفسّروا النصوص تفسيرات أخذت ألوانا مختلفة من أثار عقائدهم القديمة التي كانوا يعتنقونها قبل الإسلام .

والغريب العجيب أن نلم من يتطاول علي شعائر الإسلام ومنها الصوم، ذلك أنهم لا يعيرونه اهتماما، أو قل بأنهم تشبهوا بالغرب، فأفرغوا الصيام من مضمونه، وتشبهوا بالغرب في تركهم الجانب الروحي وتركيزهم علي المادة .!! كما افتقدوا نزعة التقوى ولم يفهموا الصيام كوسيلة من وسائل التقوى، كما لم يفهموا كيف إنّ التقوى تحمى المسلم من همزات الشياطين . قال تعالي : "إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكّروا فإذا هم مبصرون".

وقد كان لتلك الآية فوائد كثيرة منها:

أن أصل المتقين السلامة من الشيطان، وإن عرض طيف في بعض الأحيان.أن المّس ملامسة من غير تمكن (لا) كالكفّار فإن الشيطان يتجرأ عليهم.الإشارة بالطيف في الاية معناه: أنه لا يمكن أن يأتي القلوب الدائمة المتيقظة، إنما يأتي القلوب في حين منامها يرجو غفلتها. ومن لا نوم له فلا طيف يرد عليه.الاية ذكرت " تذكروا" ولم تقل " ذكروا، إشارة أن الغفلة لا يطردها الذكر، إنما يطردها التذكر والاعتبار، لأن الذكر ميدانه اللسان والتذكر ميدانه القلب.

من هنا كان رمضان الفرصة التي يمكن من خلالها مقاومة الشيطان، وتثبيت العقيدة، والقضاء علي نزغات الشياطين، وتحقيق مبدأ العبودية لله والتسخير في الأرض ... كما يمكن ربط الدين بالدنيا . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " إذا خرج الرجل من منزله فقال: " بسم الله توكلت علي الله ،ولا حول ولا قوة إلاّ بالله " يقال له : "هديت ووفيت وكفيت " قال: فيلقي الشيطان الشيطان فيقول له : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي ".

الصيام وسيلة للتقوى:

التقوى سفينة النجاة ... التقوى حرز من الشيطان ..

الصيام أعظم وسيلة لتحقيق التقوى التي هي صمام الأمان وطوق النجاة للإنسان المسلم، بالصوم يستطيع المسلم أن يقهر عدو الله ( الشيطان ) . وبالصوم تضعف القوى التي هي وسائل العودة إلي الشرور.

ومن الأهمية بمكان الشعور بالجوع والعطش والشعور بالضعف أثناء النهار فيصفو عند ذلك قلبه، ويستديم في كل ليلة قدرا من الضعف حتي يسهل عليه تهجده وأوراده .. قال تعالـي : "وبالأسحار هم يستغفرون "

وقد روى عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مرّ بقوم يضحكون فقال : " إن الله عزّ وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه لطاعته ، فسبق قوم ففازوا ، وتخلّف أقوام فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون! أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته !!.

 أي كان سرور المقبول يشغله عن اللعب ، وحسرة المقصر تسد عليه باب الضحك .

وعن الأحنف بن قيس أنه قيل له : إنك شيخ كبير وإن الصيام يضعفك، فقال: إني أعده لسفر طويل، والصبر علي طاعة الله سبحانه أهون من الصبر علي عذابه قال صلي الله عليه وسلم : "إنّ الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته "

كلمــة :

التقوى  .. الصيام  .. الإخلاص ..  الأمانة .. الزهد  .. الإعتكاف .. الاستغفار .. تلاوة القران .. الصدقة .. الكرم والبذل والعطاء  ..

كلها مقومات تؤكد كيف أن رمضان طوق النجاة .. كيف أن الصيام وسيلة للتقوي ...كيف أن الإسلام حقق التوازن بين المادة والروح ... كيف أن الإسلام لم يقهر حاجيات البشر ولم يكن حجرة عثرة أمام متطلبات الحياة.

وبالله التوفيق والله سبحانه وتعالي من وراء القصد,,







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة