الكثير من المواطنين ليسوا على دراية بنصوص القانون، ما يجعلهم عرضة للمشاكل، وفى إطار علاج مشكلة الزيادة المضطردة فى عدد القضايا، ولتبسيط سير الإجراءات تخفيفًا عن كاهل القضاء، يستعرض "اليوم السابع" تعريف مفهوم سبق الإصرار والترصد فى ارتكاب الجرائم.
تعريف سبق الاصرار:
مفهوم سبق الإصرار هو ظرف يتطلب عنصر نفسى، وأثر سبق الإصرار فى العقوبة هو ظرف ذو طبيعة شخصية لا يمتد إلى الشركاء، ومفهوم سبق الترصد هو ظرف يتطلب عنصر مكانى، وأثر سبق الترصد فى العقوبة هو ظرف ذو طبيعة موضوعية ويمتد إلى الشركاء.
تعريف الترصد:
الترصد أن تترصد بالمجنى عليه حتى تتم الجريمة جريمة "القتل العمد" مع سبق الإصرار والترصد عرفت لأول مرة عام 1963 فى محاكمة مارك ريتشاردسون، الذى أدين بقتل زوجته سيندى كليف، ريتشاردسون خطط لقتل زوجته لمدة ثلاث سنوات اعتباراً من الوقت الذى تزوجا فيه وقد أدين بالقتل العمد وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
سبق الإصرار فى جريمة القتل العمد:
القتل العمد المشدد هو تلك الجريمة التى يقرر لها القانون عقوبة أشد من تلك التى قررها للقتل العمد البسيط نتيجة اقترانه بظروف مشددة، والظروف المشددة هى عناصر أو وقائع تلحق بالفعل الإجرامى وتكشف عن خطورة زائدة لفاعلها وتستتبع توقيع جزاء رادع يلائم تلك الظروف.
أولا: سبق الإصرار
ويعرف سبق الإصرار بأنه "القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية ويكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين وجده أو صادفه، سواء كان ذلك القصد معلقا على حدوث أمر أو موقوفا على شرط"، ويعد سبق الإصرار وفق التعريف السابق أحد الظروف المشددة التى لو ارتبطت بسلوك إجرامى معين يكون الغرض منه قتل شخص ما أصبحنا أمام جريمة قتل عمدى مشدد ويقتضى ذلك رفع العقوبة إلى الإعدام، إذ إن التشديد هنا يرجع إلى الخطورة المتزايدة للجانى وعزمه وتصميمه وتخطيطه لارتكاب الجريمة.
ويتحقق سبق الإصرار بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيدا عن ثورة الانفعال مما يقتضى الهدوء والروية قبل ارتكابها علاوة على أنه يعد فى حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة، بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها قاضى الموضوع من الوقائع والظروف المحيطة.
ويقوم سبق الإصرار على عنصرين أولهما نفسى والثانى زمنى:
1. العنصر النفسى:
يعتبر العنصر النفسى هو جوهر سبق الإصرار ويعنى أن الجانى قد فكر فى الجريمة المقدم عليها تفكيرا هادئا متزنا ورتب وسائله وتدبر عواقبه أى أنه يقدم على الجريمة بعد دراسة هادئة رزينة وبعد أن تكون قد زالت ثورة الغضب من نفسه، وقد ذهب البعض إلى أنه يشترط لسبق الإصرار أن يكون الجانى فى حالة يتسنى له فيها التفكير فى عمله والتصميم عليه، فلا وجود له إذا كان الجانى لا يزال تحت تأثير عامل الغضب الذى يمنعه من التفكير وهو هادئ البال، كذلك ذهب إلى أن "سبق الإصرار يستلزم أن يكون الجانى قد أتم تفكيره وعزمه فى هدوء يسمح بترديد الفكر بين الإقدام والإحجام وترجيح أحدهما على الآخر".
2.العنصر الزمنى:
يرتبط العنصر النفسى المشار إلية آنفا بعنصر آخر لازما لإتمام سبق الإصرار ألا وهو العنصر الزمنى وهو يعنى مرور فترة زمنية قد تطول أو تقصر بحسب الأحوال بين التفكير فى القتل وبين تنفيذه، وتقدير توافر العنصر الزمنى وطول أو قصر مدته يعد من الأمور التقديرية التى تخضع لتقدير المحكمة، ويتحقق سبق الإصرار حتى لو كان موقوفا على أمر أو معلق على شرط ومثال ذلك إصرار الجانى على قتل عدوه إذا عاد للتعرض إليه أو لذويه مرة أخرى أو أن يصمم أحد المرشحين فى الانتخابات على قتل خصمه إذا انتصر عليه فى الانتخابات.
ويتحقق سبق الإصرار ولو حصل خطأ فى شخصية المجنى عليه أو بسبب الحيدة عن الهدف، ويتحقق أيضا سواء كان القصد محدودا أو غير محدود، وجدير بالذكر أن الطبيعة القانونية لسبق الإصرار تعتبره من الظروف الشخصية التى ترتبط بالقصد الجنائى والتى يقتصر أثرها على شخص من توافرت لديه إذ إنها ترجع إلى نفسية الجانى، لذلك فإن المساهمين الأصليين أو التابعين لا يضارون بتوافر سبق الإصرار لدى الجانى وإن كان توافر سبق الإصرار لدى أحد المساهمين فى الجريمة يعد قرينة قوية فى الغالب على توافره لدى الباقين، ويخضع تقدير ذلك لقاضى الموضوع ولظروف وملابسات كل واقعة على حدة، وبتوافر سبق الإصرار بعنصرية ترفع العقوبة إلى الإعدام، ويخضع البحث فى وجوده أو عدم وجوده أو استظهاره لقاضى الموضوع إذ إنه من الأمور النفسية التى لا يجدى فيها الاستناد إلى شهادة الشهود.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة