لا يزال ملف الأحزاب الدينية ومراجعة مواقفها القانونية والدستورية مطلب ملح، خاصة بعد تورط عدد منها فى ارتكاب أعمال إرهاب وعنف من خلال الاتصال بجماعات محظورة والاتفاق فيما بينها على التحريض ضد مؤسسات الدولة، وقفا لما أقرته النيابة العامة من قبل فى تحقيقاتها، وربما ظهر ذلك مؤخرا مع حزبى "مصر القوية" الذى يترأسه عبد المنعم أبو الفتوح، والمحبوس حاليا على ذمة التحقيقات فى القضية رقم 440 حصر أمن الدولة لسنة 2018، وحزب "البناء والتنمية" والذى كان يترأسه طارق الزمر القيادى بتنظيم الجماعة الإسلامية، والذى تواصل دائرة الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا، دعوى حله وأجلتها لجلسة 2 يوليو المقبل.
فى يونيو من العام الماضى كان هناك تحرك للجنة شئون الأحزاب السياسية برئاسة المستشار عادل الشوربجى، رئيس اللجنة وقتها، حيث أحالت أوراق 6 أحزاب دينية للنائب العام لإعداد تقرير بشأنها حول ما إذا كانت هذه الأحزاب قد خالفت شروط التأسيس المنصوص عليها فى قانون الأحزاب السياسية، خاصة بعد أن تلقت اللجنة بلاغات تتهم هذه الأحزاب بالمشاركة فى أعمال إرهابية، وكانت هذه الأحزاب هى: البناء والتنمية، والنور، والوسط، والاستقلال، وغد الثورة، والوطن، ومنذ ذلك التحرك لم يجد جديد فى هذا الملف، بخلاف الخطوة التى اتخذتها اللجنة فى يونيو 2017 حيث أحالت أوراق حزب البناء والتنمية، إلى المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، للنظر فى طلب حل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التى يؤول إليها، لمخالفته الدستور والقانون.
ويوجه البعض المسئولية فى عدم متابعة هذا الملف إلى لجنة شئون الأحزاب بصفتها المختصة فى اتخاذ الإجراءات المتعلقة بمراجعة موقف الأحزاب، وفقا لقانون الأحزاب السياسية، وأنها تسير ببطء كبير فى هذا الملف، بينما طالب البعض الآخر بضرورة تعديل تشريعى لقانون الأحزاب السياسية، بما يعزز من دور لجنة شئون الأحزاب، حيث إن دورها فى القانون الحالى يقتصر على مجرد إخطار تأسيس الحزب والتأكد من استيفاء الشروط الخاصة بالقانون، وهو دور هامشى وفقا لما صرح به المستشار عادل الشوربجى رئيس لجنة شئون الأحزاب السابق.
المستشار فايز شكرى حنين، عضو لجنة شئون الأحزاب، قال لـ"اليوم السابع"، إن لجنة شئون الأحزاب لم تتلق جديدا من النيابة العامة بشأن ملف عدد من الأحزاب، والتى كانت اللجنة وفق تشكيلها السابق قد طلبت من النيابة تقارير بمواقفها للتأكد من عدم مخالفتها لشروط الاستيفاء، مضيفا، أن اللجنة تتحرك بعد ورود شكوى رسمية لها يتم بناء عليها عقد اجتماع للبت فى مصير هذا الحزب، طبقا لنص المادة 17 من قانون الأحزاب السياسية.
ونص قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977، والمعدل بالمرسوم رقم 12 لسنة 2011، على عدد من الضوابط شرطا لاستمرار وجود أى حزب سياسى، وحال فقد هذه الأمور يمكن أن يتعرض الحزب للحل من خلال لجنة شئون الأحزاب السياسية، التى يترأسها النائب الأول لرئيس محكمة النقض.
ونصت المادة (4) من القانون على هذه الضوابط، علاوة على ما نصت عليه المادة (17) من القانون، من حق رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بمخاطبة المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب، إذا ما ثبت مخالفته للقانون.
وتنص المادة (4) من القانون على: يشترط لتأسيس أو استمرار أى حزب سياسى ما يأتى:
عدم تعارض مبادئ الحزب أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه فى ممارسة نشاطه مع المبادئ الأساسية للدستور أو مقتضيات حماية الأمن القومى المصرى أو الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والنظام الديمقراطى.
عدم قيام الحزب فى مبادئه أو برامجه أو فى مباشرة نشاطه أو فى اختيار قياداته وأعضائه على أساس دينى أو طبقى أو طائفى أو فئوى أو جغرافى أو بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
عدم انطواء وسائل الحزب على إقامة أى نوع من التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية، وعدم قيام الحزب كفرع لحزب أو تنظيم سياسى أجنبى، وعلانية مبادئ الحزب وأهدافه وأساليبه وتنظيماته ووسائل ومصادر تمويله.
وتنص المادة (17) من القانون على: "يجوز لرئيس لجنة الأحزاب السياسية – بعد موافقتها – أن يطلب من الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا الحكم بحل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التى تؤول إليها، وذلك إذا ثبت من تقرير النائب العام، بعد تحقيق يجريه، تخلف أو زوال أى شرط من الشروط المنصوص عليها فى المادة (4) من هذا القانون.
وعلى المحكمة تحديد جلسة لنظر هذا الطلب خلال الثمانية أيام التالية لإعلانه إلى رئيس الحزب بمقره الرئيسى، وتفصل المحكمة فى الطلب خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ الجلسة المذكورة".
وبالرغم من صدور حكم فى سبتمبر 2015 من محكمة القضاء الإدارى بإلزام لجنة شئون الأحزاب بمراجعة موقف 11 حزبا دينيا، بناء على دعوى أقامها المحامى "عصام الإسلامبولى" يتهم هذه الأحزاب بأنها قائمة على أساس دينى وهو ما يخالف الدستور، علاوة على مشاركتها فى أعمال إرهابية، إلا أن اللجنة وحتى الآن لم تحسم أمر هذه الأحزاب بعد مرور ما يقرب من 3 سنوات على الحكم.
على جانب آخر انتهى النائب أحمد رفعت، عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من إعداد مشروع قانون يتعلق بضرورة مراجعة موقف جميع الأحزاب السياسية وليس الدينية فقط، بحيث يشمل مواقف الأحزاب الضعيفة التى ليس لها تمثيل فى البرلمان، والتى ليس لها وجود فى الشارع.
ويقول النائب أحمد رفعت لـ"اليوم السابع"، أن فلسفة مشروع القانون الذى سيتقدم به رسميا خلال أيام للبرلمان تقوم على فكرة مراجعة موقف جميع الأحزاب السياسية وليست الأحزاب القائمة على أساس دينى فقط، مضيفا، أن عدد الأحزاب السياسية وصل حتى الآن 106 أحزاب سياسية، غالبيتها لا يعلم عنها أحد ولا وجود حقيقى لها، وهذا ليس فى صالح الحياة السياسية.
ويتابع، أن مشروع القانون الجديد ينص على تشكيل لجنة برلمانية تقوم بمهمة المراجعة ورقابة جميع الأحزاب من حيث مخالفتها للقانون والدستور من عدمه، وتجرى حوارات مع الأحزاب، وتسعى إلى عمليات دمج للأحزاب السياسية، مؤكدا على أن فكرة اندماج الأحزاب لا يمكن أن تتم من خلال الحوار فقط، لأنها تفقد كثير من القيادات السياسية مناصبهم، بالتالى لابد من إلزام ووجود ضوابط وقانون يحكم هذه المساءلة.
وحول ما إذا كان مشروع القانون يتعارض مع قانون الأحزاب السياسية، أكد النائب أحمد رفعت على أن هذا المشروع مختلف، لأنه يتحدث عن اندماج الأحزاب، ومراجعة مواقف الأحزاب القائمة حتى غير المخالفة.
وعن الأحزاب الدينية وموقفها فى مشروع القانون، قال النائب أحمد رفعت، إن أساس مشروع القانون هو الحفاظ على الأمن القومى المصرى وعدم المساس به، فالحزب القائم على أساس دينى، هو خالف شروط تأسيسه، وينص مشروع القانون على دعوة هذه الأحزاب للحوار فى البداية، إما أنه يندمج فى حزب آخر ويتراجع عن نشاطه المعادى للدولة، أو يتم اتخاذ ما يلزم لشطبه، وهنا فى هذه الجزئية، لا بد أن تتواصل اللجنة المنصوص عليها فى القانون، مع لجنة شئون الأحزاب السياسية لاتخاذ الإجراءات القانونية تجاه هذه الأحزاب.