الدكتور نبيل فهمى وزير الخارجية السابق لـ"اليوم السابع": حلم الدولة الفلسطينية قائم وأقوى من قرارات ترامب.. مصر نجحت فى وضع الفصائل الفلسطينية فى أول طريق المصالحة.. وحجم مصر ثقيل جدًا إقليميًا وعربيًا

الثلاثاء، 22 مايو 2018 03:37 ص
الدكتور نبيل فهمى وزير الخارجية السابق لـ"اليوم السابع": حلم الدولة الفلسطينية قائم وأقوى من قرارات ترامب.. مصر نجحت فى وضع الفصائل الفلسطينية فى أول طريق المصالحة.. وحجم مصر ثقيل جدًا إقليميًا وعربيًا الدكتور نبيل فهمى وزير الخارجية السابق
حوار محمد كامل - تصوير أشرف فوزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

السنوات الطويلة التى قضاها الدكتور نبيل فهمى، سفيرًا فى واشنطن وفى أروقة الخارجية المصرية عقب ثورة 30 يونيو، جعلت منه دبلوماسيًا مخضرمًا يشارك فى محافل دولية مهمة وعديدة، ويقدم قراءة منطقية للأحداث التى تعصف بمنطقة الشرق الأوسط الملتهبة، فوزير الخارجية السابق ترك الدبلوماسية ولم تتركه، وهو ابن الوزير إسماعيل فهمى الذى سيظل من أعلام الدبلوماسية العربية.

 

ومن منطلق خبراته الممتدة أكد فهمى أن نقل واشنطن سفارتها من تل أبيب إلى القدس لن يؤثر على القضية الفلسطينية كونها أكبر من قرارات ترامب، "اليوم السابع" التقاه ليفند التحديات الإقليمية العربية، وما يتعلق بالقضية الفلسطينية وسوريا وليبيا، وكيف يمكن للقاهرة لعب دور فى إعادة التوازن العربى؟؛ وإلى نص الحوار..

 

كيف ترى مستقبل عملية السلام بعد نقل السفارة الأمريكية للقدس؟ وهل انتهى حلم الدولة الفلسطينية؟

حلم الدولة الفلسطينية قائم منذ نشأة دولة إسرائيل، فقرارات الأمم المتحدة منذ البداية تدعو إلى إنشاء دولتين، لا يخفى على أحد أنه مر بأزمات كثيرة، لكنه يبقى أقوى من حادث أو أزمة أو تعنت دولة أو خطأ تاريخى فى قرار دولة أخرى حتى لو كانت دولة عظمى، مثلما رأينا أخيراً فى مسألة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لكن الحلم قائم وإن شاء الله يتحقق للشعب الفلسطينى المكافح فى حلمه وحقه المشروع.

لكن نحن نمر بأزمة فى عملية السلام، بل وهناك غياب كامل لها وتشكيك خطير ممنهج فى أسس هذه العملية، فعندما يقرر راعى عملية السلام تجاهل تلك الأسس ونقل سفارته إلى أرض محتلة، فلم يعد يصلح كراعى رئيسى ووحيد لها، وبالإضافة إلى اختلال فى الموقف الأمريكى هناك تعنت وتجاوز من الجانب الإسرائيلى، كما أن حراك الشعب الفلسطينى على الأرض لرفض القرار أمر متوقع، لكن سقوط هذا العدد من الضحايا فى يوم واحد رقم رهيب.

 

ولا أتوقع استئناف عملية السلام بجدية على المدى القريب، لعدم جدية إسرائيل والانحياز الكامل فى الموقف الأمريكى، ويجب أن يكون هناك رعاية دولية مشتركة لعملية السلام وتستند لشرعية الأمم المتحدة، والأمر سيأخذ وقتا، لكن الحلم قائم وعلينا أن نواصل السعى إلى تحقيقه.

 

لكن هل هذا التصعيد قد يتطور إلى حرب؟

قتل هذا العدد من الفلسطينيين ليس بشىء يمكن التهوين به، وهو بمثابة حرب على المدنيين، ومحاولة القضاء على حلمهم، وأحذر من أن قتل حلم السلام يولد التطرف والعنف.

وبعد حرب أكتوبر ومع استئناف مسار السلام فى مؤتمر مدريد كنا نأمل أن نشهد تقدماً للحل الشامل، وسلام عربى إسرائيلى، بإنهاء احتلال أراض عربية وإقامة الدولة الفلسطينية، وللأسف بعد 25 عاماً نشهد تراجعاً وتقاعساً كبيراً فى جهود السلام.

 

وماذا عن الدور المصرى فى المصالحة بين الفصائل الفلسطينية؟

هناك تباين حاد بين الفصائل الفلسطينية حول المستقبل، وبصرف النظر عن توجه حماس السياسى الإسلامى، وتوجه السلطة العلمانى أو أنه هناك خطأ حدث بإخراج السلطة من غزة فإن استمرار هذا الوضع لن يكون إلا على حساب السلطة الفلسطينية، وعلى الطرفين العودة بجدية لمصالحة تعيد للسلطة مركزيتها ومكانتها وتأخذ فى الاعتبار مصالح أهل غزة بما فى ذلك التيارات المختلفة، لأن الخطر الحقيقى ليس فى اختلاف الرؤى إنما تداعيات الانقسام على الحلم الفلسطينى، وأتذكر حوارا بينى وبين الراحل الرئيس ياسر عرفات فى نهاية التسعينيات حول اختلاف الرؤى الفلسطينية أكد فيه "أن تحقيق الحلم الفلسطينى ومواجهة الاحتلال الإسرائيلى يجب أن تكون لهما الأولوية وبعد ذلك يمكن التوقف عند اختلافات أيديولوجية فلسطينية"، وأدعو الأطراف الفلسطينية المختلفة للعودة مرة أخرى إلى وضع الأولوية الفلسطينية الوطنية قبل أى مواقف أخرى، والجهد المصرى طيب ونجح فى وضعهم فى أول الطريق، لكن حتى الآن لم نستطع إرساء أسس المصالحة.

 

وماذا لدى العرب ليفعلوه؟

المجتمع الدولى لم يكن مرتاحاً للقرار الأمريكى، مما دفع عدد من حلفائها والدول الكبرى لعدم المشاركة فى الاحتفال، وإنما قرر عدد من الدول الإفريقية واللاتينية المشاركة، وتلك المناسبة دليل على أن الجهد العربى لم يكن بالنشاط أو الفاعلية المطلوبة.

وكيف رأيت احتفال سفارة إسرائيل بالقاهرة بذكرى تأسيسها؟

 من المعتاد أن تلتقى وفود عربية وإسرائيلية فى محافل دولية لإجراء نقاش جاد حول القضايا، أما الاحتفال فأمر صعب فى غياب السلام الشامل، وإنما هذه أول مرة يقام الاحتفال فى مكان عام، وليس بمقر السفارة، هذا دليل على أن الظرف العام بالشرق الأوسط أعطى ثقة لإسرائيل رغم توقف التقدم بعملية السلام، نظريًا من حق أى سفارة إقامة حفل فى مكان خاص أو عام، لكن الحالة الإسرائيلية العربية لها وضعية خاصة لارتباط الرأى العام الشديد بالقضية الفلسطينية، لذلك إقدام السفارة الإسرائيلية على هذه الخطوة دليل على شعورها بثقة.

 

قلت سابقا أن الاتفاق النووى الإيرانى به جوانب إيجابية وأخرى سلبية..هل توقعت إلغاءه؟

ترامب شخصية غير تقليدية، لذلك من يقول أنه توقع قيامه بإجراءات معينة فهو غير صادق ومبالغ، لكن من الواضح أن الرئيس الأمريكى يتخذ قرارات مرتبطة بوعوده الانتخابية، ولذا لم استبعد كلية انسحابه من الاتفاق رغم تردده فى أول الأمر من اتخاذ هذه الخطوة، شخصياً كنت أرى الاتفاق النووى مع إيران خطوة غير مكتملة فى الأساس، ويعيبها ثلاث عناصر، فمثلاً يغيب عنه صفة الدوام، ولم يضبط الجموح الإيرانى فى المشرق والخليج العربى وسياسات إيران الخشنة، بجانب مسألة الصواريخ الباليستية.

 

اقترحت مصر منذ 1974 ثم فى بداية التسعينيات إنشاء منطقة خالية من السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل بالشرق الأوسط، وأقترح الآن بأن يتم النظر للاتفاق الحالى مع إيران كبداية، وأن تلتزم كافة دول المنطقة بالتفاوض الجدى وتسعى لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل بالمنطقة، وأول خطوة هى إيداع تلك الدول وثائق بمجلس الأمن بالتزام إنشاء المنطقة خلال 10 سنوات من الاتفاق النووى الإيرانى ليكون هناك اتفاق أشمل قبل انتهاء مدة الاتفاق الحالى، على أن يتم من الآن بدء تفاوض تحت رعاية الدول الخمس دائمة العضوية، وأقترح قيام الوكالة الدولية للطاقة النووية والمنظمة الخاصة بالأسلحة الكيميائية بطرح وإجراءات بناء ثقة مع المنظمات المعنية، فضلا عن إصدار إعلان مشترك بحسن الجوار مع دول المنطقة لكبح جماح التواجد غير الشرعى عبر الحدود، وهذه عملية ليست سهلة لكنها تؤدى إلى شمولية التعامل مع البرامج النووية فى كافة دول الشرق الأوسط بما فى ذلك إيران وإسرائيل.

 

حدث تصعيد غير مسبوق بين إسرائيل وإيران بعد الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى.. هل تتوقع حربًا بينهما على الأراضى السورية؟

لا أعتقد أن أى طرف يسعى لمواجهة شاملة، والجانبان يفضلان إدارة المعركة فى إطار السياق السورى وليس خارجه، وكلاهما أعطى إشارة أنه لا يريد التصعيد، لكن الوضع على الأرض ليس سهلا، وأى خطأ منهما أو تحرك أطراف أخرى فى المنطقة قد يسبب تصعيدا غير محسوب.

 

وأين العرب من سوريا؟

العرب غابوا عن العالم العربى سياسيًا واقتصادياً ولم يعد غير البعد الثقافى والتاريخى.

هل ذلك لأن المسيطر على الأرض يفرض كلمته؟

أكثر من ذلك، والعالم العربى ليس فى أحسن أحواله، وغاب سياسيا عن القضايا العربية لاعتماده أكثر من اللازم على الدول الأجنبية، فأخذت الأجندات السياسية الدولية ومصالح أطراف غير عربية الأولوية.

 

وهل تؤيد الحوار العربى الإيرانى؟

حتما بالتأكيد، والحوار وسيلة وليس غاية أو هدف، وطهران مطالبة ببعض إجراءات بناء الثقة بشأن عدم تهديد دول الخليج أو التدخل فى شؤونهم الداخلية ليكون الحوار جديا.

 

وأطالب تركيا أيضًا بضبط إيقاعها وطموحاتها، وتدخلها فى سوريا وحديثها عن وجود مرجعية لها حتى فى العراق، شىء لم نره منذ سنوات طويلة، فضلا عن التعنت والغطرسة الإسرائيلية، كلها أمور غير مقبولة ولكن هذا الجموح نتيجة للخلل فى العمل العربى، رغم أن مواقفنا مبنية على أسس سليمة وحقوق مشروعة.

 

لو انتقلنا إلى الأزمة الخليجية فى ضوء أن الأمير محمد بن سلمان قال "لا أشغل نفسى بها وأقل من رتبة وزير من يتولى الملف القطرى.. فهل ستطول؟

هى دول عربية فى النهاية، وأتوقع حلها وإنما ليس سريعا، وللأسف قطر ترى أن لها حق إبداء الرأى واتخاذ قرارات تؤثر على مصالح دول أخرى، وهناك أمثلة عديدة لذلك فى مصر وليبيا والخليج وهذا شىء مرفوض.

وكيف ترى التغييرات الأخيرة فى السعودية التى يقودها الأمير محمد بن سلمان؟

يطرح ولى العهد تغييرا فكريا ثوريا، وهناك تأييد شبابى واسع لهذه الدعوة، وتحفظ بعض الشىء من الأجيال الأقدم، والتطورات والتغيرات المجتمعية تأخذ وقتا لكى تستقر وتثبت، وأتمنى له النجاح.

 

مصر استقبلت رفات الأقباط الشهداء قبل أيام فكيف تنظر إلى الأوضاع فى ليبيا الآن؟

الحالة الليبية نتيجة لتآكل منظومة وآليات الدولة بالكامل على مدى 40 سنة، وهناك جهد مصرى بذل لتأمين الحدود الغربية المصرية الشرقية الليبية، وحدث تقدم فى هذا، ثم تطور الموقف المصرى بشأن دمج الجهد السياسى بالأمنى، وآخر خطوة قمنا بها محاولة التوافق بين قيادة الجيش الليبى، وحصل تقدم.

وما الحل بوجهة نظرك؟

لا بد من تأمين الحدود الخارجية الليبية للسيطرة على توغل الأسلحة والمتطرفين، ودعم الكوادر الأمنية والعسكرية الليبية، وإعطاء حوافز للقبائل الكبرى ودعم قدرتها للعمل مع السلطات المحلية حتى لا تترك الساحة للميليشيات، وفى سياق ذلك يجب السعى للحل السياسى والانتخابات، لأن الوضع صعب والأمر سيطول مع غياب المؤسسات.

 

بخصوص قضية سد النهضة كيف ترى مستقبل هذه الأزمة؟

ما شاهدناه قبل مباحثات الأسبوع الماضى لم يكن يبشر بالخير، ولا زلتُ عند قلقى، لأننى أرى استمرار بناء السد، ولا أرى خطوة على الأرض لطمأنة مصر بالتحديد حول إدارة المياه، على العموم أتفق الآن على تكثيف التشاور بين مصر والسودان وإثيوبيا واللجنة الفنية لمحاولة تجاوز تباين الآراء، هذا مفيد، وإنما هى خطوة إجرائية، وأتطلع إلى نتائج محددة حول إدارة المياه.

وماذا عن العلاقات المصرية الأمريكية..أين تقف العلاقات الآن؟

هناك ما يسمى "كيميا" فى العلاقة بين ترامب والرئيس السيسى، وتوافق فى معارضة التطرف، وهذا طيب، ولا نشهد الصوت العالى للتدخل فى الشئون الداخلية بل خفت كثيراً، وإنما لم ولن ينتهى، ولكن فى رأيى العلاقة مع أمريكا الآن ليست على المستوى المطلوب، بدليل أننا لا نتفق فى شىء إقليميا عدا قضية الإرهاب.

 

هل بسبب أن ترامب يعمل بمدأ "أمريكا أولا"؟

أمريكا دولة عظمى ولديها قضايا كثيرة، وتسعى حتى قبل ترامب إلى فرض طباعها على الغير، أضاف ترامب إلى ذلك أنه يريد تحقيق إنجازات سريعة ويجعل العلاقات تعاقدية ومردودها على المدى السريع، أو باللغة الدارجة "شيلنى وأشيلك"، رغم يقينى الكامل أن العلاقات بين الدول مرتبطة بشكل مباشر بالمصالح.

وهل مازال هناك تربص؟

هناك تربص بالفعل من البعض فى الساحة الأمريكية، وهذا غير مقبول، وإنما نحن أيضاً نبالغ فى تفسير كل شىء على أنه تربص، وهذا غير صحيح وغير مفيد، المشكلة الحقيقية أننا نتعامل مع بعض بالقطعة أو بالقضية ولا توجد نظرة أو إدارة استراتيجية، الدول "الثقيلة" تتعامل مع قضايا كثيرة، ومن الطبيعى أن نتفق ونختلف بين الحين والآخر، حتى بين الحلفاء يكون هناك مواقف متباينة بين الحين والآخر كما شهدنا بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا حول الانسحاب من الاتفاق الإيرانى، وحجم مصر على المستوى الإقليمى والشرق الأوسط ثقيل جدا، ولذلك لا بد أن يكون هناك ساحة للاتفاق والاختلاف مع أمريكا، والتشاور الأمريكى المصرى على القضايا الإقليمية ليس بالكثافة المرجوة، ولا توجد حوارات مصرية أمريكية كثيرة.

 

بالنسبة للعلاقات المصرية التركية هل هناك تنافس مشروع بينهما مثلما كان فى عهد مبارك؟

فى وجود أردوغان مستحيل، لأنه يأخذ موقف أيديولوجى دوجماتى ضد القاهرة، لكن التنافس بينهما خارج هذا السياق كان قائماً ومشروع وإيجابى.

وكيف ترى المستقبل؟

المستقبل فى بناء مصر، وأخذها زمام المبادرة الإقليمية لإعادة التوازن العربى، بغية اعتماد العرب بنسبة 30% على أنفسهم و30% للتعاون العربى العربى و40% على العالم، ولا بد من تشكيل موقف مشترك أو متناسق مع العالم العربى حول كيفية التعامل مع الدول غير العربية بالشرق الأوسط، وأرى دائما أن مصر لديها قدرة التحرك رغم مشاغلها، ونحن أصحاب قرار، وأخذنا قرار الحرب والسلام فى الماضى، ولدينا صوت فى المنطقة العربية.


 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة