صدر للكاتب السيد الهادى كتاب جديد يحمل عنوان "الرقم والمعنى فى رياضيات التعريف وفلسفة الكم".
يحاول الهادى من خلال الكتاب البحث عن العمليات الحسابية داخل اللغة، معنى وصفة ولفظا وحرفا، والكشف عن الأطروحات الرياضية فى التعريفات والبديهيات والمبادئ المنطقية، والنظر إلى القضايا الأخلاقية والمصيرية للإنسان من منظور رياضى، لكى نشاهد معه خروج الحكمة من الرقم مثلما خرجت الحكمة من الحرف، والتقاط جوهر المعانى والأفكار فى تعبيرات رياضية .
وبحث الكاتب عن الرقم والمعادلة والرسم البيانى عند لذة العشق، والروح، والسعادة، والخلود، والصبر، والقناعة، والإرادة، والبخل، والتعاسة، وثنائية الألم والوعى، والنصب والاحتيال والكذب، وحتى عند اللحظة التى يقف فيها الإنسان خلف جسده ليطلق الرصاص عليه، بل وحتى عند قاذورات شوارع مدينة يحكمها طاغية؟ .
يقول السيد الهادى إن هذه اللغة التى حملت معجزتها الرقمية مع عدد الحروف التى تتشكل منها، حملت نفس الدهشة وهى تتحرك عند منطق الكلمات والعبارات والمفاهيم والمعانى التى تشكل سحرها وهى ممتلئة بالرقم والمعادلة والرسم البيانى، وذلك منذ أن رمز الصفر إلى العدم، ورمز الواحد إلى الوجود، وشكلا معا ( الصفر، والواحد ) العلاقة الواضحة بين الرقم والمعنى .
ولا يمكن أن تكون هذه اللغة التى أوحى بها الله إلى الإنسان ليرتبط بكونه وعالمه ووعيه بصورة منطقية، بعيدة على أن تكون بكل مكوناتها جزءا من التشكيل الحسابى والرياضى لهذا الكون حيث تحمل فى أعماقها معادلاتها الرقمية الخاصة ومحدداتها الرياضية الكامنة فى منطق المعانى والأفكار والقبول العام لها بين البشر، وهو ما يحاول السيد الهادى ملامسته والدوران حول محيطه، ولفت الانتباه إليه فى المفاهيم والصفات والقضايا الإنسانية الأخلاقية والروحية، والرغبة فى الدخول بعمق فى جوهرها .
يقول "الهادى" إذا كان رجل الرياضيات يبدأ ثوابت عمله من التحديد وطرح المسلمات والفروض، وينتهى إلى العموميات، فيما يبدأ الفيلسوف من العموميات، وينتهى إلى التحديد، فإن الفارق بينهما "أن رجل الرياضيات يفكر فى السماء وقدمه على الأرض، بينما يفكر الفيلسوف فى الأرض ورأسه فى السحاب " .
فيبدو رجل الرياضيات مرتديا بدلة رجل الفضاء ويقدم نفسه على أنه " مبعوث الأرض إلى السماء " فيما يرتدى الفيلسوف عباءة الشيخ، ويقدم نفسه على أنه " مبعوث السماء إلى الأرض " .
وحتما سوف يلتقيان عند نقطة مشتركة، يصبح عندها رجل الرياضيات فيلسوفا، ويصبح عندها الفيلسوف رجل رياضيات.
هذه النقطة يراها الكاتب كامنة فى ( التعريف ) الذى يكشف عن مكنوناته الرياضية بنفسه وبصورة تلقائية دون غيره من التعريفات التى يضعها الإنسان للمعانى والكلمات والصفات والعبارات .
يقول السيد الهادى إن محاولتى فى الكشف عن الأطروحات الرياضية فى التعريفات والبديهيات والمبادئ المنطقية، والنظر إلى القضايا الأخلاقية والمصيرية للإنسان من منظور رياضى، هى مجرد خربشة على الجليد، أتمنى أن تتماس ولو بسمك شعرة مع المحاولات التى عملت على إخضاع الفكرة والمعنى والقضية الفلسفية إلى العد والحساب واستخدام الرموز الرياضية المعتادة .
وذلك كما فعل الفيلسوف الألمانى وعالم الرياضيات "فريدريك لودفيج جوتلوب فريجه ( 1884- 1925 ) فى محاولته ترقيم الأفكار وكما فعل الفيلسوف الألمانى " رودولف كارناب ( 1891- 1970 ) عند النظر للأساس المنطقى فى التركيبات اللغوية، وكما فعل الفيلسوف الألمانى "يوهان فريدريك هربارت ( 1776- 1840 ) فى محاولته تطبيق الرياضيات على الظواهر النفسية ومحاولته إدخال الكم على علم النفس، وما فعله عالم اللغويات والفيلسوف الأمريكى " نعوم تشومسكى " فى كيفية الاستفادة من المعادلات الرياضية وتطبيقها على قواعد بنية العبارة و بناء معادلات لغوية، وكما فعل عالم الرياضيات البريطانى " جورج بوول ( 1815 – 1864 ) فى تطبيق الجبر الكمى على مسائل المنطق فى كتابه التحليل الرياضى للمنطق .
والكتاب يضعنا عند حلم الفيلسوف الألمانى وعالم الرياضيات جوتفريد ويلهيلم ليبنيز ( 1646- 1716 ) بأن يستطيع الإنسان يوما ما أن يكتب أفكاره المجردة بلغة رياضية وأن تفصل الرياضة فى الأمر عندما يحتدم الجدل بين شخصين .
والبحث عن الحقائق الثابتة فى المعانى والأفكار التى تقابل الحقائق الرياضية الثابتة كما كان يبحث أفلاطون قبل ما يزيد عن نحو 2400 عاما، خاصة فى هذا العصر الرقمى الذى نعيشه، والذى أصبح فيه الفيلسوف محاصرا بين الثرثرة على الفيس بوك والتغريد على مساحات ضيقة على تويتر على حد تعبير الكاتب .
الكتاب يقع فى نحو 200 صفحة وهو صادر عن دار سما للنشر والتوزيع ويتضمن 250 مقولة فلسفية للسيد الهادى خرجت من رياضيات اللغة وفلسفة الكم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة