فى عام 2015 تصدرت صور عارضة الأزياء ماريا الإدريسى عناوين الصحف والمجلات العالمية، والعربية كذلك بعد أن تم اختيارها من قبل علامة أزياء شهيرة لتكون أول عارضة أزياء محجبة فى تاريخ الموضة.
ضجة مشابهة أثارتها فى العام التالى مصممة الأزياء الإندونيسية أنيسة هازيبونا صاحبة أول عرض أزياء للمحجبات على منصة أسبوع الموضة فى نيويورك، الذى يعد واحدًا من أهم 4 أسابيع موضة عالمية جنبًا إلى جنب مع أسابيع باريس وميلانو ولندن العالمية للموضة.
ماريا إدريسى على اليمين وأول عرض أزياء للمحجبات فى أسبوع الموضة بنيويورك
بعد هذين الحدثين تتابعت القفزات التى اتخذتها ملابس المحجبات أو الملابس المحتشمة فى الموضة العالمية، فاتجهت العديد من علامات الأزياء العالمية إلى إطلاق مجموعات أزياء مخصصة للمحجبات، بعضها صدر بنسخ محدودة فى شهر رمضان كالمجموعة التى أطلقتها العلامة الشهيرة "دولتشى آند جابانا" عام 2016 والتى حققت ضجة كبيرة على الرغم من أنها لم تكن الأولى حيث سبقتها العلامة الأمريكية DKNY فى 2014 بمجموعة شهر رمضان التى تستهدف المتسوقين العرب الأثرياء.
أزياء رياضية للمحجبات
وفى 2017 ظهرت الأزياء الإسلامية الرياضية من خلال واحدة من أشهر علامات الأزياء الرياضية الأمريكية وصولاً إلى "ماركس اند سبنسر" المتجر البريطانى المعروف الذى أطلق ملابس سباحة للمحجبات "البوركينى"، وكان آخرها إطلاق سلسلة المتاجر الأمريكية "مايسيز" خط أزياء للمحجبات فى فبراير الماضى والذى وصفته الصحف العالمية بأنه "مغازلة" للمستهلكين المسلمين.
جانب من مجموعة دولتشى آند جابانا الرمضانية
لماذا تهتم علامات الأزياء العالمية بالمحجبات؟
لم يأتِ هذا الاهتمام بأزياء المحجبات كأحد أشكال انفتاح العالم الواسع على التنوع واستيعاب الآخر مثلما يروج البعض حين يتحدث عن ظهور عارضات محجبات، وإنما السر الأكبر يكمن فى حجم إنفاق المسلمين حول العالم على الأزياء وحجم سوق أزياء المحجبات التى قال تقرير الاقتصاد الإسلامى لعام 2014-2015 إنه إذا كانت هذه السوق دولة، فإنها ستكون الثالثة بعد أمريكا والصين، فيما تشير التوقعات الآن إلى أنها ستكون الثانية بعد أمريكا حسبما قالت علياء خان، رئيس مجلس التصميم والموضة الإسلامى فى نيويورك فى تصريحاتها للمنتدى الاقتصاد الإسلامى العالمى.
وربما جاء اهتمام علامات الأزياء العالمية بهذه السوق بعد تقرير واقع الاقتصاد الإسلامى العالمى الذى أعدته طومسون رويترز بالتعاون مع شركة الأبحاث "دينار ستاندارد" فى 2015 والذى كشف أن الاقتصاد الإسلامى ينمو بمعدل يقترب من ضعف المعدل العالمى، وكشف كذلك أن إنفاق المستهلكين المسلمين على منتجات "اللايف ستايل" بما فى ذلك الملابس يبلغ 1.8 ترليون دولار وأنفقوا على الملابس والأحذية وحدها 266 مليار دولار، أما عائدات الأزياء الإسلامية أو المحتشمة فبلغت 44 مليار دولار.
ماريا إدريسـى
وتوقع التقرير أن يصل إنفاق المسلمين بشكل عام إلى 2.6 تريليون دولار فى 2020 ومن المتوقع أن يرتفع الإنفاق على الملابس إلى 373 مليار دولار فى 2022، وهو ما يمثل زيادة بنسبة تصل إلى 51% عن عام 2015.
ووفقًا لتقرير واقع الاقتصاد الإسلامى العالمى لعام 2016/2017 فإن الإمارات تتصدر قائمة الدول الأعلى استثمارًا فى الأزياء الإسلامية تليها تركيا ثم الصين ثم الهند وإيطاليا.
كيف لعبت السوشيال ميديا دورًا فى نمو سوق الأزياء الإسلامية؟
نظرًا لأن الشباب الأقل من 25 سنة يمثلون 40% من حجم المستهلكين المسلمين، فإنهم يمثلون فئة مؤثرة جدًا فى السوق، خاصة من يطلق عليهم الباحثون مصطلح "المسلمين المستقبليين" Muslim Futurists وهم الشباب الذين يتمسكون بهويتهم الدينية وفى الوقت نفسه يهتمون بأن يبدون بمظهر جيد ويواكبون الموضة وهذا وبالتالى جعل السوشيال ميديا مؤثرة جدًا فى نمو سوق الأزياء الإسلامية، حيث تحظى مدونات الموضة الإسلامية أو المحجبات بعدد كبير من المتابعين يتخطى الملايين وتؤثر كثيرًا فى قرارات الشراء بين الشباب فوفقًا لتقرير أمريكى صادر عام 2016 فإن المدونون يؤثرون بنسبة 70% على المستهلكين مقابل 30% فقط يتأثرون بالمشاهير والإعلانات التقليدية.