كعادة كل عام نجد رواد السوشيال ميديا، أخذوا مواقعهم أمام شاشاتهم للنقد غير المدروس وغير الواعى للأعمال الدرامية والفنية، خاصة التى تعرض خلال شهر رمضان الكريم.
لكن هذا العام، الأمر اختلف كثيرا فلو كنت متابع جيد للسوشيال ميديا ستجد ظاهرة غريبة انتشرت، وهى صفحات تحمل لقب "ناقد فني" قبل اسم صاحبها.
فى هذه المساحة لا أقصد ما يتم نشره على السوشيال ميديا للفن والأعمال الدرامية فى صورة "كومكس" أو بوست ساخر يتم استخدامه للضحك أحيانا وللدعاية لهذه الأعمال أحيانا أخرى، بل أقصد العديد من الصفحات التى تتناول تقييم العمل الدرامى كما يراها أصحابها، لكن دون وعى أو دراسة.
لا أبالغ حين أقول، إن هذا العام يشهد هوسا غير منطقى دون علم مسبق لرصد الأعمال الدرامية من هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم "نقاد فنيين"، دون وعى للعمل الدرامى وأبعاده، دون اكتمال ومشاهدة ثلث العمل نفسه حتى يستطيعون الحكم عليه بمنطق مدروس، فهؤلاء من يطلقون على صفحاتهم نقاد فنيين لا يعلمون ما هى العناصر الفنية الصحيحة التى يجب النقد على أساسها، وهذا يتجلى فى كم البوستات الضعيفة التى تحمل وجهة نظر شخصية بحتة، تزين فى آخرها بجملة "ناقد فني".
الكل يحرم ويحلل ما يعرض فى المسلسلات دون وعى، ولا أحد يعلم أن الدراما منوط بها تقديم محتوى شيق وجذاب.
فالصفحات التى تظهر يوميا أمامك وتحمل لقب ناقد فنى تجعلك تشعر كما لو أن مصر، بلد الـ" 100 مليون ناقد"، وتجعلك أيضا تتساءل من أنتم؟، لتقول، إن هذا العمل يصلح للمشاهدة أم لا، أو أنه أفضل الأعمال الدرامية على الإطلاق دون غيره، من أنتم لتعطوا لأنفسكم الحق فى النقد، وتحديد معايير جديدة للحكم على الأعمال الدرامية أو البرامج التلفزيونية، دون دراسة حقيقية، من أنتم لتحجروا على آراء الآخرين، ويظهر من خلال التعليقات، كم العنصرية والتطرف فى الرد على الآراء المخالفة من الجمهور البسيط، الذى يرى أن العمل الدرامى ممتع وشيق بالنسبة له بعيدا عن "الهرى" الذى تعرضه أنت من وجهة نظرك كناقد فنى على السوشال ميديا.
نظريًا، هناك خصوصية فيما تكتبه ولك الحق أن تنقل ما تريد على صفحاتك الشخصية، لكن ليس من حقك أن تعرض ذلك وكأنه رأى علمى مدروس، أو خبير فى الصورة والصوت والمونتاج والإخراج.
السوشال ميديا لها إيجابياتها وسلبياتها تجاه الأعمال الفنية بلا شك، لكن من أهم سلبياتها التعميم غير الموضوعى على الأعمال الدرامية والتلفزيونية دون وعى، فالكل يسعى للحصول على مؤيدين ولايكات وشيرات لكن هذا العام الأمر تطور وتدهور مع ظهور، صفحات "الناقد الفنى"، فعلينا مواجهة ثوران السوشال ميديا ومواجهة صفحات هؤلاء المجهولين وتحديد واضح ومعروف لمصطلح أو لقب الناقد الفنى.