كنت فى سن الطفولة وأنتظر بلهفة أن يعرض على القناة الثانية بالتليفزيون المصرى فيلما هنديا للعملاق أميتاب باتشان، والذى مازال أحد أساطير العالم فى التمثيل، رغم أنه كان يفعل أشياء تفوق الخيال وهى أن يتعدى على بلد بأكملها بمفرده، وأن ينجو من الدبابات التى تسعى لقتله وغيرها من الأشياء التى نصفها الآن بـ"الأوفر"، ورغم ذلك كان ينتظره الكبار قبل الصغار والشباب قبل الأطفال ويشاهدونه باستمتاع شديد، فكل هؤلاء من توجوه نجما عالميا وجعلوه أحد أهم نجوم العالم.
مسلسل فوق السحاب
مسلسل فوق السحاب
مرت الأيام والسنين وتغيرت الاهتمامات وتشعبت الفضائيات المصرية والعربية، وأصبح فى كل البيوت من يشاهد الأعمال المصرية والعربية عبر القنوات المتخصصة فيها، وآخرون تستهويهم أفلام السينما العالمية ولذلك تتجه اهتماماتهم للقنوات المتخصصة فى هذه الأعمال أيضا، وربما تعد هذه الفئة هى الأكبر لأنها تجمع بين الطبقة الأرستقراطية المثقفة التى تستمتع بالأعمال الأجنبية وبين الطبقة الشعبية البسيطة التى ترى فى نجوم هوليود نماذجا يتمنونها فى أنفسهم على سبيل المثال، لاعب المصارعة والممثل العالمى دوين جونسون ، الشهير بـ"الروك"، وكذلك "فين ديزل " وباقى شلة سلسلة أفلام Fast 2 Furious، وأيضا فاندام وغيرهما ممن تسقط عليهم الطائرات ولا يموتون، بل أحيانا يقفزون من عمارات يصل ارتفاعها لمئات الأمتار ويظلون على قيد الحياة ضمن أحداث أفلامهم، ونستمتع بها ونذكرها مرارا وتكرارا.
مسلسل فوق السحاب
مسلسل فوق السحاب
وفى هذه المشاهد قدم مدير التصوير والمخرج رؤوف عبد العزيز نوعا من الإبهار البصرى، مستخدما تكنيك خاص لـتصويرها بطريقة لم نراها سوى فى أشهر الأفلام العالمية والمسلسلات الأمريكية، فكان من الممكن أن يقتصر تنفيذها على هروب "ماندو" بشكل تقليدى ثم ننتقل لمشهد أخر مثلما يحدث فى أعمالنا الدرامية التليفزيوينة، لكن كان هناك نية من صناع العمل لتقديم عملا يؤكد أننا ليس أقل من الغرب نقدم مشاهد أكشن وحركة تسيطر عليها المعايير العالمية، ويحسب ذلك لشركة "سينرجى" المنتجة للعمل، التى وفرت ميزانية ضخمة لتنفيذ عملا مصريا مشرف، خاصة أنها كانت حريصة على الإستجابة إلى طلبات المخرج الذى أصر على تنفيذ مشاهد كل من باريس والمجر وروسيا فى أماكنها، ولم يضحك على المشاهدين أو يضللهم ويصور مشاهد هذه الدول الـ 3 الأوروبية فى مكان واحد، ويخبرنا أنه فى 3 دول، وهذا كان سيساعد فى توفير جهد كبير له ولباقى صناع مسلسله، فضلا عن تجنب نفقات تحسب بالملايين، والموجع فى هذا الأمر أن رغم كل ذلك هناك من يسعى لوصف هذه المشاهد بـ"الأوفر" أو يحاول التقليل من جودتها، فالعيب أن نتقبلها فى الأفلام الأمريكية التى ترشح للأوسكار، وننتقدها بضراوة عندما نقدمها بأيادى مصرية.
مسلسل فوق السحاب
ويحسب هذا العمل للمؤلف حسان دهشان، الذى يأخذك إلى روسيا وفرنسا بـ "هيلمانها" وفى لحظات يعيدك لمصر وأهلها البسطاء فى الحارات الشعبية، فهو دائما ما يكون حريصا على الجمع بين مختلف الفئات فى كل عمل يقدمه، مع إحداث التوليفة الدرامية التى تجعل هناك تلامسا وترابط شديد فى الأحداث دون أن يشتتك أو يأخذك من منطقة لأخرى، لمجرد الاستعراض فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة