يستقبل المسلمون فى كل أنحاء العالم شهر رمضان المبارك، الذى أنزل فيه القرآن وفق قوله تعالى فى كتابه الكريم"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ"، بحالة من الروحانية والإقبال على العبادات اغتناما للبركة التى تحملها أيام الشهر، والتى من أهمها الحرص على ختم القرآن على الأقل مرة واحدة خلال الشهر.
ومع اختلاف الألسنة تختلف القراءات التى تقرأ بها آيات الله حول العالم، حيث تعد قراءة "حفص عن عاصم" هى القراءة المتداولة فى مصر، ومع ذلك تقوم المطابع المصرية بطباعة المصاحف بالقراءات المختلفة على رأسها قراءة "ورش" المتعارف عليها فى دول أفريقيا الوسطى والمغرب العربى، وقراءة "قالون" المتداولة فى عدد من الدول بينها ليبيا، وإرسالها إلى تلك الدول، فى الوقت الذى يراجع فيه المصحف الواحد 5 مرات قبل وصوله ليد القارىء، للتأكد من خلوه من أى أخطاء إملائية أو أخطاء بترتيب الصفحات والآيات.
ومن داخل أحد المطابع المتخصصة فى طباعة المصحف الشريف، يرصد "اليوم السابع" المراحل المختلفة لطباعة المصحف حتى وصوله لأيدى قراءه.
"المصحف يراجع 5 مرات قبل تداوله"، هذا ما أكده مهدى محمود، مدير مطبعة "المجلد العربى" والمتخصصة فى طباعة المصاحف، موضحا أن المطبعة تقوم بصناعة "ماكيت" مبدئى للمصاحف المعدة للطباعة، حيث يتم مراجعته من قبل مراجع متخصص للتأكد من خلو الماكيت من أى أخطاء إملائية أو أخطاء بترتيب الصفحات، يعقب ذلك طباعة نسخة أولية ترسل إلى مجمع البحوث الإسلامية لمراجعتها وإصدار ترخيص للمطبعة بطباعة المصاحف، مضيفا أنه بعد اعتماد النسخة الأولية يتم طباعة النسخ المعدة للتداول ومراجعتها من قبل مراجعين متخصصين داخل المطبعة، قائلا إنه يتم فحص كل نسخة على حده للتأكد من خلوها من أى خطأ، ثم إرسال النسخة النهائية مرة أخرى لمجمع البحوث الإسلامية لمراجعتها وإصدار تصريح بتداول النسخ المطبوعة بالأسواق، موضحا أن أى مطبعة تعمل فى طباعة المصحف الشريف يجب أن تكون مطبعة مرخصة بالأساس، وحاصلة على ترخيص من مجمع البحوث الإسلامية.
وأشار إلى أنه يتم طباعة 7 أحجام مختلفة من المصاحف تناسب جميع القراء، لافتا إلى أن الأكثر تداولا هو الحجم المتوسط المستخدم بصورة أكبر بالمساجد، والمماثل للمصاحف التى يتم توزيعها بالحرم المكى، كذلك توجد تقسيمات مختلفة لبعض المصاحف للتسهيل على القارئ حمله واصطحابه لأى مكان، مثل المصحف المقسم على 30 كتيب، بحيث يحتوى الكتيب الواحد على جزء من أجزاء القرآن الثلاثين، بجانب المصاحف المقسمة على 5 كتيبات أو على 3 كتيبات، كما يتم طرح كل حجم من الأحجام المختلفة للمصاحف بـ5 أشكال مختلفة من الأغلفة تختلف من حيث نوع وشكل وخامة الغلاف الخارجى.
وأضاف مهدى أنه يقوم بطباعة 3 قراءات مختلفة من المصحف الشريف، وهى قراءة حفص للمصاحف المتداولة فى مصر، وقراءة "قالون" للمصاحف التى يتم تصديرها إلى ليبيا، وقراءة "ورش" للمصاحف المصدرة لعدد من الدول الأفريقية، بينها السنغال وغانا ونيجيريا وكينيا، بجانب طباعة مصحف الملك محمد السادس والذى يتم تداوله داخل المملكة المغربية، موضحا أن تلك المصاحف تختلف من حيث طريقة كتابة الآيات اعتمادا على التشكيل الخاص بكل قراءة من القراءات القرآنية، كذلك يختلف شكل الغلاف الخارجى للمصحف وفقا للمعتاد عليه داخل كل دولة، فعلى سبيل المثال يعد اللون الأحمر الزاهى بأغلفة المصاحف هو المفضل بالنسبة للدول الأفريقية، بينما تعد مجموعة الألوان بدرجاتها القاتمة، مثل الأخضر والأزرق والبنى والأحمر، هى الألوان المفضلة لأغلفة المصاحف فى مصر.
وحول الورق المستخدم فى طباعة القرآن الكريم، أضاف أنه يتم استخدام أفضل أنواع الورق لطباعة الصفحات الداخلية للمصاحف، وهى الورق الأبيض والورق الإندونيسى المائل للصفرة، ويشترط أن يكون الورق "غير شفاف"، بحيث لا يظهر المطبوع خلف كل ورقة حتى لا يتسبب ذلك فى إزعاج لعين القارئ، لافتا إلى أنه يؤيد قرار الأزهر الشريف بمنعه المصاحف الملونة، أو ما أطلق عليه "مصحف البنات"، التى ظهرت العام الماضى لأنها "بدعة" تنتقص من قدسية المصحف، قائلا "ليس من المعقول القراءة بمصحف كل صفحة فيه بلون مختلف"، كما أنه غير مؤيد أيضا لما يطلق عليه "مصحف التجويد" الذى يتم فيه طباعة الأحرف بألوان مختلفة بهدف تعلم أحكام التجويد، موضحا أن تلك الطريقة يمكن أن تتسبب فى إرباك القارئ، ومن الأفضل تعلم أحكام القراءة على يد شيخ متخصص.
وأوضح أن نسبة مبيعات المصاحف ترتفع بدء من منتصف شهر رجب وحتى حلول شهر رمضان، قائلا إنه على الرغم من أن هامش الربح فى طباعة المصحف الشريف ضئيل للغاية، خاصة مع الارتفاع المتواصل فى تكلفة الطباعة، لكن "فيه بركة".