- الجميع يتناول الطعام فى طبق واحدة فى حلايب وشلاتين دليل على التكاتف وعدم التفرق
- الفطار لا يجوز بدون العيش الشمسى فى قنا.. والإسكندرانية يسلون صيامهم بالصيد والسلفى على شواطئ البحر الأبيض المتوسط
- القهوة العربية مشروب الكيف الحلال فى مجالس بدو سيناء فى رمضان.. وأول فنجان هيف والثانى كيف والثالث جلالة الضيف
أطراف مصر شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، يقطن أوديتها، قبائل لها تاريخ وتراث، وتعتز بعاداتها وتقاليدها على مر الأزمان وفى أى مكان، تلك الأعراف أو العادات والتقاليد فرضتها ظروف البيئة المحيطة بالمنطقة، وأصبحت عرفا ينتقل بين الأجيال من أبناء القبائل.
ونرصد أهم عادات وتقاليد محافظات مصر فى شهر رمضان المعظم، وما هى أشهر تلك المؤكلات والمشروبات المفضلة لديهم .
نبدأ من جنوب مصر، من "النوبة" بوابة مصر الجنوبية، يداوم أبناؤها على تطبيق العادات والتقاليد التاريخية لهم طوال العام وخاصة فى شهر رمضان جيلاً بعد جيل.
محمد صبحى أحد أبناء النوبة، يعيش فى قرية غرب أسوان النوبية، يقول إنه دائما ما يأتى النوبيون بطابع مميز من العادات والتقاليد فى مختلف المناسبات وخاصة خلال شهر رمضان، فأبناء النوبة يحافظون على تقاليد الأجداد على مر الزمان، رغم اندثار القليل منها بحكم ظهور التكنولوجيا الحديثة والتقدم العصرى الحالى.
وأضاف "صبحى"، أن النوبى بطبيعته نشأ فى طبيعة زراعية حول النيل وعلى ضفافه، ونسبة كبيرة من سكانها يعملون بالزراعة، ويستفيدون من منتجات الأراضى مثل تمور النخيل والخضروات والفاكهة المختلفة التى تستخدم فى العصائر الرمضانية.
وعن الأكلات النوبية فى رمضان، قالت هبة بشرى من أبناء النوبة، إن أشهر ما يتناوله الصائمون فى النوبة هو "فتة السناسل"، وهى عبارة عن ملوخية أو كسبرة خضراء توضع على الرقاق المصنوع على "الدوكة" وهى صاج حديدى يأخذ الشكل الدائرى، وتقطع الرقاق إلى قطع متوسطة وتوضع فى إناء كبير وعميق ثم يصب فوقه الملوخية أو الكسبرة الخضراء، وتؤكل بدون ملعقة، وتكون خفيفة على المعدة سهلة الهضم، ويفضل أكلها كبار السن.
وأضافت بشرى، أن هناك أكلات أخرى فى المجتمع النوبى، ومنها "الجاكود" وهى عبارة عن سبانخ أو ملوخية مع ثلاثة ملاعق باميا ناشفة مطحونة، وملعقة صغيرة كربونات، وبصلتان، وملح وفلفل، وشبت، وحزمتان من الكسبرة الخضراء، والتى يتم قطفها ثم غسلها بالماء وتضاف بعد ذلك إلى شوربة اللحم أو الدجاج بأوراقها كاملة بدون تقطيع وتضاف إليها قليل من الكربونات، ثم يتم ترك الخبيزة لكى تغلى لمدة دقائق قليلة بدون تغطية الإناء، ثم فرك الخبيزة بمفراك خشبى، وبعد ذلك يضاف إليها قليل من البامية الناشفة، ويتم إحضار الثوم ويقدح فى السمن ويضاف إليه الخبيزة، وبعد نضجها يتم قلى بيضتين فى السمن ثم يضاف عليها الخبيزة وتؤكل بخبز الدوكة الذى يسمى فى اللغة النوبية "كالفتى" بما يشبه "الفتة"، مشيرة إلى أن السحور عبارة عن اللبن الرايب والعسل الأسود والشعرية باللبن، لأنها تعطى طاقة للصائم خلال يومه التالى.
وحول عادات وتقاليد الإفطار، قال الشيخ محمد عبد العزيز، وكيل وزارة الأوقاف السابق وأحد أبناء قرية تنقار النوبية، إن العادة جرت بين أبناء النوبة قديمًا أن يتناولوا إفطار رمضان أمام باب المنزل، حتى يتسنى للمار فى الطرقات ولن يتمكن من الإفطار فى منزله أن يتناول مع جاره الإفطار، فيضع النوبى "الصينية" خارج المنزل وقد جهزها بالأكلات النوبية ووضع بجانبها العصير ثم يتناول الإفطار أمام باب منزله مع أولاده وزوجته، مضيفا أن من العادات الشهيرة الإفطار الجماعى فكان كل نجع يعزم جاره أسبوعيا وكان معظم أيام رمضان يفطر النوبى خارج منزله.
وتابع الشيخ محمد عبد العزيز، أن قرية تنقار النوبية، المطلة على النيل تحرص على الاحتفاظ بعادة الإفطار الجماعى منذ أكثر من 25 سنة مضت، بجانب دعوة القيادات الشعبية والتنفيذية بمدينة أسوان.
وتروى الحاجة منى سليم، 60 عاما، مقيمة بمنطقة غرب أسوان، عن أهم الأطعمة التى تتواجد على مائدة النوبيين، قائلة: يعتبر الإبرية من أهم المشروبات التى تظهر فى رمضان، ويتم تجهيزه من خلال خليط من دقيق القمح والخميرة ويتم تركه لفترة معينة حتى يتخمر ، ثم خبزه مثل الرقائق الصغيرة ويتم تفتيته بعد ذلك، ثم وضع رقائق الإبرية الصغير على كمية مناسبة من الماء ويضاف إليها الليمون وتقدم مثلجة على مائدة الفطار".
وأوضحت الحاجة منى أن فائدة مشروب "الإبرية" يتسم بأنه مكافح للعطش، ويعطى الإحساس بالشبع فضلا عن قدرته على خفض ضغط الدم.
وأشارت الحاجة منى إلى أن الأطعمة المشهورة خلال شهر رمضان أيضا أطباق" الكاشيد" ويتكون من قطع اللحم المطهى بالسمن والملح والفلفل الأسود ، مشيرة أن أهم مايميز المائدة النوبية، حرص أغلب أهالى النوبة على وضع طبق من الفول بجوار أطباق الطعام المختلفة على مائدة الأفطار، برغم وجود اللحم أو الدجاج ، إلا أن الفول يعد طبقا رئيسا فى الإفطار والسحور، كما أوضحت أن هناك أكلة مميزة فى وجبة السحور وهى البيض بالملوخية، ويتم تناولها مع عيش الدوكة الذى يعتبر أهم المخبوزات للنوبيين.
وبعيدا عن أطعمة مائدة رمضان، فهناك طقوس لأهالى النوبة خلال الشهر الكريم، إذ أضافت الحاجة منى أن من أهم تلك الطقوس الحصول على فترة من النوم فى وقت القيلولة الذى يبدأ من الساعة الثانية ظهرا وينتهى حتى الساعة الرابعة، وعقب ذلك يستقيظ الجميع للاستعداد لتجهيز وجبات الإفطار.
ومن النوبة فى الجنوب الغربى لبوابة مصر الجنوبية الشرقية، إلى مثلث حلايب وشلاتين، المطل على ساحل البحر الأحمر، تلك البقعة الغالية على مصر ويقطنها قبائل البشارية والعبابدة والرشايدة، مازالت حتى الآن تتمسك بعاداتها وتقاليدها منذ عشرات السنين .
الشيخ محمد طاهر سدو، شيخ مشايخ منطقة أبو رماد، شمال مدينة حلايب، يقول إن أهالى البشارية والعبابدة فى حلايب وشلاتين لهم عادات لها مغزى كبير وخاصة فى شهر رمضان .
وأضاف الشيخ سدو فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن أفضل وجبة غذائية يتم طهيها فى المنطقة هى وجبة " السلات" وهى شواء لحم الضأن على أحجار البازلت بعد تسخينها لأن البازلت يمتص الدهون.
وأوضح سدو أن من عادات وتقاليد المنطقة أن يتناول الجميع طعامه من طبق واحد، وليس لكل فرد طبق، مؤكدا أن ذلك يدل على التكاتف والمحبة، وتطبيقا لمقولة "اللمة بتأكل" وخصيصا فى رمضان وولائم المشايخ .
وأضاف أن كل شيخ من مشايخ القبائل فى رمضان له يوم معين يقوم بتجهيز وليمة فيه، وكل وليمة يحضر الناس إليها دون دعوة إذ أن لكل وليمة رجالها.
العيش الشمسى فى قنا
يقول أحمد الشناوى، أحد شباب قبيلة البشارية، إن من العادات والتقاليد المتبعة منذ القدم أن يجهز الشباب الفطار على ساحل البحر أو فى البر.
وأضاف الشناوى أن أهم شىء فى موائد الإفطار وعادات وتقاليد المنطقة هو تجهيز مشروب الجبنة، مؤكدا أن الجميع ينتظر الإفراغ من الطعام لتحضير عدد من فناجين هذا المشروب، ويتم تجهيزه بدق البن وإضافة الحبهان وإشعال النيران ووضع ليف النخل فى مقدمة الأبريق لتصفيته من حبيبات البن والحبهان .
وأكد الشناوى أنه بعد الإفراغ من تناول الإفطار والصلاة، تبدأ جولة طوال الليل مع قعدات السمر والجبنة، فنجان وراء الآخر حتى يشرب كل شخص من الجالسين ما بين 40 إلى 50 فنجانا فى الجلسة الواحدة .
وقال الشناوى إن الكلمة التى تتردد دائما بالطرقات فى حلايب وشلاتين، خلال شهر رمضان هى "أو ترق هوى شبوبنا " وهى كلمة تعنى "مبارك عليكم الشهر الكريم " إلا أنها تنطق بلهجة قبائل البجا قاطنة منطقة حلايب وشلاتين.
وفى مدينة مرسى علم والقصير، يعد الأهالى إفطارا كبيرا فى البر أو على ساحل البحر، يدعون له جميع الأصدقاء أو أفراد العائلة، مع وجود مشروب الجبنة.
ومن حلايب وشلاتين جنوبا إلى مطروح فى الشمال الغربى، حيث طرأت تطورات على السلوكيات وأنماط الحياة فى المناطق البدوية، وأصبح هناك اختلاف بين سكان المدن والصحراء بمحافظة مطروح، وأثرت هذه الاختلافات على العادات والموروثات البدوية الخاصة بشهر رمضان المبارك، فى حين يحاول البدو فى المدن والقرى والنجوع المترامية فى الصحراء التمسك بكثير من العادات والتقاليد القديمة.
يتجمع رجال وشباب كل عائلة أو نجع لتناول الإفطار فى منزل كبير العائلة أو النجع، الذى يذبح خروفا أو أكثر لهذه المناسبة، ويجتمع على مائدته جميع الأهل المقيمين بالمنطقة أو فى أماكن أو مدن أخرى.
وتحرص كثير من المجموعات الشبابية من الأصدقاء، على تنظيم رحلة فى الصحراء أو على شاطئ البحر، يطلق عليها باللهجة البدوية "زردة" ، يتشاركون اللعب والتسالى وطهى الطعام والإفطار .
ويقيم معظم الأثرياء من كبار القبائل، خيمات للضيافة، بالقرب من منازلهم، يستقبلون الضيوف وعابرى السبيل والأقارب والأصدقاء لتناول الإفطار، ويخصصون لهذه الخيمة ميزانية خاصة، إذ يتم ذبح شاه يوميا أو الطيور ويتولى الطهى طباخ خاص طوال الشهر.
ويخزن معظم البدو، فى منازلهم، احتياجاتهم من السلع الرمضانية، بكميات تكفيهم طوال الشهر، وهى عادة متوارثة، حيث كان البدوى قديما يذبح "شاه" من قطيعه، قبل رمضان، وتقوم النساء بإعداد " القديد" وهو وضع الملح على اللحم ونشره فى الشمس لفترات طويلة ليكون خزين الشهر من اللحوم وكذلك تخزين " الرُب" أو " الدبس" الذى يصنع من التمر ويشبه العسل الأسود فى الشكل والطعم، ومع توفر الكهرباء والثلاجات أصبح حفظ اللحوم والأطعمة فى الثلاجات
وتتبادل السيدات البدويات الطعام مع الصديقات والجيران فى المنطقة أو النجع، وهى عادة قديمة يطلق عليها باللهجة البدوية"الذواقة" التى تدعم روح التكافل والمحبة، إذ تقوم كل سيدة بتوزيع جزء من طعامها مهما كان نوعه على البيوت الأخرى، وبذلك يتبادل الجميع الطعام لتضم مائدة كل بيت أصناف مختلفة.
ويحافظ بعض شيوخ وشباب البدو خاصة فى المناطق النائية، على بعض الألعاب والتسالى خلال نهار رمضان مثل لعبة "السيجا "، التى تحظى بشعبية وحماس خاص، حيث يتجمع هواة اللعبة بعد صلاة العصر تحت ظل شجرة أو جدار ويلعبون السيجا إلى ما قبل آذان المغرب، وينظمون دورات وهناك مشاهير للعبة فى كل منطقة.
وفى واحة سيوة يحافظ الأهالى هناك، على تقاليدهم وخصوصيتهم التى يمتازون بها دون غيرهم، وللسيويين عادات وطقوس خاصة خلال شهر رمضان.
يشتهر أهالى سيوة، بأنهم يميلون إلى الطابع الصوفى، ويتبعون"الطريقة السنوسية" و"الطريقة المدنية"، وهاتان الطريقتان ساهمتا قديما فى لم الشمل بين أهل سيوة الشرقيين والغربيين وقضت على النزاعات والخلافات بينهم ويتعاملون مع شهر رمضان بإجلال وورع، ويهدون المغتربين المقيمين فى الواحة البلح والطعام.
ويتعهد عدد من شباب واحة سيوة مع بداية شهر رمضان من كل عام، بالمرور على جميع منازل الأغنياء والفقراء وجمع السلع والطعام أو النقود لشراء السلع، وبعد تجميع كميات كبيرة، يتم فرزها وتقسيمها وتوزيعها على بيوت الواحة مرة أخرى، وهى طريقة للتكافل الجماعى الذى لا يسبب حرجًا للفقراء الذين يشاركون فى العطاء، وبذلك تتشابه موائد منازل سيوة.
تجهيز البن ودقه لاعداد القهوة
ويفطر أهالى سيوة على التمر واللبن الرايب، ثم يذهبون إلى صلاة المغرب فى المسجد إذ يحرص الجميع على صلاة المغرب جماعة ومن المشروبات الخاصة بهم "اللتبى" أو روح النخلة وهو يستخلص من أحد أجزاء جزع النخلة وهذا المشروب مفيد ومقوى، لكنه إذا بات لليوم الثانى أصبح خمرا وضارا.
ويحتفى أهالى سيوة بالأطفال عند صيامهم لأول مرة، إذ أن الطفل الذى يصوم لأول مرة، لا يفطر فى منزله إلا آخر يوم فى رمضان، إذ يستضيفه أقاربه وجيرانه يوميا على الإفطار ويقدمون الهدايا له، لتشجيعه على مواصلة الصيام.
وفى محافظة قنا قلب الصعيد، يعتبر الرغيف الشمسى أحد العادات التى يقبل عليها القنائيون لتناول الإفطار فى شهر رمضان فتلجأ ربات البيوت إلى صنع العشرات من الرغيف الشمسى لوضعه على مائدة الشهر لحين انتهائه ، يتخلون فيه عن تناول الخبز المصنع داخل الأفران العادية والمعروف بالعيش الشامى والمصرى.
اشعال الموقد لتجهيز القهوة
فالعيش الشمسى يمتاز بالطعم الطازج فهو يساعد فى تناول أنواع معينة من الطبيخ مثل الملوخية والبامية ، ويأخذ شكلا مستديرا وطولا مرتفعا، كما أن عملية تخزينه فى الثلاجة وتسخينه بعد ذلك تجعله طازجا وصالحا للتناول طوال شهر رمضان الكريم، ويُباع بكثرة فى رمضان، كصنف أساسى داخل محلات البقالة والسوبر ماركت، وعلى الأرصفة بالشوارع الرئيسية.
ويعتبر العيش الشمسى من التراث القديم والغذاء الذى يتناول به القنائيون والصعايدة طعامهم ولكن مع ارتفاع أسعار الحبوب وغلاء أسعار الدقيق الفينو الذى يتم تخليطه بدقيق القمح لصنع العيش الشمسى أصبح القنائيون يعزفون عن تناوله لكن مع دخول رمضان تتخلى جميع المنازل عن تناول الخبز العادى وتلجأ السيدات لعادة خبز العيش الشمسى، وهناك من يواظب على تناوله فى العام كله.
ومن الصعيد إلى أرض الفيروز سيناء الغالية، تعد " القهوة العربية السادة" مشروبا رسميا فى دواوين ومجالس قبائل بدو سيناء طوال ليالى رمضان، لا تتم مراسم التجهيزات لإفطار كل يوم دون إعدادها بهدوء على نار الحطب.
احد اطفال سيناء ينتظر القهوة العربى
"الكيف الحلال يا ولدى" بهذه الكلمات لخص عيد حسين، مُسن تجاوز عمره الثمانين عاما، قيمة القهوة فى حياته، وواصل حديثه وهو يمسك بقوة تحدت إصابة يديه برعشة، دلال القهوة المتراصة أمامه، ويسكب فيها الماء، ويقول إنه فى مجلسه الكائن غرب العريش، حريص كغيره من أبناء البادية فى سيناء على صناعة القهوة كمشروب رسمى له ومن معه فى الديوان من أبنائه وأقاربه وضيوفه.
ولم يخف المسن البدوى، أن صناعة القهوة هى حرفته الوحيدة التى تمسك بها بعد كل هذا العمر، لافتًا إلى أنه فى صغره كان لقداسة مشروب القهوة أنه لا يستطيع تناوله فى حضرة كبار السن، وهو الآن يصنع القهوة يوميا قبل حلول موعد الإفطار بنحو ساعة، ويساعده الشباب بإشعال النار فى الحطب الذى يحضرونه، وتجهيز أدوات صناعتها، ويبدأ بتحميص حبوب البن، ثم طحنها فى الأداة المخصصة لذلك بمقدار ما يكفى " تلقيمة الليلة"، وغلى الماء على النار وإلحاق القهوة بها بمعايير محددة، ثم نقلها للدلال المخصصة لتسكب منها فى الفنجان وتقديمها .
شواطئ الاسكندرية فى رمضان
واستكمل الحديث ماجد سليم المنصورى، وهو شاب من أبناء قبيلة السواركة، ومهتم بالحفاظ على تقليد صناعة وشرب القهوة فى مجلس كبير بجوار منزل أسرتهـ وقال إن أبناء بدو سيناء مهما تقلبت بهم الظروف وانتقلوا من مكان لآخر لا ينسون عادات أصيلة تربوا عليها وتوارثوها حتى أصبحت إلزاما عليهم، ومن بينها صناعة القهوة العربية على الجمر فى المجلس كل يوم.
وقال المنصورى، إن القهوة العربية تتدلل طربًا مع غروب الشمس "وهم يعتبرون أن رمضان ضيف عزيز لديهم، وله طقوس وتراث فى ديار البدو بألوان جميلة كجمع الأحبة والخلان والأهل، يسعهم مجلس بدوى بعبق الكرم والعادات والتقاليد فى حضرة القهوة سر جاذبية المكان، فالقهوة هى أسلوب ضيافة أصيل لدى البدو، وهى متوارثة عن الآباء والأجداد ومن ضمن العادات والتقاليد الأصيلة، فالقهوة هى رفيق البدو الدائم، هى الشىء الذى لا يمكن الاستغناء عنه فى المناسبات، لأنها تعتبر تجسيدا لكرم الضيافة.
سلى صيامك بالصيد فى اسكندرية
وأشار إلى أن مكونات القهوة عندهم تتكون من بن القهوة وهيل وزعفران، إذ يضاف البُن إلى الماء المغلى، وتترك القهوة لتغلى حتى تصل لمرحلة الفوران، وتوضع جانبًا لدقائق ثم يوضع الهيل والزعفران فى الدلة، ومن ثم تسكب القهوة المغلية من دلة إلى أخرى، ومجازا يطلق على صانعها اسم " البكرجى"، الذى يكمل دوره بأن يقوم بوضع عدد من الفناجين فى يده اليمنى، والبكرج فى يده اليسرى.
ويعتبر من العيب عند البدو، أن تقدم القهوة باليد اليسرى، ويتوجب على "المقهوى" وهو من يقوم بتقديم القهوة أن يقدمها باليد اليمنى، وأن يتناولها الضيف باليد اليمنى، ثم يلف "المقهوى" مرة ..مرتان ..ثلاث.. وهناك مسميات لكل فنجان يقدم فى كل مرة من الثلاث مرات، وهى الفنجان الأول يسمى هيف ، والثانى كيف ، والثالث جلالة الضيف .. وإذا اكتفى الرجل هز فنجانه بيمينه فى المرة الأولى أو الثانية أى أنه اكتفى.
وقال محمد سالم أحد تجار الأدوات المنزلية فى مدينة العريش، الذى يخصص جانبا لبيع أدوات القهوة، أن زبائنه من أبناء القبائل البدوية فى شمال سيناء، لديهم اهتمام خاص بشراء " بكارج القهوة" ويفضلون من بينها النحاسية الأصيلة التى تتحمل قوة النار، وهذه تتم صناعتها فى ورش خاصة فى القاهرة يتم الاتفاق عليها وجلبها، وأدوات أخرى يتم إحضارها من دول الخليج والأردن وبيعها، لافتًا إلى أن النحاسين المصريين لديهم تفوق فى صناعة دلال القهوة أيضا.
شواطئ الاسكندرية
وإلى عروس البحر الأبيض المتوسط، عاصمة مصرية الثانية، حيث تختلف الإسكندرية بطبيعة طقسها عن باقى المحافظات فهى تتميز بطقس رمضانى سياحى مختلف وفى فترة النهار تجد الجميع يسبح فى ملكوته منهم من يستمتع بالشاطئ والنزول الى البحر فى نهار رمضان مع الأطفال والبعض الآخر يقرأ القرآن.
هناك عدة عادات سنوية يقوم بها الأهالى فى الإسكندرية على ساحل البحر فى شهر رمضان منها الإفطار على شاطئ البحر سواء على، والاستمتاع بفترة الغروب وسط العائلة حتى صلاة العشاء.
ويقول مدحت يوسف، أحد رواد الشاطئ، إن الإفطار على البحر طقوس سنوية يقوم بها مع أسرته ، موضحا أن الاستمتاع بشاطئ البحر والإفطار فى الهواء الطلق أفضل بكثير من الإفطار فى المنزل حتى لو تكبدوا مشقة الوصول للشاطئ الذى يبعد منزلهم.
ولم يغفل أهل الإسكندرية عن تجربة الصيد فى نهار رمضان فهى من أمتع التجارب التى تمنح الصبر ولكن درجات الحرارة المرتفعة منعتهم من الاستمتاع بهذه التجربة ، ولكن رغم ذلك فهناك صيادون محترفون يخرجون فى مراكب صيد يوميا فى نهار رمضان للاستمتاع بالصيد فى جزيرة نيلسون فى أبو قير .
وقال أحمد يوسف، أحد الصيادين ، إنه معتاد على الصيد فى نهار رمضان منذ صغره فهو يعلم الصبر ولا يشعره بالعطش ومشقة الصيام، موضحا أنه يذهب للصيد بعد صلاة الفجر وحتى قبل آذان المغرب بساعة أو الاتفاق على العودة بعد المغرب مباشرة .
عجين خبز الدوكة اهم مخبوزات المطبخ النوبي