بعد خمسة أسابيع من التظاهرات و78 قتيلا و900 جريح، توقف الحوار الوطنى فى نيكاراجوا، ولم يتراجع غضب قسم من الناس يطالبون باستقالة الرئيس دانيال أورتيجا.
فالمقاتل السابق الذى يبلغ الثانية والسبعين من العمر، وبطل الثورة الساندينية لإطاحة الدكتاتورية فى 1979، تولى حكم البلاد بعد ذلك حتى 1990، ثم عاد إلى الحكم منذ 2007.
وكانت الشرارة التى فجرت الغضب الشعبى إصلاح لمعاشات التقاعد من خلال زيادة المساهمات. ومع ان الحكومة تراجعت عنه بسرعة، أصبح ذريعة لحركة سخط اوسع، للتنديد بنقص الحريات والمطالبة باستقالة رئيس الدولة.
وإلى الحصيلة البشرية الكبيرة للتظاهرات، يضاف تأثير الإضرابات وعمليات نهب المتاجر وإقفال الطرق، على الاقتصاد. فقد خفضت الحكومة توقعاتها للنمو من ما بين 4،7 - 5،2% الى 3-3،5%. وهرب السياح من البلاد.
إلا أن الرئيس غير مستعد للاستسلام على ما يبدو. وقال عالم الاجتماع والمحلل أوسكار رينيه فارجاس، ردا على أسئلة وكالة فرانس برس ان "اورتيغا لن يتخلى عن الحكم كيفما كان، سيقاوم حتى النهاية". واضاف "لن يتحرك من هنا، حتى يصبح من المتعذر السيطرة على الوضع".
وأشار هذا الخبير الى ان الرئيس ما زال يستفيد من الدعم الأساسى لأوساط رجال الأعمال حلفائه الاساسيين خلال 11 عاما فى الحكم، وان كان هذا الدعم يتفتت على ما يبدو.
واعرب رؤساء المؤسسات عن تضامنهم "شفهيا" مع التظاهرات ضد الحكومة والتى بدأها الطلبة فى 18 أبريل. لكنهم لم يرغبوا فى الانضمام إلى حركة الاضراب الوطنى الأخيرة، فيما فعلوا ذلك خلال التمرد على دكتاتورية سوموزا (1934-1979)، كما ذكر فارجاس.
واكد فيكتور كوادراس أحد قادة الطلبة لحركة الاحتجاج، انهم "منقسمون" بين الذين يريدون بقاء أورتيجا فى الحكم حتى الانتخابات الرئاسية فى 2021، وبين الذين يرغبون فى استقالته المبكرة.
وأوضح أوسكار رينيه فارجاس، أن الولايات المتحدة، الشريك التجارى الأساسى لنيكاراجوا، لم تتخذ تدابير ضاغطة قوية بما فيه الكفاية لإطاحة الحكومة.
أصدرت واشنطن الجمعة تحذيرا جديدا. ودانت وزارة الخارجية فى بيان "أعمال العنف الأخيرة التى قام بها رعاع تسيطر عليهم الحكومة وأدت الى وفيات جديدة من المتظاهرين فى نيكاراجوا" ،وقبل يومين، أسفرت مواجهات بين معارضى أورتيجا وأنصاره عن قتيلين و54 جريحا.
واعلنت الخارجية الأمريكية أنه "على الحكومة النيكاراجوية تأمين الظروف الملائمة لحوار موثوق به ومنفتح على الجميع، وضمان سلامة المشاركين فيه"، داعية السلطة التنفيذية الى متابعة توصيات المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان.
وكانت هذه المحكمة نددت الاثنين بالاستخدام المفرط للقوة من اجل قمع التظاهرات وطالبت بوقف العنف الذى تقوم به الشرطة.
وتسعى منظمة الدول الأمريكية أيضا إلى ممارسة ضغط على دانيال أورتيجا، واقترحت اجراء انتخابات مبكرة. وقال امينها العام لويس الماغرو الأربعاء أن "أى شخص يعتقد انه يتوافر لنيكاراجوا حل غير الحل الانتخابى يرتكب خطأ فادحا".
لكن حتى الآن، لا يرتسم فى الافق اى حل فورى للأزمة، فيما علق المؤتمر الأسقفى الأربعاء الحوار الوطنى بعد ساعات من بدئه فقط لأنه لم يتم التوصل الى اتفاق بين الحكومة والمعارضين.
وأكد خوسيه باليه النائب السابق لوزير الخارجية والنائب السابق للمعارضة، "وجود عرقلة للحوار وهذا امر خطير، لانه قد يؤدى الى استمرار وضع البلاد غير المستقر، حيال تعنت الحكومة".
وأضاف فى تصريح لوكالة فرانس برس أن دانيال أورتيجا "لا يريد تعرض حكمه للخطر"، وأن المتظاهرين ليسوا مستعدين للخروج من الشوارع لأنهم يعرفون انهم إذا ما فعلوا ذلك "ستزداد قوة الدكتاتورية، ويصبح القمع أقوى، وستحصل حملة من العنف الإنتقائى".
وكشف استطلاع للرأى أعدته مؤسسة كيد-غالوب بين 5 و15 مايو، ان 63% من النيكاراجويين باتوا يطالبون برحيل الرئيس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة