تنظر الكثير من المجتمعات إلى المتحولين جنسيا بنظرة مخجلة ويعتبرونهم أحيانا شواذا لاسيما عندما يتحول الرجل إلى امرأة، فى ظل الثقافة الذكورية السائدة التى تقلل من المرأة، غير أن دراسة حديثة كشفت عن أن توصيلات أدمغة الأشخاص المتحولين جنسيا تتناسب مع النوع الذى تحولوا له بدلا من جنسهم البيولوجى عند الولادة.
وأوضحت مجلة نيوزويك الأمريكية، بحسب استعراض للدراسة على موقعها الإلكترونى، أن الباحثين وجدوا أنه الهوية المغايرة للأشخاص المتحولين ترتبط بتطوير أدمغتهم فى الرحم. وقام الباحثون فى المركز الطبى لجامعة VU بهولندا بتحليل نشاط الدماغ لـ160 من الفتيان والفتيات المتحولين جنسيا باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسى.
وقام فريق البحث بتقييم كيف تغيرت أدمغتهم استجابة للفيرمون الذى يحث على نشاط خاص بالنوع. ووجد الباحثون أن المراهقين المتحولين جنسيا لديهم أوجه متوازية مع نشاط الدماغ لدى المشاركين من نفس الجنس Cisgender.Cisgender هو المصطلح المستخدم لوصف الشخص الذى يحدد بنوع الجنس البيولوجى الذى ولد به.
وقالت البروفيسور جولى باكر، الخبيرة فى علم الغدد الصماء العصبى لدى جامعة لييج والمؤلفة الرئيسية للدراسة، لمجلة "نيوزويك": "كلما تم الكشف عن ميول [المتحولين جنسيا] مبكرا، كانت نتيجة العلاج أفضل".
وأشارت إلى أنه على سبيل المثال فى هولندا تتم معالجة الصغار بمثبطات سن البلوغ عند عمر 12 سنة لمنع تطور الخصائص الجنسية الثانوية التى يصعب أو حتى يستحيل عكسها (مثل خفيض الصوت عند الأولاد) ثم فى سن 16 عاما من العمر، يمكن لهم أن يبدأوا بالهرمونات العابرة للجنس. وبحسب الدراسة فأنه تبين أن النتائج جيدة بين هؤلاء الشباب وأنه مقبول بشكل جيد من قبل أقرانهم.
ومع الوضع فى الاعتبار أن الدراسة شملت مجموعة صغيرة من المراهقين، لكن الباحثون القائمون عليها أوضحوا أن عدد الدراسات حول هذا الموضوع قد تزايد فى السنوات الأخيرة ويتقاسم الباحثون البيانات.
وأضافت باكر: "من المهم دراسة أصل الاختلافات الجنسية فى الدماغ ، ليس فقط لاتخاذ القرارات الخاصة بعلاج الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النمو الجنسى أو من اضطراب الهوية الجنسية، ولكن أيضا بسبب وجود اختلافات جنسية مهمة تحدث فى مجموعة واسعة من الأمراض العصبية مثل التوحد والاكتئاب وانفصام الشخصية والأمراض العصبية مثل مرض الزهايمر.
وتابعت: "نحن بحاجة إلى معرفة المزيد عن كيفية تأثير هرمونات الجنس على وظائف الدماغ وهيكله". وأوضحت أن معظم الدراسات تجرى على الأشخاص الذكور، سواء البشر أو الحيوانات، فأن هذه الدراسات لا تتعلق دائما بالإناث.
وقالت "لقد تبين أن النساء أكثر حساسية للمورفين أو أدوية النوم، ويمكن أن تكون هناك اختلافات أخرى كثيرة لم يتم اكتشافها بعد لأن الدراسات تركز على الذكور فقط".
وكان الدكتور جيمس باريت، رئيس الجمعية البريطانية لأخصائى الهوية الجنسية، من بين أولئك الذين استعرضوا الدراسة. وقال لمجلة "نيوزويك" بإن الدراسة هى أحدث دليل على وجود صلة بين هياكل دماغ المتحولين جنسيا والجنس الذى يشعرون بالانتماء له.
وأضاف كان من المعتاد طيلة سنوات طويلة أن يشار إلى هذا كله باعتباره أمرا سيكولوجيا، وعلى مر السنين كان البندول يتأرجح بين هل هى طبيعة أم تنشئة؟، لكنه تأرجح أكثر نحو الجانب الطبيعى مع تزايد الأدلة البيولوجية التى تشير إلى أنه قد يكون هناك شىء فطرى فى بيئة ما قبل الرحم.
وردا على أولئك الذين يدعون أن التحول الجنسى هو خيار "نمط حياة"، قال: "إن هذا لا يتفق مع تجربتى مع الأشخاص الذين أتعامل معهم على أساس يومى. أتخيل أن أولئك هم نفسهم من يقولون أن الأشخاص المثليين لديهم خيار".
وتابع رئيس الجمعية البريطانية لأخصائى الهوية الجنسية، متسائلا: "هل يختار الشخص أن يكون أعسرا؟، يمكنك أن تجعلهم يكتبون باليد اليمنى، ويمكن أن يصبح جيدا فى ذلك، ولكنه أعسر بشكل أساسى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة