"المريض الإنجليزى".. رواية شهيرة للكاتب السيريلانكى مايكل أونداتجى، صدرت عام 1992، وفازت بجائزة مان بوكر للرواية الدولية، وبمناسبة مرور 50 عامًا على إطلاق هذه الجائزة فى 1969، تم إطلاق جائزة مان بوكر الذهبية للرواية.
وتقوم جائزة مان بوكر الذهبية للرواية، على اختيار 5 روايات سبق وأن فازت بجائزة مان بوكر للرواية الدولية، ويقوم كل عضو من أعضاء لجنة تحكيم الجائزة، وهم 5 أعضاء، باختيار رواية واحدة من 10 روايات تمثل عقدًا من الزمن، وجاءت رواية "فى دولة حرة" لتمثل فترة السبعينيات.
يروى مايكل أونداتجى، فى رواية "المرض الإنجليزى" قصة مريض يعتقد أنه إنجليزى وجد فى مصر أثناء الحرب العالمية الثانية، وقد سقط مع طائرته وتشوه بسبب الحروق إلى درجة لا تمكن أحدًا من معرفة هويته، كما نتج عن هذا الحادث فقدانه للذاكرة.
وعبر مسار السرد، نكتشف أن "المريض الإنجليزى" لم يكن إنجليزيا، وإنما مجريا، برع فى رسم الخرائط لشغفه الشديد بالصحراء، وزار مصر، وتنقل فى الصحراء الغربية ثم قرية توسكانى، ثم عاد للصحراء والعاصفة الترابية العارمة حتى يصل إلى مركز الأحداث فى قرية توسكانى والفيلا المهجورة.
تجرى أحداث الرواية إبان الحرب العالمية الثانية، حينما قام الكونت لارلو دى الماسى برحلة مع الجمعية الجغرافية الملكية للقيام بعملية مسح فى مصر وليبيا، وبرفقته ما دوكس وخلال رحلتهما، يلتقيان مع زوجين بريطانيين، جيفرى وكاثرين كليفتون الذين يلتحقان بهما، حيث تأخذ الرواية، بعدا جديدا، وتقترب كاثرين من "الماسى"، بينما يظل جيفرى مشغولا، وقبيل اندلاع الحرب تقوم المجموعة بتحقيق مجموعة من الاكتشافات الاثرية مزينة برسومات يرجع تاريخها الى عصور ما قبل التاريخ.
وبعد تحطم الطائرة التى كان على متنها كل من كاترين وزوجها جيفرى، الذى يلقى حتفه، تتعرض كاثرين إلى عدد من الإصابات، وهنا يتحرك "الماسى" لإنقاذها، خلال رحلة ثلاثة أيام سيرا على الأقدام بهدف الوصول إلى القاهرة، ليضعنا الكاتب أمام أجواء وليالى القاهرة فى تلك المرحلة من الأربعينيات، وأمام حكاية الحب والخسارة.
تحولت رواية "المريض الإنجليزى" عام 1996 إلى ينقل هذه العوالم من بين صفحاتها إلى عين القارئ، وأصبح الفيلم من روائع أفلام السينما الكلاسيكية.
وفى فيلم "المريض الإنجليزى" تضافرت عوامل الإخراج والتصوير والتمثيل لتُنتج فيلماً مُكتمل العناصر الفنية. فريق التمثيل قدم شخصياتٍ لا تُنسى من لحمٍ ودم، وقدم التصوير السينمائى مشهدية بصرية غنية تُصبح فيها الصحراء وزخرفة معمار القاهرة القديمة أجزاء من صورة بصرية شديدة الغنى فى الشكل وفى الرموز الجمالية. الكاميرا فى فيلم المريض الإنكليزى لا تُثرثر أبداً، بل تأخذ موقفاً من السرد وتدخل فى نسيج الفيلم.
ويظهر العرب فى الفيلم فى خلفيات باهتة وقليلة التأثير، فهم شخصيات شبحية، إما تخدم الأوروبيين، أو تُنقذ واحداً منهم لأسبابٍ غير مفهومة. تأثير الحرب على العرب لا يظهر، لأنهم آخر خارج المُعادلة، لكن الفيلم لا يروى قصة عربية، بل يروى قصة الضمير الأوروبى الذى مزقته الحرب العالمية الثانية، بعدما أثقل تاريخه الاستعمارى كاهله.
ويعد الكاتب مايكل أونداتجى (12 سبتمبر 1943) أول كاتب يحصل على جائزة مان بوكر سواء فى كندا أو سيرلانكا. وعلى الرغم أنه عرف فى عالم الأدب كروائى، إلا أنه كان يكتب الشعر قبل الرواية، إلى جانب كتابته لأدب السيرة الذاتية والسينما.
ونشر مايكل أونداتجى 13 ديوانا وفاز بجائزة الأدب الكندية "المحافظ العام" مرتين، الأولى عن ديوانه "مجموعة أعمال بيلى الطفل" عام 1970، والثانية عن ديوانه "هناك خدعة بالسكين أتعلمها" عام 1979. كما قدمت أشعاره من المجموعة الأولى وروايته "القادم عبر المجزرة" على خشبة المسارح فى شمال أمريكا.
كما أن للكاتب مايكل أونداتجى رصيد من الأعمال على صعيد السينما يصل إلى ثلاثة أفلام منها، فيلم وثائقى عن الشاعر الكندى بارى فيليب نيكول (1944 - 1988) الذى برع فى القصيدة البصرية التى تعتمد على الشكل والتكوين كعنصر لتعزيز المعنى، والتى ترجع أصولها إلى عهد الإغريق، كما أخرج أونداتجى الفيلم عام 1970 وحمل عنوان "أبناء كابتن الشعر".
كما حقق فيلمه الوثائقى الدرامى "كلينتون المميز: فيلم عن عرض المزرعة" عام 1974، نقلة على صعيد مفهوم الفيلم، إذ جمع فى عمله بين عرض الممثلين وتفاعل المزارعين مع العرض، خاصة وأن العرض مرتبط بحياة المزارع. كما نشر عام 2002 كتابا بعنوان "حوارات، وولتر مارش وفن مونتاج الفيلم"، والذى فاز بعدة جوائز منها جائزة محررى السينما الأميركية.
وعلى صعيد نشاطه الأدبى، يشارك أونداتجى فى دعم دار النشر الكندية (كوتش هاوس بوكس) التى تعنى بنشر التجارب الأدبية الإبداعية والمبتكرة سواء فى إطار القصيدة أو أدب الخيال إلى جانب الأدب الواقعي، وتأتى مساهمته من خلال مشاركته فى قراءة ومراجعة النصوص، وذلك منذ تأسيسها عام 1960.
ومن أشهر وأهم أعماله الروائية حسب ترتيبها الزمني، "القادم عبر المجزرة" عام 1976، و"فى جلد الأسد" ويحكى فيها عن المهاجرين الأوائل الذى استقروا فى تورنتو عام 2002، إلى جانب روايته "المريض الإنجليزى" عام 1992.
وأيضا له "شبح أنيل" التى فازت بجائزة "غيلر" عام 2000، وثلاث جوائز أخرى، وروايته الأخيرة "ديفيساديرو" عام 2007، وعنوانها مستوحى من شارع فى مدينة سان فرانسيسكو ويحكى فيها عن المزارعين فى كاليفورنيا وعن جنوب فرنسا قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة