الهيئات الاقتصادية هى جهات حكومية لها طبيعة خاصة، حيث يوجد لكل هيئة اقتصادية موازنة خاصة مستقلة بها، لا تتبع الموازنة العامة للدولة، ورغم استقلال الهيئات الاقتصادية ماليا، فإن هناك علاقة وثيقة تجمع بينها وبين الموازنة العامة للدولة، فالهيئات الرابحة تدفع للدولة ضرائب عن أرباحها، كما تدفع جزءا من الفوائض المالية التى تحققها إلى الخزانة العامة تدخل ضمن الموازنة، وفى المقابل تحصل الهيئات الخاسرة على دعم أو إعانات من الموازنة حتى تتمكن من توفير موارد للإنفاق على أنشطتها، خاصة الهيئات التى لها طابع اجتماعى مثل هيئة السلع التموينية، وهيئة السكك الحديدية.
إجمالى حجم مشروع موازنات الهيئات الاقتصادية فى السنة المالية المقبلة يقدر حوالى 1.889 تريليون جنيه، وتتوقع الحكومة أن تحقق الهيئات الاقتصادية فوائض مالية خلال السنة المالية المقبلة تقدر بحوالى 65.4 مليار جنيه منها 25.1 مليار جنيه من الهيئة العامة للبترول، و32.9 مليار جنيه من هيئة قناة السويس، و7.4 مليار جنيه من باقى الهيئات الاقتصادية، طبقا للبيان الإحصائى لمشروع موازنة 2018/2019 للهيئات الاقتصادية.
وعلى الجانب الآخر، توقع مشروع الموازنة الجديدة تحقيق خسائر لبعض الهيئات الاقتصادية السنة المقبلة تقدر بحوالى 13.2 مليار جنيه، 92% منها فى هيئتين فقط، هما الهيئة الوطنية للإعلام (اتحاد الإذاعة والتليفزيون سابقا) والتى تقدر خسائرها المتوقعة السنة المقبلة بحوالى 6.7 مليار جنيه، والهيئة القومية للسكك الحديدية والتى تقدر خسائرها المتوقعة السنة المالية المقبلة بحوالى 5.5 مليار جنيه، ويتبقى 1 مليار جنيه تمثل الخسائر المتوقعة لباقى الهيئات الاقتصادية.
وتحدد العلاقة بين الموازنة العامة والهيئات الاقتصادية، المادة الثالثة من قانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973 ولائحته التنفيذية، والتى توضح أن العلاقة تقتصر على الفائض الذى يؤول للدولة من هذه الهيئات، وما يتقرر للهيئات من إعانات ومساهمات "دعم حكومى".
صافى هذه العلاقة بين الموازنة العامة والهيئات الاقتصادية دائما بالسالب، بمعنى أن ما يؤول للموازنة العامة من الهيئات الاقتصادية سواء من فوائض مالية أو ضرائب أو غيرها، يقل عن ما تحصل عليه الهيئات من الموازنة كدعم أو إعانات، وهو ما يوضحه الرسم التالى:
وإذا نظرنا إلى الشكل السابق، نجد أن صافى العلاقة بين الموازنة والهيئات الاقتصادية دائما ما يسجل عجزا، ولكن هذا العجز ارتفع بصورة كبيرة فى السنة المالية 2016/2017 مسجلا 122.412 مليار جنيه، وهى السنة التى شهدت بدء خطة الإصلاح الاقتصادى وتحرير سعر الصرف.
وتعد هيئتى البترول وقناة السويس، هما الأكبر من حيث تحقيق الفائض الذى يؤول للموازنة، أو حتى سداد ضرائب تدخل ضمن إيرادات الموازنة العامة أيضا، ومن المتوقع أن تحقق هيئة البترول فائضا ماليا يوجه للموازنة العامة قيمته حوالى 25 مليار جنيه، وأن تسدد ضرائب على الدخل تقدر بحوالى 18.6 مليار جنيه، فى حين متوقع أن تحقق هيئة قناة السويس فائض مالى 32.959 مليار جنيه للموازنة، وأن تسدد ضرائب 34 مليار جنيه بمشروع موازنة السنة المقبلة.
وتتوقع الموازنة أن تحقق حوالى 11 هيئة اقتصادية خسائر خلال السنة المالية تقدر بحوالى 13.18 مليار جنيه، يتصدرها الهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة القومية للسكك الحديدية، بالإضافة إلى الهيئة الزراعية المصرية، والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، والجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء، وهيئة تنفيذ مشروعات المحطات المائية لتوليد الكهرباء، وهيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، وهيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، وهيئة النقل العام بالقاهرة، والهيئة العامة لنقل الركاب بالإسكندرية، والمتحف المصرى الكبير.