ألقت تداعيات الصراع النووى بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بظلالها على عدة قضايا للداخل الإيرانى فى مقدمتها صفقة الطائرات المدنية التى أبرمتها حكومة روحانى مع شركة "بوينج" الأمريكية لصناعة الطائرات عقب رفع تدريجى للعقوبات عن طهران بعد توقيع الاتفاقية النووية فى يوليو 2015، وتعثر تسليم تلك الطائرات الذى كان من المقرر أن يتم العام الحالى 2018، بفعل الشكوك التى تكتنف مستقبل الاتفاقية النووية ورفض الرئيس الأمريكى لها.
فى عام 2016، لم يكن يعلم روحانى الذى راح يهرول نحو ابرام عقود الطائرات المدنية لتحديث الأسطول الإيرانى المتهالك، أن ساكن البيت الأبيض الجديد سيفسد عليه برنامجه، ففى أكتوبر من العام نفسه وقعت حكومة الرئيس الإيرانى أحد أهم الصفقات مع بوينج الأمريكية لشراء 80 طائرة نقل ركاب بقيمة إجمالية قدرها 16.6 مليار دولار يتم تسليمها لطهران فى العام 2018، منها 50 من الطراز الجديد ذى الممر الواحد 737، و15 من طراز "777 إس" الأكبر حجما، و15 من طراز "777 إكس" الجديدة التى ستكون جاهزة للعمل فى 2020، والأن تبخرت أحلامه فى الحصول عليها فى موعدها بعد تحدثت تقارير بأن مسئول فى شركة الطائرات الأمريكية كشف ارجاء موعد تسليم الصفقة لإيران.
طهران لم تقف مكتوفة الأيدى أمام انهيار حلمها فى استبدال أسطولها البالى بفعل عقوبات العقود الماضية، وحاول روحانى حفظ ماء وجهه أمام المتشددين الذين رشقوا حكومته بسهامهم، واتجه إلى الحليف الروسى، وابرمت شركتى "أير تور" الإيرانية و"آسمان أيرلاين" اتفاق مع "سوخوى" الروسية على هامش معرض "أوراسيا أير شو" للطيران العسكرى والمدنى الذى عقد الأسبوع الماضى فى أنطاليا جنوب تركيا، وتقوم بموجبها الشركة الروسية بتوريد 40 طائرة للشركتين.
وتشير التفاصيل إلى أنه من المقرر أن تتسلم خلال العامين القادمين شركة "إير تور" الإيرانية 20 طائرة مدنية من طراز "سوخوى سوبرجت 100" مخصصة للمسافات القصيرة تتسع لـ98 راكبا، وتحلق حتى مسافة 4.4 ألف كلم، بقيمة تتجاوز المليار دولار. كما سيتم توريد20 طائرة من نوع "SSJ00R" لشركة "آسمان أيرلاين" على أن يتم تسليم الطائرات قبل عام 2022.
توقيع عقد السوخوي الروسية
توقيع صفقة السوخوى أثار نقاشا حادا داخل إيران وتساؤلات حول صفقة "بوينج" التى تعثرت، واستغل التيار المتشدد القضية لشن عاصفة انتقادات حادة ضد التيار الإصلاحى والمعتدل من أنصار روحانى، ووجه هذا التيار سهامه إلى الرئيس الإيرانى الذى دافعت حكومته دفاعا مستميتا عن عقود الطائرات فى عام 2016، أمام موجة رفض لشراء الطائرات واستئجارها من قبل المعسكر المتشدد، وكان رئيس تحرير صحيفة كيهان حسين شريعتمدارى المتشدد والمقرب من المرشد الأعلى على رأس المنتقدين والذى انتقد أكثر من مرة فى تقاريره تلك العقود.
الرئيس الإيرانى
وحاول المسئولون الإيرانيون التهوين من تعثر صفقة بوينج، وتهديد إيران بفرض عقوبات جديدة، وقال أصغر فخرية كاشان نائب وزير النقل الإيرانى فى تصريح لوكالة إيلنا الاصلاحية الاثنين، "تنبأنا بهذه الأحداث، ولن يضيع ريال واحد من الأموال الإيرانية فى هذا العقد حال عودة العقوبات،" وأكد المسئول الإيرانى على أن عقد "بوينج" لايزال قائم بنفس قوته ولم يتغير، مشيرا إلى أن شركة "ايران اير" قامت بدفع مبلغ "مقدم" للبوينج.
وحول مصير صفقة البوينج، حال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى مايو المقبل، قال المسئول الإيرانى، "صعب، لا يمكن التنبؤ بما سيحدث، لكن هذه العقود مرهونة برد فعل الأطراف الأوروبية، لو واصل الأوروبيين تعاونهم مع إيران دون الحاجة إلى موافقة أمريكية فلن تحدث مشكلات.. غير ذلك ستتأثر الكثير من المجالات، لذا فان هذه العقود مرتبطة بسلوك الأوروبيين والصين وروسيا. مشيرا إلى امكانية تعثر تسليم طائرات بوينج الأمريكية التى تتبع قرارات الإدارة الأمريكية، على خلاف ايرباص الفرنسية والتى أبرمت معها حكومة روحانى صفقة طائرات مدنية أخرى.
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة