بعد مرور ثلاثة أعوام على إعلان عالم المصريات البريطانى نيكولاس ريفز، عن العثور على باب سرى فى غرفة دفن الفرعون توت عنخ آمون، والذى كان يعتقد أنه مقبرة نفرتيتى، أشهر ملكات مصر القديمة وزوجة أحد أكثر فراعنتها إثارة للجدل فى التاريخ المصرى القديم، أعلنت وزارة الآثار نتائج الأبحاث الجيوفيزيقية التى أجرتها البعثة العلمية بجامعة البوليتيكنيك بتورينو بإيطاليا، عدم وجود أية غرف خلف جدران مقبرة الملك توت غنخ أمون.
وتعود القصة إلى يوم 13 أغسطس 2015، حين أكد الدكتور ممدوح الدماطى، وزير الآثار آنذاك، أنه سيتواصل مع عالم المصريات البريطانى نيكولاس ريفز لمعرفة الحقائق والأدلة العلمية التى استند إليها للإعلان عن أن الملكة نفرتيتى مدفونة داخل مقبرة الملك توت عنخ آمون بوادى الملوك.
وفى 28 سبتمبر 2015، قام عالم المصريات البريطانى بمعاينة مقبرة توت عنخ آمون، لاكتشاف مقبرة نفرتيتى بالبر الغربى، وتم عقد مؤتمر صحفى فى 1 أكتوبر 2015 لعرض بحثه حول مقبرة نفرتيتى، والتى يتوقع وجودها فى إحدى الحجرات الجانبية لمقبرة الملك الذهبى توت عنخ آمون، يوضح من خلاله أدلته على وجود المقبرة فى هذا المكان.
وبنى عالم المصريات البريطانى نظريته على أنه يوجد مدخلان وراء جدران مقبرة توت عنخ آمون الواقعة فى وادى الملوك التى تضم مومياوات غالبية ملوك الأسرة الـ18 (1550- 1292 قبل الميلاد) والأسرة الـ19 (1292- 1186 قبل الميلاد)، ففى الجهة الشمالية من المقبرة يقع مدخل قد يوصل إلى مقبرة نفرتيتى التى ماتت قبل وفاة الفرعون الصغير بعشر سنوات.
وبمجرد ما أعلنت وزارة الآثار بعد موافقة اللجنة الدائمة فى 22 أكتوبر 2015، على المقترح المقدم من عالم المصريات البريطانى نيكولاس ريفز، بشأن الاستعانة بأجهزة رادار فى عمليات اختبار الجدران الداخلية لمقبرة توت عنخ آمون، شن عدد من علماء الآثار هجوما حادًا على ذلك القرار، حيث علق عالم الآثار الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، قائلاً: إن كلام عالم المصريات نيكولاس ريفز، كلام نصب ليس له أساس على الإطلاق، وكان من المقرر دعوة علماء متخصصين من وادى الملوك لمعرفتهم للمنطقة معرفة دقيقة، لإثبات أن نظرية نيكولاس غير صحيح.
وفى ذلك الوقت أيضًا علق الدكتور عبد الحليم نور الدين، أستاذ الآثار المصرية بجامعة القاهرة، قائلاً: لا أعتقد أن نتائج استخدام الرادار ستكون إيجابية، لأن الموضوع لم يدرس دراسة كفاية، ويحتاج المزيد من الدراسة والجهد، مضيفًا: ليس من المنطق أن تدفن نفرتيتى فى مقبرة صغيرة بجوار توت عنخ آمون.
وفى 26 نوفمبر 2015، واصل العالم عمله بأحدث الأجهزة العلمية الحديثة، بالاشتراك مع الدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار آنذاك، والذى فجر مفاجأة أنه لا يعتقد بوجود مقبرة الملكة نفرتيتى خلف جدران مقبرة توت عنخ آمون، ولكنه أصبح متأكداً من وجود كشف أثرى جديد وهو ما أثبته العمل بجهاز الرادار، من وجود فراغات خلف المقبرة.
وفى 8 مايو 2016، عقد الدكتور خالد العنانى، بعد توليه حقيبة وزارة الآثار، مؤتمرا موسعا ضم عالم المصريات البريطانى نيكولاس ريفز، وعلماء الآثار على رأسهم الدكتور زاهى حواس، والذى حذر البريطانى قائلاً: إننا لا يمكن أن نعتمد على نظريتك دون أدلة كاملة، بالإضافة لأنك لا تملك الأدلة الكاملة.
وأوضح حواس، يجب أن نعتمد على أجهزة أخرى غير التى تم استخدامها، وأن تكون بقراءة غير يابانية، حيث إن نتيجة الأجهزة اليابانية تعطى قراءة بنفس لغتها وهى التى لا يستطيع أى أحد أن يترجمها، ولهذا يجب ومن الضرورى أن نأتى بأجهزة أكثر دقة.
وطالب المؤتمر، بحضور وزير الآثار خالد العنانى ونخبة من علماء الآثار، بالمزيد من البحث والتحليل للتعرف على مدى وجود فراغات خلف مقبرة توت عنخ آمون، وأن يكون هناك استخدام مستقبلى ومستمر للمسح الردارى والتقنيات الحديثة ليس بمقبرة توت فقط، ولكن بكل مشروع من الممكن أن يعطى نتائج علمية وذلك للبحث العلمى والحفائر العلمية.
بينما أوضح الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، خلال حواره مع "اليوم السابع"، العام الماضى، أنه عندما ذهب لمعاينة المقبرة لم يجد شيئا واضحا، وأنه يرحب بالتعاون مع أى جهة علمية دولية تستخدم رادار غير مؤذٍ للآثار المصرية وبتقنية مختلفة عما سبق استخدامه، مؤكدا أنه ليس على يقين بأن كلام «نيكولاس» صحيح، لعدم وجود دلائل علمية تؤكد نظريته.