وصل الرئيس السودانى جعفر نميرى إلى مصر يوم 7 مايو «مثل هذا اليوم» عام 1978، وتوجه إلى استراحة «كنج مريوط» للقاء الرئيس السادت، حسب تأكيد محمد إبراهيم كامل، وزير خارجية مصر، فى مذكراته «السلام الضائع» عن «كتاب الأهالى- القاهرة».
كان «نميرى» رئيسًا للجنة التضامن العربى، وكانت الأوضاع العربية فى عز غليانها بسبب زيارة السادات إلى «القدس» يوم 19 نوفمبر 1977، وخطابه أمام الكنيست الإسرائيلى يوم 20 نوفمبر، وأدت هذه الخطوة إلى قطع دول عربية علاقتها مع مصر وتكوين جبهة «الرفض» بقيادة العراق وسوريا وليبيا ومنظمة التحرير الفلسطينية، وطبقًا لرئاسة نميرى للجنة التضامن العربى كان يحاول لملمة الصف العربى، وحسب محمود رياض، أمين عام جامعة الدول العربية وقتئذ، فى مذكراته «البحث عن السلام.. والصراع فى الشرق الأوسط» عن «دار المستقبل العربى- القاهرة»: «سافرت إلى الخرطوم للاجتماع مع لجنة التضامن العربى فى إبريل، واقترحت أن يقوم الرئيس نميرى باعتباره ممثلا للجنة بزيارة القاهرة بمفرده للاجتماع مع الرئيس السادات، وبعدها يمكن أن يسافر إلى دمشق، وفعلا أيد أعضاء اللجنة رأيى هذا».
يؤكد رياض، أنه فى أول مايو 1978 بدأ الرئيس نميرى مهمته بزيارة مصر، ويكشف: «طلب الرئيس السادات مقابلتى فى الإسكندرية بعد حديثه مع نميرى، وفى الاجتماع أبلغنى أنه استجابة منه للجهود المبذولة لعودة التضامن العربى، فإنه على استعداد لإعادة العلاقات السياسية والدبلوماسية مع الدول العربية التى سبق وأن قطعها معها، كما أنه يوافق على حضور مؤتمر عربى للقمة فى أى وقت وفى المكان الذى تتفق عليه الأطراف العربية، مؤكدا أن مبادرته لم تفشل، بل إنها حركت الرأى العام العالمى، ومازال الإعلام الغربى يكتب عنها، وأكد أيضا أنه لم يقصد بمبادرته أى حل منفرد مع إسرائيل، وإنما قصد حلا شاملا يتم بمقتضاه تحرير الجولان من الاحتلال الإسرائيلى والضفة الغربية قبل سيناء».
يؤكد رياض، أنه سافر فى الخامس من مايو إلى دمشق والرئيس نميرى، للاجتماع مع الرئيس حافظ الأسد، وبادر نميرى بتناول موقف السادات كما سمعه منه فى اجتماعهما، وكانت أكثر النقاط خلافًا بين الاثنين «السادات والأسد» هى التعامل مع «مبادرة السادات»، ففيما كان السادات يتمسك بها، كان الأسد يريد تخليه عنها بالإعلان عن فشلها، وحسب رياض: «حاول نميرى إقناع الأسد بأن ما يطلبه غير عملى»، غير أن الأسد صمم عليه.
عاد «نميرى» من دمشق، وجاء إلى مصر لإبلاغ السادات بنتائج لقاءاته مع «الأسد»، ووفقًا لمحمد إبراهيم كامل، وزير الخارجية: «حضرت المقابلة، وشرح الرئيس نميرى نتائج زيارته لدمشق، وذكر أنه اقترح على الرئيس حافظ الأسد التوسط لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وسوريا، كما اقترح الموافقة على الاشتراك فى مؤتمر قمة عربى لبحث الأوضاع الراهنة والعمل على استعادة التضامن العربى، وقال نميرى، إن الرئيس الأسد رد عليه بأنه لا يمانع فى كلا الأمرين بشرط أن يعلن السادات فشل مبادرته للسلام، ويعلن عن وقف الاتصالات الثنائية بين مصر وإسرائيل»، يضيف كامل: «جدد السادات رفضه للإعلان عن فشل مبادرته، وقال إنه لايستطيع الإعلان عن فشلها لسبب بسيط هو اقتناعه بنجاحها الذى تتضح آثاره يوما بعد يوم فى تحول الرأى العام العالمى، نحو تأييد القضية العربية وانعزال إسرائيل عن المجتمع الدولى، أما عن الإعلان عن وقف الاتصالات الثنائية بين مصر وإسرائيل، فقال، إن المباحثات موقوفة من الناحية الواقعية سواء فى اللجنة السياسية، أو فى اللجنة العسكرية، ولكنه لا يستطيع الإعلان رسميا عن وقف المباحثات»، وبرر موقفه بقوله، حسب كامل: «إسرائيل ستستفيد من ذلك فى تصوير المبادرة بأنها مناورة تكتيكية، وليست عرضا حقيقيا لإقامة السلام، الأمر الذى يطيح بالمكاسب التى حققتها المبادرة فى الرأى العام العالمى».
يؤكد كامل: «أضاف السادات أنه مع ذلك، وحتى يفسح المجال أمام مهمة الرئيس نميرى، فإنه يتعهد بألا تتم اتصالات مصرية إسرائيلية فى المستقبل سواء فى مصر، أو فى إسرائيل، وأنه إذا اقتضى الحال اجتماع وزير خارجية مصر بوزير خارجية إسرائيل، فسيعمل على أن يتم اللقاء بينهما فى دولة ثالثة مثل رومانيا».. يضيف كامل: «سافر الرئيس نميرى بعد ذلك لاستكمال زيارته لباقى الدول العربية، سعيًا وراء تحقيق مهمته».
يعلق رياض: «على ضوء الموقف المتناقض بين مصر وسوريا، أصبح من العسير عقد اجتماع عربى على أى مستوى».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة