«كلنا تحت التراب.. ملوكًا كنا أو فقراء»، منذ أن تطأ قدمك هذا المكان، تصيبك حالة من السكينة والدهشة معًا، تتأمل الجدران والمبانى لترى حكايات وأساطير.
تبدأ الجولة بمقبرة محمد على باشا، وبعده بعدة شوارع جانبية مقبرة الفنانة زينات صدقى، وبجانبها جثمان عامل بسيط ترك عائلته ليعيش وسط المقابر من أجل لقمة العيش والصدقة، مات فدفن فى مكان إقامته، هنا «مقابر الإمام الشافعى» فى وسط القاهرة.
تجولت «اليوم السابع» يومًا كاملًا داخل مقابر الإمام الشافعى، لتكشف أسرار الموتى الأحياء، وأعمال الدجل والشعوذة وأساطير الحقيقة والسراب.
بدأت رحلتنا فى توقيت ليس مفضلًا للمقيمين هنا، فهذه الأيام ليست من المواسم التى يجوب فيها الزائرون المقابر لتوزيع «الرحمة والنور» على أهالى المنطقة وحراس المدافن.
ويمكننا تلخيص مغامرتنا داخل مقابر الإمام الشافعى فى هذه المشاهد:
المشهد الأول: «عائلة الأنير بتخض الستات فى المقابر علشان تخلف»
«المشهراتية».. هى الأسطورة التى قررنا أن نبدأ بها رحلتنا داخل المقابر، وهى من السيدات اللاتى وهبن حياتهن لعلاج تأخر الإنجاب عند النساء، وذلك عن طريق دخولهم المقبرة، وإصابتهن بالرعب والفزع، بمقابل مادى.
داخل حارات مقابر الإمام الشافعى سمعنا عن «سمير الأنير»، وهو من أشهر «الترابية» بالمنطقة، وله علاقة قوية بـ«المشهراتية»، لكنه توفى منذ فترة قصيرة ولم تمت معه أسطورة «المشهراتية»، حيث تقلد ابنه محمود المهنة بعده، وأصبح هو حلقة الوصل بين السيدات و«المشهراتية».
التقينا محمود الأنير، وأخبرناه بأننا نريد مقابلة «المشهراتية»، لأن هناك صديقة لنا تأخر إنجابها، تردد قليلًا ثم قال إنه يمكن ذلك دون أن يُعطى أى نوع من التفاصيل، لكنه اشترط أن يكون برفقة تلك السيدة زوجها، حتى يعاونها فى حالة تعرضها للإغماء، أو فى حالة عدم السيطرة عليها عن الصراخ وفقدان الوعى، وبعد إلحاحنا عليه ليعطينا تفاصيل أكثر، قال: «إحنا مش هنعملها حاجة، كل الحكاية إننا هندخلها المقابر وتلمس الحيطة علشان تتخض وتصرخ، وبعدها ربنا هيكرمها وتكون حامل، بس لازم نتأكد قبل كل ده إن معندهاش مشكلة صحية، وناس كتير حملت وخلفت بعد الخضة، هاتوها يوم الجمعة ومتخافوش».
المشهد الثانى: معجزة «السبع أطباء» لشفاء الشلل والعقم والأمراض الجلدية
أسوار مرتفعة وحراس فى كل مكان، تبدو أنها مقابر خاصة لملوك وعظماء مصر، وعلى أبواب هذه المقابر رجل فى السبعين من عمره، من الوهلة الأولى تلمح فى مظهره سمات الملوك والأمراء، وفى لكنته «خواجة»، فقد ماله وأبناءه، هو العم عبدالله، حارس مقابر العائلة الملكية.
يعيش عم عبدالله بحى البساتين، لكنه قضى رحلة عمله بأكملها داخل مقابر العائلة المالكة حتى خرج على المعاش، إلا أن ارتباطه بالمكان جعله يتجه إليه يومين فى الأسبوع.
وبضحكة بشوشة تحدث عم عبدالله عن أسرار المقابر الملكية، وقال: «زمان كانت الناس بتيجى علشان تزور المقابر وأهالى الملوك، لكن دلوقتى الأجانب بس هما إللى بييجوا عشان يشوفوا المكان الأثرى».
عند التطرق فى الحديث إلى الأشخاص الذين يأتون من أجل بعض الخرافات الشائعة بحى المقابر فى الإمام الشافعى، قال إن هذه الأمور تشتهر بكثرة فى «السبع أطباء» أو «آل طباطبا»، وهو من أشهر الأماكن فى منطقة عين الصيرة، قديمًا كان يأتى إليه الزوار من كل حدب وصوب، لشفائهم من الأمراض، حيث كان البعض يعتقدون أن شرب مياه بئر «السبع أطباء» يعالج الأمراض الجلدية، والحالات النفسية، والاضطرابات العصبية، والشلل.
وعن معجزات «السبع أطباء»، سرد عم عبدالله موقفًا حدث مُنذ عقد من الزمن، أثناء فترة حراسته لأسر العائلة المالكة، وقال: كانت هناك سيدة تعانى من فقدان القدرة على السير نظرًا لإصابتها بالشلل، وبعد الدخول فى «السبع أطباء» وشرب مياه البئر خرجت سيرًا على الأقدام بدون الكرسى المتحرك الذى كانت تجلس عليه.
المشهد الثالث: «التربى البشوش يحارب المشعوذين بالقرآن».. وجاره الدجال يحترق دون سبب
بوجه بشوش يستقبل المارين على منزله المستقر فى المقابر، استقبلنا عم سيد بضحكة صافية وسألنا: عمَ تبحثون؟، لم نتردد لحظة فى الإجابة: «عاوزين نروح للمشهراتية»، فتحولت ملامح وجهه البشوشة إلى الغضب، ورد قائلًا: «مفيش حاجة اسمها كده يا بنتى، الخلفة بإرادة ربنا، متخليش حد يضحك عليكوا».
يعيش عم سيد حياة هادئة لا يشوبها أى نوع من القلق، رغم مسكنه الكائن بجوار المقابر.. فى هذا المكان استقبل أطفاله منذ المولد، حتى تخرجهم فى الجامعة، كان عم سيد مدرسًا ثانويًا، وبعد إحالته إلى المعاش قرر أن يعمل «تُربيًا» بالقرب من مسكنه، من أجل زيادة الدخل والاستثمار.
19 عامًا، هى الفترة التى قضاها عم سيد فى مهنة «التُربى»، صادف فيها الخرافات والخزعبلات من السحر والشعوذة للجن و«الضحك على الدقون»، روى عم سيد لـ«اليوم السابع» أغرب القصص التى صادفها خلال مهنته فى المقابر، حيث قال: «المشهراتية أكذوبة يقوم بها التربى أو الدجال علشان الفلوس، الإنجاب بإيد ربنا، فإذا كنا نؤمن بها ولها نتائج بالفعل كانت ابنتى أولى بذلك»، حيث إنها تأخرت عن الإنجاب لمدة 5 سنوات، ولم أفكر للحظة واحدة أن أعرضها لـ«الخضة» فى المقابر، ولكن سلكنا طريق الله، وذهبنا لأداء مناسك العمرة، وبعد الدعاء والتقرب من الله حملت ابنتى.
وأضاف: منذ فترة جاء لى شاب متعلم انساق وراء آراء أهله البسطاء الحال من أهل الصعيد بخرافة «المشهراتية»، فاستغاث بى لمساعدة زوجته ودخولها المقابر وعمل «الخضة»، فى بداية الأمر رفضت لأننى أعلم جيدًا أنه لا فائدة منها، وما هى إلا خرافة وخزعبلات، ولكن بعد إلحاح منه وافقت لإرضائه فقط، وبمجرد أن لمست زوجته سور القبر الذى نزلت إليه برفقة زوجها أصدرت صوتًا عاليًا من ذعرها من المكان ورؤيتها جثمان مُتوفى فزاد خوفها، وكان ذلك بعد غروب الشمس، وفى خلال عام فوجئت بهدية من ذلك الشاب، وأخبرنى بأن زوجته أنجبت ولدًا.
يستقبل «التربى» الخزعبلات بمنتهى العزم والقوة، على عكس جاره الدجال الذى استغل ضعاف الإيمان من خلال أعمال السحر والشعوذة، فبالمقارنة بينه وبين عم سيد الذى أكرمه الله ورزقه الخير والأموال، كان ذلك الدجال «يحترق» فى بيته دون أى سبب، حيث قال عنه التربى البشوش: «بيته اتحرق من غير سبب واتفحم جواه، حكمة ربنا إنه يوقفه ويدى عظة لغيره».
قاطنو المقابر مصابون باضطرابات نفسية وصرع وأمراض مزمنة
الإصابة بالأمراض المزمنة، والاضطرابات النفسية، والصرع، هى نتاج الحياة فى المقابر، حيث قال عم سيد إنه بمجرد فتح المقبرة لدفن الجثث يخرج منها سرب حشرات وجراثيم تنتشر فى المكان، وتؤذى المقيمين وتعرضهم للأمراض، لذا تحتاج إلى التعامل الخاص من القاطنين أو «التُربى»، فضلًا عن ذلك يتعرض بعض الأهالى، خاصة السيدات، لأزمات نفسية واضطرابات وهلع وخوف بسبب العيش وسط الموتى لمجرد رؤيتهم لحالات الدفن التى تأتى إليهم بين الآونة والأخرى.
إيمانه القوى، وثباته هما الأسلحة التى يستخدمها «التُربى» البشوش فى مواجهة الدجالين وأصحاب الأعمال، وذلك عندما أتت إليه سيدة أربعينية تحمل طفلًا صغيرًا ملفوفًا فى غطاء منقوش يبدو عليه غطاء طفل مولود، وكان غرض السيدة من مجيئها إلى المقابر دفن الطفل الصغير، وبعد أن أخذ عم سيد المولود لدفنه، جاء له هاتف بأن يشاهد الطفل المولود قبل الدفن، وكشف الغطاء فكانت الفاجعة بأنه ليس بطفل، لكنه قطعة من اللحمة النيئ مكتوب عليها بعض الكلمات الغريبة والأوراق غير المفهوم مضمونها، بالإضافة إلى صور لأشخاص منقوشة بخطوط وعلامات غير واضحة، فاستقبل الستينى تلك الصدمة برد قاسٍ للسيدة التى واجهها بعنف، قائلًا: «امشى من هنا لأحسن أبلغ عنك»، ثم وضع قطعة اللحمة فى بئر مياه مالحة، لإفساد العمل.
المشهد الرابع «أدفن ليه الخروف مع الميتين وأسحر وأخرب وأبوظ حياة الناس»
على بعد 10 أمتار من منزل عم سيد اندهشنا من روعة الجمال والمقابر المرتفعة، فهنا جثمان الملوك والأمراء، يحاصرهم الفقراء والمساكين، حيث استقبلتنا أم جمال ذات الملامح المرسومة بالتجاعيد، والتى عبرت عن رحلة كفاح من الصعيد لمقابر القاهرة، فتركت بلدها من أجل لقمة العيش مع أبنائها الشباب، ولكن لم تحلُ الحياة لهم بسبب ارتفاع إيجار الشقق، وهنا قرروا العيش فى المقابر التى فتحت أبوابها دون مقابل، فهل يطلب من يعيشون فى دار الحق إيجار سكن من الذين يعيشون فى دنيا الباطل؟
استقرت أم جمال بمقبرة «محمد توفيق باشا»، ولكن بشرط التنظيف والحراسة كما أمرتها حفيدة الأسرة الملكية، وعمل أبناؤها فى المعمار والمبانى بمهنة «الفاعل»، أما الفتيات فتزوجن من العاملين بمهنة «التُربى».
«كل يوم ناس تجلنا وتقول هساعد ولا حياة لمن تنادى»، هكذا عبرت أم جمال عن معاناتها فى العيشه بأحضان الموتى، فقالت لـ «اليوم السابع»: «العايشين فى القبور حياتهم كلها مرض وشقاء، نريد أن نتعامل بآدمية ونعيش فى مكان مستقل بنا، فاليوم الذى يدفن فيه ميت بإحدى المقابر المجاورة يصاب الجميع بحالة من الخوف والفزع، فضلًا عن الرائحة الكريهة التى تحيطنا دائمًا».
على الرغم من الفقر واحتياجها للأموال لم تخضع أم جمال لأصحاب الأعمال والسحر، حيث تعرضت لأكثر من موقف، فطلبت منها إحدى السيدات دفن «لية الخروف» الملفوفة بالأوراق المكتوب عليها حروف الشعوذة والسحر داخل المقابر التى تقوم بحراستها مقابل مبلغ كبير، لكنها رفضت ذلك بشدة وطردت السيدة.
المشهد الخامس: الموتى الأحياء معاناة وخوف وأرواح المقتولين تلاحقهم
جانب آخر من حياة ساكنى المقابر، هو ما كشفته لنا أم محمد، وهى من مواليد مقابر الإمام الشافعى، والتى شهدت مغامرات ومواقف منذ نعومة أظافرها حتى الآن، فهى امراة فى الثلاثينيات من عمرها، كرست حياتها لخدمة زوجها وأطفالها الصغار، فلا تخرج من المقابر إلا لزيارة أقاربها.
«إحنا ميتين أحياء، عايشين فى المقابر بس منقدرش نخرج منها، زى السمك ميعرفش يعيش غير فى البحر»، هكذا بدأت أم محمد كلامها لـ «اليوم السابع»، حيث قالت: إيجار الشقق مرتفع، لذلك اعتدنا على عيشة المقابر، لكن الرائحة الكريهة وأرواح الموتى هى المشكلة الأساسية التى نعانى منها.
مرت أم محمد بمواقف مرعبة فى طفولتها، لكنها حولتها لشخصية قوية وصامدة، وعن حكايات الرعب داخل المقابر التى يتعرض لها جميع الأطفال بالمنطقة، قالت: كنت أرى دائمًا ظلالًا على حوائط وجدران المقابر، فى بداية الأمر اعتقدت أن أخى يمارس هوايته بالنقاشة، ولكن الخوف والهلع جعلنى أشعر وكأنها أرواح الموتى والمقتولين بالمقابر، صمدت أم محمد قليلًا ثم قالت: «بس إحنا كنا أطفال، وبراءتنا هى اللى كانت بتكشفلنا حاجات منشوفهاش دلوقتى».
المشهد السادس: «ما عفريت إلا بنى آدم»
«التُربى» هى المهنة التى توارثها أبًا عن جد، حيث كان يعيش برفقة أبيه فى مقابر الإمام الشافعى، لكنه سلك طريقًا فى بداية حياته، بعيدًا عن المقابر وأعمالها، فاستقل بذاته من خلال عمله فى البناء، ولكن بعد وفاة الأب قرر أن يترك عمله، ويكون بدلًا من أبيه فى تلك المهنة الموروثة، نظرًا لعدم وجود مسكن سوى المدافن يجمعه هو وعائلته الصغيرة المكونة من الزوجة والابن والابنة، فهذا حال محمد السنى البالغ من العمر 64 عامًا.
«ابنى بيرجع 2 بالليل كل يوم، ومفيش حاجة بتخوف، ما عفريت إلا بنى آدم».. هكذا برر السنى عدم شعوره وأبنائه بالخوف أو القلق من العيش داخل المقابر، حيث قال: منذ قدومنا للحياة لا نرى سوى أموات ومقابر، فأصبحت هى حياتنا الطبيعية، نستقبل الموتى وزوارهم للحصول على الرحمة والصدقة، واعتاد أبنائى على التجول فى المقابر كل يوم دون خوف من أرواح الميتين كما يزعم البعض.
على الرغم من الحياة المستقرة داخل المقبرة التى يسكن فيها السنى، فإنه لم يشعر بالسعادة ويريد أن تروق له الحياة ويعيش حياة طبيعية، حيث قال: «الناس اللى بتيجى من برا بيحسدونا، وبيقولولنا ياريتنا نبقى مكانكم، مبتدفعوش إيجار وعايشين فى هدوء وميعرفوش إنى عايش على الرحمة والنور اللى بناخدها من الزوار، ونفسى فى وظيفة تناسبنى وبيت صغير من أربع حيطان من غير روايح الميتين اللى بنشمها كل يوم».
سرد السنى خلال حديثه لـ«اليوم السابع» بعض القصص التى تعرض لها خلال فترة عمله كـ«تُربى»، حيث جاءت إليه سيدة تريد ترابا من «تحت رأس الميتين» بالمقابر، واكتشف بعد ذلك أنها ستستخدمه فى أعمال السحر بغرض إلقاء الأذى على شخص بعينه، فرفض وطردها من المكان.
المشهد الأخير: «ختامها مسك»
فى نهاية رحلتنا صادفنا شابًا تقيًا، يبدو على مظهره أنه مقرئ المقابر «الفقى»، بمجرد النظر إليه اعتقد أننا نريد شيئًا فعرض علينا المساعدة قبل أن نخبره من نحن.
أحمد الشيخ، شاب فى العشرينيات من عمره، جاء إلى محافظة القاهرة منتقلًا من إحدى قرى الريف، بحثًا عن المال والعيش الآمن والعمل المناسب، درس صيانة الإلكترونيات وأراد العمل بها، وعلى الرغم من البحث الدائم منذ أن وطئت قدمه القاهرة لأكثر من مركز صيانة، فإنه لم يجد عملًا، فقرر الانتقال إلى حى الأموات والمقيمين به فى مقابر الإمام الشافعى، استغلالًا لقدرته على تلاوة القرآن الكريم، ليكون «فقى» مقابر الإمام الشافعى.
لم يعتقد «الفقى» بجميع الخرافات التى تقوم داخل المقابر، مثل «المشهراتية» والأعمال والسحر، حيث إنه يراها خرافات تمتد إلى العصور القديمة، ولا صحة فى تطبيقها فى الوقت الحالى، غير أنها لا تفيد من يقومون بها، ولم يشاهد أيًا من تلك المواقف خلال فترة إقامته التى تصل إلى 8 سنوات، حيث إن «التُربى» بإمكانه تولى تلك الأمور، لأنه الأقرب للدفن والمقابر.
على الرغم من الخوف والفزع الذى أصابنا منذ دخول المقابر بسبب حكايات الرعب والشعوذة، ولكن سرعان ما هدأ روعنا بمجرد الحديث مع «الفقى»، والاطمئنان بأن الأموات ليسوا فى أيادى السحرة والدجالين فقط، لكنّ هناك أناسًا صالحين يدعون لهم، ويعيشون فى رحاب الله.
رأى الأطباء عن حكايات وخرافات قاطنى المقابر
وعن الأمراض النفسية والعضوية واعتقادات أهالى المقابر، قال الدكتور محمد هانى، استشارى الصحة النفسية، إن قاطنى المقابر يتعرضون لكثير من النوبات النفسية والاضطرابات، نتيجة لتعرضهم للكثير من الصدمات طوال فترة إقامتهم بتلك الأماكن غير المؤهلة آدميًا.
وأضاف دكتور محمد خلال تصريحاته لـ«اليوم السابع» أن الاضطرابات النفسية تكون بسبب الظروف المحيطة بهم، حيث إن الصدمات التى يتعرضون لها تكون لا إرادية، لأن وجودهم فى هذه الأماكن قد يؤدى إلى الوصول لمرحلة نفسية سيئة، وتبلد فى التفكير.
وتابع أن قاطنى المقابر يعيشون فيها رغم أنها غير مؤهلة آدميًا للعيش بطريقة سوية، حيث إنها حولت أغلبهم من أشخاص أسوياء إلى أناس مضطربين نفسيًا، خاصة أن أغلب المقيمين هناك يتعرضون إلى الكثير من الجرائم، من بينها السرقة والاغتصاب والاعتداء، بالإضافة إلى الشعور الدائم بعدم الارتياح والأمان، لذا فهم أقرب الأشخاص للتعرض إلى الهلع والصرع.
وأوضح أن كثيرًا من المتعايشين داخل المقابر يتعرضون لكثير من الأمراض العضوية وليست النفسية فقط، وقد يكون من بينها الأمراض الجلدية باختلاف أنواعها، وتُصنف الأمراض النفسية التى يصابون بها بأنها «اضطرابات الشخصية».
و رأى استشارى الصحة النفسية أن «المشهراتية» لا تمت للواقع بصلة، حيث إنها تنضم إلى عالم الخرافات والخزعبلات غير الحقيقية التى ينساق إليها الأشخاص ضعفاء الإيمان.
وأكد ذلك الدكتور جورج يواقيم، استشارى طب النساء والتوليد، موضحًا أن قاطنى المقابر يعيشون فى عالم الخرافات والشعوذة، فلا يوجد أساس علمى بأن النساء اللاتى يعانين من تأخر الانجاب إذا تعرضن لـ«الخضة» يحملن، فجميعها خرافات وأفكار متخلفة، وهناك أيضًا فى القرى والصعيد يعرضون النساء «للدحرجة» من مكان مرتفع من أجل الإنجاب، وهى أيضًا خرافات.
وقال الدكتور أحمد مراد هاشم، أستاذ الباطنة والجهاز الهضمى، طب القصر العينى، إن أى منطقة عشوائية تنتشر فيها الجراثيم والبكتيريا بسبب سوء التغذية والطعام والشراب الملوث، وبالتالى يتعرض أهالى المقابر لأمراض عديدة، ليس لأنهم من قاطنى المقابر، ولكن نظرًا للبيئة التى تحيطهم، ومن أبرز الأمراض التى يتعرضون لها النزلات المعوية والبكتيرية والفيروسات.