آية و5 تفسيرات.. لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيؤوس قنوط

الإثنين، 11 يونيو 2018 07:00 م
آية و5 تفسيرات.. لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيؤوس قنوط قرآن كريم
كتب احمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نواصل، اليوم، سلسلة "آية و5 تفسيرات" التى بدأناها منذ أول رمضان، ونتوقف عند آية من الجزء السادس والعشرين، هى الآية رقم 49 من سورة فصلت، والتى يقول فيها الله سبحانه وتعالى "لَا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ {49}
 

تفسير بن كثير

يقول تعالى: لا يمل الإنسان من دعاء ربه بالخير وهو المال وصحة الجسم وغير ذلك {وإن مسه الشر} وهو البلاء أو الفقر { فيئوس قنوط} أى يقع فى ذهنه أنه لا يتهيأ له بعد هذا خير، {ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لى} أى إذا أصابه خير ورزق بعد ما كان فى شدة ليقولن هذا لى إنى كنت أستحقه عند ربى {وما أظن الساعة قائمة} أى يكفر بقيام الساعة، أى لأجل أنه خوّل نعمة يبطر ويفخر ويكفر، كما قال تعالى: {كلا إن الإنسان ليطغى. أن رآه استغنى}، { ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى} أى ولئن كان ثم معاد فليحسنن إلى ربى كما أحسن إلى فى هذه الدار، يتمنى على اللّه عزَّ وجلَّ مع إساءته العمل وعدم اليقين، قال اللّه تبارك وتعالى: { فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ} يتهدد تعالى من كان هذا عمله واعتقاده بالعقاب والنكال، ثم قال تعالى: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه} أى أعرض عن الطاعة واستكبر عن الانقياد لأوامر اللّه عزَّ وجلَّ، كقوله جلَّ جلاله: {فتولى بركنه}، { وإذا مسه الشر} أى الشدة {فذو دعاء عريض} أى يطيل المسألة فى الشيء الواحد، فالكلام العريض ما طال لفظه وقل معناه، والوجيز عكسه وهو ما قل ودل، وقد قال تعالى: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه} الآية.

 

تفسير الجلالين

{ لا يسأم الإنسان من دعاء الخير } أى لا يزال يسأل ربه المال والصحة وغيرهما {وإن مسه الشر } الفقر والشدة { فيؤس قنوط } من رحمة الله، وهذا وما بعده فى الكافرين .

 

تفسير الطبرى

وَقَوْله: { لَا يَسْأَم الْإِنْسَان مِنْ دُعَاء الْخَيْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره: لَا يَمَلّ الْكَافِر بِاللَّهِ مِنْ دُعَاء الْخَيْر، يَعْنِى مِنْ دُعَائِهِ بِالْخَيْرِ، وَمَسْأَلَته إِيَّاهُ رَبّه، وَالْخَيْر فِى هَذَا الْمَوْضِع: الْمَال وَصِحَّة الْجِسْم، يَقُول: لَا يَمَلّ مِنْ طَلَب ذَلِكَ. {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرّ} يَقُول: وَإِنْ نَالَهُ ضُرّ فِى نَفْسه مِنْ سَقَم أَوْ جَهْد فِى مَعِيشَته، أَوْ احْتِبَاس مِنْ رِزْقه {فَيَئُوس قَنُوط} يَقُول: فَإِنَّهُ ذُو يَأْس مِنْ رُوح اللَّه وَفَرَجه، قَنُوط مِنْ رَحْمَته، وَمِنْ أَنْ يَكْشِف ذَلِكَ الشَّرّ النَّازِل بِهِ عَنْهُ، وَبِنَحْوِ الَّذِى قُلْنَا فِى ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل.

 ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 23625 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد، قَالَ: ثنا أَحْمَد، قَالَ: ثنا أَسْبَاط، عَنِ السُّدِّى {لَا يَسْأَم الْإِنْسَان مِنْ دُعَاء الْخَيْر} يَقُول: الْكَافِر { وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرّ فَيَئُوس قَنُوط }: قَانِط مِنْ الْخَيْر. 
 

تفسير القرطبى

قوله تعالى: {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} أى لا يمل من دعائه بالخير، والخير هنا المال والصحة والسلطان والعز، قال السدى: والإنسان ها هنا يراد به الكافر، وقيل: الوليد بن المغيرة، وقيل: عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأمية بن خلف، وفى قراءة عبدالله { لا يسأم الإنسان من دعاء المال}. {وإن مسه الشر} الفقر والمرض {فيئوس قنوط} {فيئوس} من روح الله {قنوط} من رحمته. وقيل: {يئوس} من إجابة الدعاء {قنوط} بسوء الظن بربه، وقيل: {يئوس} أى يئس من زوال ما به من المكروه {قنوط} أى يظن أنه يدوم، والمعنى متقارب، قوله تعالى: {ولئن أذقناه رحمة منا} عاقبة ورخاء وغنى {من بعد ضراء مسته} ضر وسقم وشدة وفقر، {ليقولن هذا لى وما أظن الساعة قائمة} أى هذا شىء استحقه على الله لرضاه بعملى، فيرى النعمة حتما واجبا على الله تعالى، ولم يعلم أنه ابتلاه بالنعمة والمحنة، ليتبين شكره وصبره. وقال ابن عباس: {هذا لى} أى هذا من عندى، {ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى} أى الجنة، واللام للتأكيد. يتمنى الأمانى بلا عمل، قال الحسن بن محمد بن على بن أبى طالب: للكافر أمنيتان أما فى الدنيا فيقول (لئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى)، وأما فى الآخرة فيقول: (يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) الأنعام: 27] و { يا ليتنى كنت ترابا} [النبأ: 40]. { فلننبئن الذين كفروا بما عملوا} أى لنجزينهم. قسم أقسم الله عليه. {ولنذيقنهم من عذاب غليظ} أى شديد. قوله تعالى: {وإذا أنعمنا على الإنسان} يريد الكافر وقال ابن عباس: يريد عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف أعرضوا عن الإسلام وتباعدوا عنه. {أعرض ونأى بجانبه} { نأى بجانبه} أى ترفع عن الانقياد إلى الحق وتكبر على أنبياء الله. وقيل: { نأى} تباعد. يقال: نأيته ونأيت عنه نأيا بمعنى تباعدت عنه، وأنأيته فانتأى: أبعدته فبعد، وتناءوا تباعدوا، والمنتأى الموضع البعيد؛ قال النابغة:

 فإنك كالليل الذى هو مدركى 
وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

 وقرأ يزيد بن القعقاع و{ناء بجانبه} بالألف قبل الهمزة. فيجوز أن يكون من { ناء} إذا نهض، ويجوز أن يكون على قلب الهمزة بمعنى الأول. {وإذا مسه الشر} أى أصابه المكروه {فذو دعاء عريض} أى كثير، والعرب تستعمل الطول والعرض فى الكثرة. يقال: أطال فلان فى الكلام وأعرض فى الدعاء إذا أكثر، وقال ابن عباس: { فذو دعاء عريض} فذو تضرع واستغاثة. والكافر يعرف ربه فى البلاء ولا يعرفه فى الرخاء.

 

تفسير الوسيط لـ طنطاوى

وقوله- تعالى-: لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ بيان لما جبل عليه الإنسان من حب للمال وغيره من ألوان النعم. ومن ضيقه بما يخالف ذلك.

ويبدو أن المراد بالإنسان فى هذه الآية وأمثالها جنسه الغالب، وإلا فهناك مؤمنون صادقون، إذا رزقهم الله النعم شكروا، وإذا ابتلاهم بالمحن صبروا.
والمراد بالخير ما يشمل المال والصحة والجاه والسلطان وما إلى ذلك مما يشتهى.
والسأم: الملل، يقال سئم فلان هذا الشيء، إذا مله وضاق به وانصرف عنه.
واليأس: أن ينقطع قلب الإنسان عن رجاء الحصول على الشيء، يقال: يئس فلان من كذا- من باب فهم-، إذا فقد الرجاء فى الظفر به.
والقنوط: أن يظهر أثر ذلك اليأس على وجهه وهيئته، بأن يبدو منكسرا متضائلا مهموما.
فكأن اليأس شيء داخل من أعمال القلب بينما القنوط من الآثار الخارجية التى تظهر علاماتها على الإنسان.
أى: لا يسأم الإنسان ولا يمل ولا يهدأ من طلب الخير والسعة فى النعم.
وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ من عسر أو مرض فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ أى: فهو كثير اليأس والقنوط من رحمة الله- تعالى- وفضله، بحيث تنكسر نفسه، ويظهر ذلك على هيئته.
وعبر- سبحانه- بيئوس وقنوط وهما من صيغ المبالغة، للإشارة إلى شدة حزنه وجزعه عند ما يعتريه الشر.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة