تميزت الحضارة المصرية القديمة عن باقى حضارات العالم بتنوع مظاهرها العلمية والفنية والأدبية والاجتماعية والسياسية، وفى هذا التميز والتنوع حظيت المرأة فى مصر القديمة على مكانة متميزة لم تحظ بها امرأة أخرى فى شتى المجتمعات والحضارات الإنسانية، وتشهد آثار الحضارة المصرية بذلك، هكذا رأى الدكتور ممدوح الدماطى، وزير الآثار السابق وأستاذ الآثار المصرية، خلال كتابه ملكات مصر.
مقبرة الملكة خنتكاوس
واستعرض الدكتور ممدوح الدماطى ملكات مصر، ولكننا هنا سنسلط الضوء هنا على الملكة "خنتكاوس" وهى فى أغلب الظن بنت الملك منكاورع، على الرغم من أنه حتى الآن لا يزال هناك خلاف فى أصلها ونسبها، ويرجح أنها كانت الأميرة وريثة الدم الملكى، ولم يكن لمنكاورع ابن ذكر من زوجته الرئيسة عند وفاته، فخلفه على العرش ابنه شبسسكاف من إحدى محظياته، فتزوج من اخته خنتكاوس ليدعم جلوسه على العرش، ويشاء الله أن ينتهى حكم شبسسكاف أيضًا دون وريث ذكر، فتنفرد خنتكاوس بالعرش قرابة عامين "2479 ـ 2477م"، وكان حكمها ذا إشكالية واضحة للمتخصصين.
ويقول الدكتور ممدوح الدماطى، إن لدينا العديد من الشواهد تؤكد أنها حكمت كملك مستقل، وأخرى تشير إلى أنها كانت مجرد زوجة ملك وأم ملك، خاصة أن اسمها لم يظهر مكتوبًا داخل خرطوش الملكى قط، ولكن يكاد يتفق علماء الآثار، على أنها صاحبة دور مهم فى انتقال السلطة سلميًا بين الأسرتين الرابعة والخامسة.
منظر للمكلة خنتكاوس على مقبرتها
أما الدور الأهم للملكة خنتكاوس فهو حفاظها على العرش ونقل السلطة سلميًا بين أسرتين، وقد أدى هذا إلى ترويج دعاية دينية سياسية لنشأة ملوك الأسرة الخامسة الذين لا ينحدروا من أصل غير ملكى بل كان أولهم وسركاف كاهنًا لرع، فادعى هو وأبناؤه أنهم أبناء الإله رع من كاهنة رع المدعوة "رود جدت"، التى يرى أغلب الثريين أنها هى نفسها الملكة خنتكاوس، لكن هذه القصة لم تدون كتابة إلا فى نهاية عصر الأسرة الثانية عشرة أى حوالى 700 عام من بداية الأسرة الخامسة.
ماتت خنتكاوس ودفنت فى قبرها الفخم بالجيزة والذى يقع إلى جوار الطريق الصاعد لهرم أبيها الملك منكاورع، وقد بنى على نتوء طبيعى من الصخر بحيث بدأ كانه مركب من مبنيين وكانه هرم ملكى ذو درجتين.