ومطالب بإنشاء متحفاً للفلك يضم "تعامد الشمس وحوض النبتة"
نبغ المصرى القديم فى العديد من المجالات المختلفة وقدم لنا حضارة عظيمة نظل نفتخر بها بين شعوب العالم على مدى العصور، ورغم مرور آلاف السنين على حضارة القدماء المصريين، إلا أن علماء الآثار والباحثون المختصون لازالوا يكشفون الأسرار عن هذا العالم ويزيحون الستار عن الغيبيات من الوسائل التى كان الأجداد يستخدمونها فى المعيشة.
ويعد وادى النيل وخاصة مناطق جنوب مصر، مهد الحضارات الفرعونية القديمة ومستقر معيشتهم خلال الأزمان المختلفة من العصور السابقة، وفى أسوان "بوابة الجنوب الإفريقى" كانت مركزاً مهماً لعدد من الباحثين المهتمين بعلوم الفلك، خاصة أن المصرى القديم اعتمد على أرض أسوان فى كثير من المجالات الفلكية ومنها ظاهرة تعامد الشمس على قدس الأقداس بمعبد أبوسمبل، علاوة على اكتشاف قياس محيط الكرة الأرضية من أسوان، وأخيراً تحديد فصول السنة من خلال "حوض النبتة" أو "الساعة الفرعونية" التى كان يستخدمها القدماء المصريين قبل 10 آلاف سنة.
الدكتور أحمد صالح، مدير عام آثار أسوان والباحث الأثرى، قال لـ"اليوم السابع": فى 21 يونيو من كل عام يبدأ فيما يعرف عند القدماء المصريين بـ"الانقلاب الصيفى" فى إشارة إلى دخول فصل الصيف وهطول الأمطار، والذى كان يتم تحديده عن طريق الساعة الحجرية لحوض النبتة، والتى كان يستخدمها القدماء المصريين فى عصور ما قبل التاريخ أى يرجع عمرها لنحو 10 آلاف سنة، وتقع على بعد 100 كيلو متر غرب مدينة أبوسمبل جنوب أسوان بطريق شرق العوينات، وهذا المكان قديماً كان جافاً ويسقط عليه الأمطار وهو ما جذب المصرى القديم للعيش فيه لأنه العصور القديمة ما قبل التاريخ كان الإنسان المصرى القديم لا يعيش على وادى النيل مباشرة.
وأضاف مدير عام آثار أسوان، أن هذا المكان يشير إلى تقدم المصرى القديم فى العصور الأولى ما قبل التاريخ علمياً وفكرياً، وهو ما اتضح فى المكان المكتشف بواسطة "فريد ويندورف" الأمريكى الجنسية عام 1973، من خلال البيوت المبنية بشكل منظم على هيئة "كوخ" حجرى مرتبة بصفوف، مشيراً إلى اكتشاف قطع فخارية عليها نقوش معقدة فى إشارة إلى التقدم العملى والفنى رغم بدايات العصر التاريخى للمصريين القدماء، مضيفاً أن سكان هذا المكان كانوا يعبدون الأبقار بعد أن وجد علماء الحفريات الأثرية رؤوس أبقاء مدفونة أمام مداخل البيوت، علاوة على ذلك اعتمادهم فى الغذاء على الطبيعة لعدم صلاحية المكان للزراعة فكانوا يأكلون النباتات البرية والحبوب التى تشبه القمح وكان غذائهم أشبه بالحياة البدوية الآن.
وأوضح الدكتور صالح، بأن الأمريكى ويندورف اكتشف خلال عام 1990 وجود أحجار مرتبة على شكل دائرى ولها 4 مداخل فى الاتجاهات الأربعة الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية، وداخل هذه الدائرة صفين من الأحجار كل صف منهما به ثلاثة أحجار، ومن خلال متابعة فريق العمل لنظام هذه الدائرة على مدار السنة، اكتشفوا أن الشمس فى يوم 21 يونيو من كل عام تتعامد على المدخل الشرقى وتصنع خطاً حتى منتصف الدائرة فى إشارة إلى "الانقلاب الصيفى" أو دخول فصل الصيف، وهو اليوم الذى تتعامد فيه الشمس على مدار السرطان جنوب مصر، وتحديد من لهذا اليوم من السنة.
وأشار الباحث فى الشئون الأثرية، إلى أن تحديد هذا اليوم لدى المصريين القدماء نظراً لأنه اليوم تبدأ فيه السنة القديمة بالنسبة لهم، بالإضافة إلى أن هذا اليوم تبدأ الأمطار فى الهطول بغزارة دون باقى أيام السنة كلها، فيستعد هؤلاء السكان بهذه المنطقة قديماً فى تخزين الأمطار بمجموعة من الأحواض لطوال السنة، وأطلق عليها "حوض النبتة" لأنها كانت بمثابة تشغيل الأحواض لحفظ مياه الأمطار والإنبات منها، واصفاً هذا العمل بـ"الإنجاز" مقارنة بالعصر القديم الذى كانوا يعيشون فيه المصريين الأوائل، لافتاً إلى أن إنجلترا تضم ساعة حجرية قديمة تعرف باسم "ستونهنج" ويحدد من خلالها أيضاً فصل الصيف قديماً، وهى من الآثار الإنجليزية التى تجلب أكثر من مليون سائح فى السنة من مختلف دول العالم، ورغم أن الساعة الحجرية فى مصر تسبقها بنحو 2000 سنة إلا أنها لم تلاقى الاهتمام الذى عليه نظيرتها فى إنجلترا.
وتابع "صالح"، بأن الساعة الحجرية أصبحت الآن بلا قيمة تاريخية بعد نقلها من موقعها الأصلى غرب مدينة أبوسمبل إلى داخل متحف النوبة بمدينة أسوان، خوفاً من السرقة خلال أحداث ثورة يناير 2011، مؤكداً أن المكان الموضوعة فيه الساعة حالياً بحديقة متحف النوبة يفقد قيمتها التاريخية والأثرية لأنها كانت موضوعة بنظام حسابى دقيق بين خطوط الطول والعرض لأشعة الشمس التى تتعامد عليها وحدده المصريين القدماء.
ونادى مدير عام الآثار، بضرورة إنشاء متحف فلكى داخل محافظة أسوان، والتى تضم ظواهر فلكية فريدة، واهتم المصريون القدماء بعلوم الفلك من أسوان، وبرعوا فى صناعة ظاهرة تعامد الشمس على قدس الأقداس بمعبد أبوسمبل، بالإضافة إلى اكتشاف الساعة الحجرية لحوض النبتة، ووجود مدار السرطان، وكل هذه الظواهر الفلكية متجمعة خلف السد العالى جنوب مصر، علاوة على أن مكتشف قياس محيط الكرة الأرضية "اراتوستينيز" وهو إغريقى كان يدرس بالإسكندرية، وهو أول من قال "الكورة الأرضية" وقياساتها كانت فى أسوان من خلال رصده أن الشمس فى يوم 21 / 6 الساعة 12 ظهراً من كل عام لا يوجد لها ظل فى مدينة أسوان، وبالتزامن ليس لها ظلاً بمدينة الإسكندرية رغم قياسها فى نفس التوقيت واليوم فبالتالى فإن الأرض دائرية وليست مستوية، وهذا الإعجاز مقره أسوان، فلماذا لا يتم إنشاء متحفاً للفلك مقره بأسوان مع إعادة الساعة الحجرية لموقعها الأصلى.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
منشور رائع
الله ينور