بأزمات لا تعرف سطرًا للنهاية، يراقب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة، والتى انطلقت صباح اليوم وسط اتهامات من المعارضة والعديد من الدوائر الإعلامية والحقوقية التركية من عمليات تزوير واسعة النطاق.
الانتخابات التى تجرى بين 6 مرشحين للرئاسة أبرزهم المعارض محرم إنجه، مرشح حزب الشعب الجمهورى الذى تراهن عليه العديد من الأطراف لهزيمة أردوغان، رصدتها العديد من وسائل الإعلام الغربية مشهد الانتخابات مؤكدة أن الرئيس التركى سيفشل فى حسم السباق من الجولة الأولى، وأن خسارته للعملية الانتخابية برمتها تظل خيار غير مستبعد.
وفى تقرير لها، قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن العالم تابع عملية التصويت إلى ما هو أبعد من حدود تركيا، حيث تقرر تلك الدولة التى يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة مستقبل محيطها، حال اختيارها السير على درب الاستبداد الشعبوى ـ فى إشارة إلى أردوغان ـ أو اتخاذ مسار الديمقراطية واحترام الحريات.
وسواء كان بإمكان أردوغان ضمان الفوز التام الذى يريده من خلال حصوله على 50 % من الأصوات، مما يجنبه جولة نهائية، فإن الأمر يعتمد على مدى عمق الغضب والاستياء حيال حكمه. حيث أشارت الصحيفة إلى انهيار الزراعة والهبوط قيمة الليرة والارتفاع المفاجئ فى أسعار المواد الغذائية، كعوامل رئيسية قد تتسبب فى صدمة لأردوغان فى الانتخابات، إذ أن معظم مؤيدى الرئيس التركى كانوا من بين سكان الريف المحافظين.
ونقلت نيويورك تايمز عن بولوت، وهو بائع عصير متجول فى اسطنبول، قوله: "أنا متردد هذه المرة". وأضاف المواطن التركى، الذى كشف عن اسمه الأول فقط خوفًا من التداعيات، أنه صوّت للحزب الحاكم، العدالة والتنمية، على مدى السنوات الـ16 الماضية لكنه شكا بغضب من تدهور الاقتصاد.
وتابع بولوت: "لا توجد وظائف.. أنا هنا منذ 22 عاما، الأمور أصبحت أسوأ تدريجيا.. أموالنا لا قيمة لها بعد الآن ". وقال اوزير سينكار الذى يدير وكالة الاستطلاعات المستقلة "متروبول": "إذا تخلى 7 إلى 8% من الناخبين السابقين عن حزب العدالة والتنمية الذى ينتمى إليه الرئيس، فإن الحزب الحاكم سوف يخسر".
وقال سينكار، إن هناك بالفعل دلائل على وجود انشقاقات، مشيرا إلى أن البعض منهم صوت ضد أردوغان فى استفتاء العام الماضى، الخاص بتوسيع سلطات الرئاسة، والتى تم تمريرها بهامش ضيق للغاية. مضيفا "هذه هى المجموعة التى ستحدد مصير الانتخابات".
وأوضح سنكار، أن معظم هذه المجموعة هى من الإسلاميين المحافظين بين الأكراد، الذين يشعرون بخيبة أمل من فشل أردوغان فى الوفاء بوعده بإحلال السلام مع الانفصاليين الأكراد.
وشكلت أربعة أحزاب معارض، حزب الشعب الجمهورى، والحزب الجيد، وحزب السعادة، والحزب الديمقراطى الشعبى، تحالفا فى مواجهة حزب أردوغان. وقالت الصحيفة، إن حالة الطوارئ التى فرضها الرئيس التركى قبل نحو عامين، بعد انقلاب فاشل، سمح للحكومة بإمالة ساحة اللعب إلى حد كبير لصالحها.
وقد استخدم أردوغان السلطات الإضافية لسجن المعارضين السياسيين، بما في ذلك تسعة أعضاء من البرلمان الكردى وعشرات من مسئولى الحزب الكردى، فضلاً عن 70.000 طالب وناشط وعشرات الآلاف من أفراد الجيش والموظفين العامين. يتم حظر المظاهرات، ويخضع الوصول إلى التلفزيون الوطنى لرقابة شديدة.
وأوضحت صحيفة وول ستريت جورنال، أن فى ظل التراجع الاقتصادى والاستبداد المتزايد، فإن آفاق فوز أردوغان بالرئاسة مجددا فى ظل برلمان صورى لم تعد مضمونة، وهو الأمر الذى يهدد فترة من عدم اليقين فى بلد يمثل هذا المحور الاستراتيجي بين الغرب والشرق.
ومحرم إنجه هو المرشح الأبرز بين مرشحى المعارضة، وهو مدرس الفيزياء الذى تم انتخابه خمس مرات كعضو فى البرلمان عن حزب الشعب الجمهورى.
ويتوقع محللو الاستطلاعات والخبراء، أن يكون السباق حاميا بشكل استثنائى، وإذا لم يحصل أى مرشح على أكثر من 50 % من الأصوات، فإن الانتخابات تذهب إلى جولة ثانية وهو أمر يأمل أردوغان فى تجنبه.
وقال مستطلعو الآراء، إن الفرص تكون 50 و 50 خلال الجولة الثانية الذى يتواجه فيها اثنان من أفضل المرشحين للفوز بالأصوات. ولأول مرة تقوم المعارضة بتنظيم عملية لحساب جميع الأصوات على المستوى الوطنى بشكل مستقل، لمواجهة أى محاولة لتزوير الأصوات.