لم يكن فوز الدكتاتور العثمانى رجب طيب أردوغان فى الانتخابات الرئاسية التى أجريت يوم الأحد الماضى، مفاجئا للمتابعين للشأن التركى، لكونه أعد كل الأساليب الغير مشروعة، والحيل الملتوية للفوز بالانتخابات، فمن قمع للمعارضة مرورا بإلقاء التهم جزافا على المرشحين المنافسين له وصولا لعمليات التزوير وتسويد البطاقات الانتخابية تمكن الدكتاتور من الوصول إلى كرسى الحكم فى تركيا.
الرئيس التركى
وسيكون لفوز أردوغان عواقب وخيمة داخليا وخارجيا تتمثل فى أن تركيا ستكون دولة الرجل الواحد بعدما تمكن من تمرير الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى أبريل 2017 بحيث تكون جميع السلطات فى قبضة رئيس البلاد بعد تحويل النظام من برلمانى إلى رئاسى، مما يعنى توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية وتجعل منه نصف إله، وسوف تقتصر مهمة البرلمان على التشريع والمراقبة فقط ، وستكون النتيجة الحتمية هو استمرار أردوغان فى بطشه والإطاحة بالمعارضين وغلق وسائل الإعلام التى تكشف فساده وتجبره، ولاسيما أنه سيقبع فى السلطة 5 سنوات قادمة بعد 16 عاما شغل منصب رئيسا للوزراء.
رجب طيب أردوغان
وقبل الانتخابات بعدة أيام نشر مركز "نسمات" للدراسات الاجتماعية والحضارية بالتعاون مع موقع صحيفة "زمان التركية" تقريره الثانى لهذا العام حول الوضع المزرى للصحافة ومعاناة الصحفيين فى تركيا التى تدار منذ سنتين كاملتين بقانون الطوارئ.
وأكد التقرير أن 319 صحفيا معتقلا يقبعون فى السجون منذ صبيحة تحرك الجيش التركى ضد رجب طيب أردوغان فى 15 يوليو 2016، حتى الآن، كما صدرت مذكرات اعتقال بحق 142 صحفيا آخرين مشردين فى خارج البلاد، مشيرا إلى أن 839 صحفيا حوكم قضائيا خلال عام 2017 المنصرم على خلفية تقارير صحفية أصدروها أو شاركوا فى إعدادها، طبقا لما أوردته مؤسسة الصحفيين الأتراك.
محرم انجه
وعلق التقرير قائلا "هذه الأرقام تؤكد على خطورة وضع حرية الإعلام فى تركيا، وعلى تدهور الحريات بوتيرة متسارعة وأسوأ مما يعتقد كثير من المحللين، منبها إلى أن هذه البيانات مرشحة للزيادة بسبب الحملات الأمنية المستمرة للقبض على الصحفيين.
وتطرق التقرير إلى التهم الموجهة للصحفيين المعتقلين بقوله: "يأتى الصحفيون المحتجزون فى السجون من خلفيات ثقافية مختلفة، ولكن الصفة المشتركة بينهم جميعا أنهم معارضون للحكومة، وقد تم اتهامهم بانتمائهم لمنظمة إرهابية أو أكثر".
قمع اردوغان لوسائل الاعلام
أما عن وسائل الإعلام التى أغلقت بعد محاولة الانقلاب فوصل مجموعها حتى الآن 189 وسيلة إعلامية مختلفة، منها: 5 وكالات أنباء، 62 جريدة، 19 مجلة، 14 راديو، 29 قناة تليفزيونية، 29 دارا للنشر تابعة لحركة الخدمة، فضلا عن كثير من القنوات والإذاعات الكردية واليسارية والعلوية المستقلة بخلاف حجب 127.000 موقعا إلكترونيا، 94.000 مدونة على شبكة الإنترنت منها موقع "ويكيبيديا" الموسوعى.
على الصعيد الخارجى، سيواصل أردوغان دعم المنظمات الإرهابية على شاكلة تنظيم "داعش" الإرهابى وغيرها من التنظيمات التى وجدت فى تركيا حضنا دافئا لإعادة بناءها من جديد رغم الهزائم التى تلقتها فى سوريا والعراق وشبه جزيرة سيناء.