بيانات متبادلة ما بين البيت الأبيض فى الولايات المتحدة ونظيره الكرملين فى روسيا تحدثت عن إمكانية عقد ما بين الرئيسين الأمريكى دونالد ترامب والروسى فلاديمير بوتين خلال الفترة القادمة فيما لم يتحدد موعدها أو مكانها النهائى حتى الآن، والسؤال هنا إذا ما تم ترتيب اللقاء المرتقب بين الثنائى كيف سيكون سلوكهما فى ظل الاضطرابات التى حدثت بينهما خلال المدة الماضية؟.
بعد تولى دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة خلفا لباراك أوباما توقع الكثيرون أن أمريكا وروسيا مقبلان على أفضل علاقات فى تاريخهما نظرًا للتصريحات الإيجابية لترامب عن بوتين طوال فترة الانتخابات لكن الأمور تغيرت كثيرًا بعد الفوز الرسمى، وتم تفجير قضية التدخل الروسى بالانتخابات ليتم تعكير صفوف العلاقات بين الرجلين ثم تزداد المسافة بينهما جراء الاختلافات فى الرأى إزاء القضايا الخارجية مثل الوضع فى سوريا وأزمة تسميم الجاسوس الروسى سيرجى سكريبال وحدوث خلافات بين روسيا ودول حليفة للولايات المتحدة مثل بريطانيا.
وفى ظل تلك التشابكات والتعقيدات السياسية وفى الوقت نفسه السمات الشخصية للرئيسين الذين تصل تصرفاتهم أحيانًا لدرجة الغرابة وعدم المألوف خصوصا ترامب، فما التصرفات المتوقعة لهما حال عقد القمة، وربما يمكن توقعها من خلال ما فعلوه أثناء لقاءات سابقة جمعتهما بزعماء ورؤساء دول أخرى أو حتى مواقف جمعت الثنائى معًا من قبل.
فى 10 يوليو 2017، التقى ترامب وبوتين على هامش قمة مجموعة العشرين فى مدينة هامبروج الألمانية، ولم يخل اللقاء من الخروج عن المألوف بين الثنائى، وقد ظهر على الإنترنت مقطع فيديو يبدو فيه الرئيس الروسى ينحنى تجها ترامب ويسأله مازحا، موجها إبهامه ناحية الصحفيين، "هل هؤلاء من يزعجونك؟، ليتلقى ترامب دعاية بوتين قائلاً: "نعم هؤلاء هم، أنت محق".
دعابة بوتين لترامب جاءت على خلفية انتقادات الرئيس الأمريكى الدائمة لوسائل لإعلام الأمريكية سواء عبر حسابه على موقع التدوينات القصيرة "تويتر" أو فى مؤتمراته الصحفية، وللعلم فإن هذا الموقف لا يعتبر أقصى ما يمكن للثنائى فعله والخروج عن البروتوكولات الرسمية فى لقاءاتهم الرسمية فإن هناك أشياء أخرى فعلوها.
ميركل الضحية الأشهر فى عالم غرائب ترامب / بوتين
وفى عالم غرائب ترامب وبوتين، يمكن القول أن المستشارة الأمريكية أنجيلا ميركل الضحية الأشهر!، فقد وضعها الثنائى من قبل فى مواقف محرجة، بالنسبة للرئيس الروسى لا يمكن نسيان إخافته له بكلبه الأسود ذى البنية أثناء لقائهما سويا لمناقشة الأزمة الروسية /الأوكرانية فى عام 2015، وقد ظهر على ميركل على علامات الخوف من الكلب الضخم لدرجة أن وسائل إعلام قالت آنذاك أن ما حدث كان رسالة روسية بأن بلاد الروس لا يمكن تهديدها خصوصا أن المتداول وقتها أن المستشارة الألمانية كانت تحمل رسالة تهديد من الاتحاد الأوروبى إلى الحكومة الروسية.
أمّا ترامب فقد اعتاد التصرف بغرابة مع ميركل، مثلا فى مارس 2017، تحدثت وسائل إعلام عالمية وأمريكية وألمانية على وجه الخصوصن وكذلك وسائل التواصل الاجتماعى عن ظهور ميركل أمام عدسات الكاميرات وهى تسأل ترامب إذا كان يريد مصافحتها لكنه صمت ثم خاطب الصحفيين.
وسائل إعلام عالمية وصفت ما حدث من ترامب إزاء ميركل أنه استكمالا لمسلسل خروج عن البروتوكلات وأن المستشارة الأمريكية بابتسامتها المعهودة، استدركت تجاهل الرئيس الأمريكى، بينما تم تفسير تجاهل ترامب بأن الرجل لم يتوصل إلى صفقة مرضية بشأن اتفاق التبادل الحر عبر الأطلسى بعد أن خاطب ميركل مازحًا: "إن المفاوضين الألمان قاموا لفترة طويلة بعمل أفضل من نظرائهم الأمريكيين، وإن هذا العهد قد ولى".
بعد واقعة رفض المصافحة وقعت ميركل مجددًا فى فخ ترامب، وذلك خلال قمة قادة مجموعة السبعة الكبرى الأخيرة، فقد أظهرت الصور حدوث حالة من التوتر بين ترامب وباقى الزعماء المتواجدين فى القمة إلا أن ما كشفته وسائل الإعلام الإنجليزية فيما بعد أن الوضع كان متأزمًا أكثر من مما توقعه المراقبون السياسيون.
وفقا لما أوردته صحيفة "الميرور" الإنجليزية" فإن الصورة الشهيرة لتجمع الرؤساء حول ترامب كانت أثناء مشاجرة حقيقة بين ترامب وميركل، وبدأت عندما تجمع حول ترامب قادة الدول الأوروبية ومعهم جاستن ترودو رئيس الوزراء الكندى وطلبوا منه توقيع ميثاق القمة.. عندها جلس ترامب يجادل حتى وافق فى النهاية، بعدها وقف ووضع يده فى جيبه ثم أخرج قطعتين من حلوى الفراولة وألقى بها باستهتار على الطاولة أمام ميركل قائلاً : "خذى يا أنجيلا، لا تقولى أننى لم أعطيكم شيئا".
ترامب خبير قشرة.. واستاذ مصافحة
ليست ميركل وحدها فى عالم ترامب / بوتين للتصرفات غير المألوفة، فإن هناك آخرين وقعوا فى الفخ، وعلى سبيل المثال لا الحصر فى 26 أبريل الماضى، تصرف ترامب أثناء لقائه مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بغرابة بعدما مد الرئيس الأمريكى يده وقام بنفض قشرة الشعر عن كتف ماكرون، فى إشارة تم وصفها من قبل وسائل الإعلام العالمية بأنه موقف أوحى بمدى قوة العلاقة التى تجمع الرجلين، لكن مع ذلك، فإن صاحب البيت الأبيض لم يستطع نفض الاختلاف فى وجهات النظر مع شريكه الأوروبى بشأن إيران وسوريا وإن أظهرت التصرفات أمام عدسات الكاميرات عكس ذلك.
وفيما يبدو أن دعابات ترامب أثناء مصافحة الزعماء أو الرؤساء لا تنتهى فإنه أثناء لقائه مع رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى فى 11 فبراير 2017، صافح الثنائى بعضهما بشكل طريف لدرجة أن عملية المصافحة استمرت قرابة 20 ثانية أمام الصحفيين داخل البيت الأبيض. وداعب ترامب آبى بعد مصافحته الطويلة، قائلًا: "لديه يدان قويتان"، فرد رئيس اليابانى ضاحكًا.
وفى إطار مسلسل طرائف ترامب، تم تداول مقطع فيديو عبر السوشيال ميديا فى 21 مايو 2017، يظهر فيه البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان وهو يضرب يد الرئيس ترامب أثناء لقائهما بعدما قام الأخير بممازحته عبر الطرق عليه إلا أن الأخير رد عليه بضرب يديه بطريقة مضحكة، وذلك أثناءا التقاطهما صور تذكرية معًا.
بوتين.. والحرب النفسية ضد ضيوف
أمّا بالنسبة لتصرفات بوتين غير المألوفة فى عالم البروتوكولات والأعراف الدبلوماسية، يمكن الحديث بدون حرج، والسبب ببساطة أنه لا يتردد فى إحراج من هم أمامه إذا رغب فى ذلك أو أراد توصيل رسالة محددة، وفى 27 نوفمبر الماضى، تم تداول فيديو يرصد لحظة إسقاط بوتين كرسى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فى القمة الثلاثية التى جمعتهما مع الإيرانى روحانى فى مدينة سوتشى الروسية.
الفيديو الذى تم تداوله يظهر فيه الرئيس الروسى يسقط مقعد نظيره التركى على الأرض خلال تصافحهما قبل مؤتمر صحفى مشترك عقب قمة سوتشى، وتم وصف تصرف بوتين آنذلك بأنه إهانة خاصة أن العلاقات بين روسيا وتركيا كانت متوترة آنذلك على أثر واقعة مقتل السفير الروسى بأنقرة وتحطيم تركيا لطائرات حربية روسية فى سوريا.
بالنسبة للرئيس الروسى فإنه يلجأ دومًا إلى سلاح ترك ضيوفه فى انتظاره لفترة تصل أحيانًا لساعات كجزء من الحرب النفسية عليهم مثلما تم تفسيره من قبل متخصصين، وفى تقرير لوكالة سبوتنيك الروسية، تم رصد أبرز الضيوف الرسميين الذين تركهم بوتين فى انتظاره، وهم وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى الذى أجبر على الانتظار لساعات متجولا فى ساحة الكريملين قبل أن يحصل على الإذن بالدخول إليه والالتقاء به، كما أنه قام ذات مرة بترك رئيس جمهورية أوكرانيا السابق فيكتور يانوكوفيتش لمدة 4 ساعات.
ووفقا لصحيفة الجارديان البريطانية أنه فى عرف الرئيس بوتين، فإن اجبار القادة ورؤساء الغربيين على انتظاره يختلف من شخص لأخر، فإذا ترك بوتين الطرف الأخر لمدة ساعة أو أقل من هذا الوقت ينتظره فهذا دليل على احترامه له أو اهتمام بالغ مقارنة بمن يتأخر عليه لساعات. فيما فسرت وكالة سبوتينك هذا التصرف نقلا عن علماء النفس بأنه ضمن سياسة "الحرب النفسية"، وهى أنك تجعل الشخص ينتظرك لساعات طويلة، الأمر الذى قد يؤدى إلى "لخبطة" أفكاره المسبقة المجهزة.
مما سبق يمكن القول أن التصرفات غير المحتملة والغريبة قائمة حال عقد قمة فى وقت قريب ما بين بوتين وترامب لاسيما أن الثنائى طالما فاجأ العالم أجمع بما يفعلوه خارج البروتوكولات الرسمية فى لقاءاتهم وقممهم مع رؤساء وزعماء العالم.