تنتخب وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة مديرا عاما جديدا الجمعة، فى جلسة تصويت ستختبر مدى تأثير واشنطن على المنظمة الدولية البارزة فى وقت يواجه مرشح الولايات المتحدة للمنصب اتهامات بالتعصب ضد المسلمين.
وباستثناء فترة واحدة بين العامين 1961 و1969، كان مدير منظمة الهجرة الدولية أمريكا على مدى تاريخها الممتد منذ 67 عاما.
لكن كين إيزاكس، مرشح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لتولى إدارة المنظمة وهو المدير التنفيذى لمنظمة "ساماريتانز بورس" المسيحية الخيرية، واجه تحديات غير مسبوقة.
وعقّد موقف ترامب المتشدد حيال الهجرة، إنطلاقا من مراسيم منع السفر التى أصدرها بحق مواطنى دول يشكل المسلمون غالبية سكانها ووصولا إلى سياسة "عدم التساهل" التى اتبعها على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة وأدت إلى فصل أطفال المهاجرين عن عائلاتهم، حق واشنطن التقليدى فى اختيار مسؤول الهجرة الأرفع فى العالم.
وهاجمت إدارة ترامب التى ترفع شعار "أمريكا أولا" بشراسة كذلك عدة هيئات دولية وقررت الأسبوع الماضى الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ما أثر حفيظة الدبلوماسيين فى جنيف حيث مقر منظمة الهجرة الدولية كذلك.
لكن بعيدا عن ترامب، أضر إيزاكس بفرص انتخابه بنفسه عبر مواقفه.
وكان إيزاكس، الذى عمل لدى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فى عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن، نشر عدة تغريدات وصف الإسلام فيها بأنه ديانة عنيفة بطبيعتها، وبعد اعتداءات العام 2016 التى وقعت فى مدينة نيس الفرنسية قال عبر "تويتر" إن "الإسلام غير مسالم".
وأعاد كذلك نشر مواد معادية للإسلام على غرار منشور نقله عن مدير موقع "جهاد ووتش" روبرت سبينسر قال فيه إنه لا يمكن التفريق بين "المسلمين المسالمين" و"المتطرفين".
وغير إيزاكس إعدادات الخصوصية على حسابه فى "تويتر" ليصبح خاصا بدلا من عام بعد الجدل الذى أعقب ترشيحه للمنصب فى فبراير.
ولم ينف مسؤوليته عن تصريحاته التحريضية لكنه اعتذر عن أى اساءة قد تكون تسببت بها.
وقال لوكالة فرانس برس فى مارس إن سجله فى العمل الإنسانى على مدى عقود، خاصة فى دول يشكل المسلمون غالبية سكانها مثل بنجلادش والعراق والسودان يثبت بأنه غير متعصب.
لكن بالنسبة للبعض على غرار مدير منظمة "ريفوجيز انترناشونال" (أى اللاجئين الدولية) غير الحكومية اريك شوارتز فإن تصريحات ايزاكس السابقة تجعله غير مؤهل للمنصب رغم سجله فى المجال الإنسانى الذى يستحق الاحترام.
وكتب شوارتز الذى شغل منصب مساعد لوزير الخارجية فى عهد الرئيس السابق باراك أوباما فى مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الاثنين "فلنتخيل مثلا أن مرشحا لهذا المنصب أدلى بسلسلة تصريحات مهينة كهذه بحق اليهود أو الكاثوليك أو المسيحيين الانجيليين أو أى مجموعة دينية أخرى".
وأضاف "هل كان لأى شخص أن يشير بشكل جدى إلى أن على تصريحات من هذا القبيل ألا تمنعه من تولى منصب مهم كمدير عام منظمة الهجرة الدولية؟".
ولا يزال مسار التصويت غير واضح حيث يواجه ايزاكس مرشحين آخرين ينافسانه على المنصب هما نائبة مدير منظمة الهجرة الدولية حاليا لورا ثومبسن من كوستاريكا والسياسى البرتغالى انتونيو فيتورينو الذى شغل فى الماضى منصب المفوض الأوروبى.
وتجرى عملية التصويت التى تشارك فيها الدول الاعضاء فى المنظمة البالغ عددها 172 دولة عبر الاقتراع السرى حيث يحتاج المرشح إلى أغلبية بثلثين للفوز.
وفى قضية أخرى مهمة، لم يعترف ايزاكس بشكل قاطع بالأدلة العلمية التى تربط بين النشاط الإنسانى والتغير المناخى.
وقال فى مارس "لست خبيرا فى المناخ، لن أخوض فى هذا النقاش على الإطلاق".
لكنه أقر بأن العوامل المناخية على غرار الجفاف والفيضانات تجبر الناس بشكل متزايد على الهجرة وأشار إلى عدم وجود مشكلة لديه فى تطبيق "الأهداف" التى وضعتها منظمة الهجرة الدولية بشأن التغير المناخى.
ويسعى ايزاكس إلى الحلول محل الدبلوماسى الأمريكى المخضرم وليام ليسى سوينغ الذى شغل مناصب رفيعة فى وزارة الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة فى إطار مسيرة مهنية استمرت لنحو نصف قرن.
ولم يوضح سوينج إن كان يرى فى إيزاكس الشخص المناسب لتولى المنصب، لكن لدى سؤاله الشهر الماضى عن مسألة إنكار الأدلة العلمية بشأن التغير المناخى على وجه الخصوص قال سوينج "من المهم الاعتراف بالحقائق والوقائع الأساسية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة