سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 يونيو 1277.. وفاة الظاهر بيبرس.. السلطان الذى لهج الناس بسيرته ولم يعلموا بموته إلا بعد شهرين

السبت، 30 يونيو 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 يونيو 1277.. وفاة الظاهر بيبرس.. السلطان الذى لهج الناس بسيرته ولم يعلموا بموته إلا بعد شهرين الظاهر بيبرس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«كان ملء العين والقلب، أحبه الناس ولهجوا بسيرته، وأضافوا إليها الكثير من خيالهم، لأنه كان يسير على طريق تحقيق أمانى الأمة ومحاربة أعدائها».. هكذا يصف الدكتور قاسم عبد قاسم، شخصية الظاهر بيبرس سلطان دولة المماليك فى كتابه «عصر سلاطين المماليك» عن «دار العين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية- القاهرة».
 
توفى «الظاهر بيبرس» فى 30 يونيو «مثل هذا اليوم» عام 1277 حسب تأكيد قاسم، مضيفا، أن الوفاة جاءت «بعد أن تجاوز الخمسين من عمره، وبعد فترة حكم طالت سبع عشرة سنة وشهرين واثنى عشر يوما، وكانت وفاته بدمشق فدفن بقربا داريا «ببلاد الشام حسب وصيته»، ويذكر محمود شلبى فى كتابه «حياة الملك الظاهر بيبرس» عن «دار الجبل- بيروت»: «تمرض السلطان أياما حتى كانت وفاته يوم الخميس بعد صلاة الظهر السابع والعشرين من المحرم سنة 676 هجرية- 30 يونيو 1277 ميلادية، بالقصر الأبلق، فكان ذلك يوما عظيما على الأمراء، وحضر نائب السلطنة عز الدين أيدمر وكبار الأمراء والدولة، فصلوا سرا وجعلوه فى تابوت، ورفعوه إلى القلعة فى بيت من بيوت البحرية، إلى أن نقل إلى تربته تجاه «العادلية الكبيرة» ليلة الجمعة خامس رجب فى هذه السنة، وكتم موته ولم يعلم جمهور الناس به حتى كان العشر الأخير من ربيع الأول، وجاءت البيعة للملك السعيد» ابنه «من مصر، فحزن الناس وترحموا، وكان يوما شديدا على الناس، وجددت البيعة»، ووفقا لهذا الكلام فإن موته لم يعرف الناس به إلا بعد نحو شهرين.
 
ينقل «قاسم» عن «المقريزى» تلخيصه لموقف المعاصرين لهذا البطل، بعبارة بليغة هى: وبالجملة، فقد كان من خير ملوك الإسلام «كما رثاه محيى الدين عبدالظاهر الذى كتب سيرته تحت عنوان» الروض الزاهر فى سيرة الملك الناصر بقصيدة طويلة جاء فيها: «لهفى على الملك الذى كانت به/ الدنيا تطيب فكل قفر منزل/ الظاهر السلطان من كانت له/منن على كل الورى وتطول».
 
يقدم «قاسم» مبررات اهتمامه بهذا السلطان الفذ فى تاريخنا الإسلامى، قائلا: «تمكن بإصلاحاته الإدارية وحكمته السياسية أن ينتزع لنفسه الدور الأساسى فى بناء دولة سلاطين المماليك، فقد مرت قبله سنوات عشر تقلبت فيها أحوال الدولة الناشئة التى كان نفوذها قاصرا على مصر ينازعها فيها الأيوبيون.. ومات بعد سبع عشرة سنة فإذا سلطان دولة المماليك ممتدة على كل المنطقة العربية، وصوتها مسموع فى كل أنحاء العالم المعروف آنذاك، لقد رسم أبعاد السياسة الداخلية والخارجية لدولة سلاطين المماليك، وهى السياسة التى سار عليها خلفاؤه حتى تم القضاء على خطر المغول من ناحية، واستئصال شأفة الوجود الصليبى على الأرض العربية من ناحية أخرى».
 
يضيف قاسم: «لهذا أحبه المصريون وأهل الشام، واشتهرت سيرته فى مجالسهم ومسامراتهم دون سائر السلاطين، فصاغ الوجدان الشعبى سيرة رائعة لهذا السلطان أحلوه فيها منزلة هامة ورائعة، وجعلوا كل شخصيات تلك الفترة التاريخية، وما سبقها شخوصا ثانوية فى خدمة البطل الظاهر بيبرس»، يؤكد قاسم: «صور الوجدان الشعبى الظاهر بيبرس فى هذه السير الشعبية كأنه عصر بأكمله، وليس مجرد إنسان فرد، وهكذا الشعوب، تمنح حبها وتمجيدها بلا حدود لمن أعطى وبذل فى سبيل تحقيق أهدافها ومصالحها بلا حدود».
 
بعد بيبرس تولى ابنه «بركة خان» تحت اسم «السلطان الملك السعيد ناصر الدين بركة خان»، حسبما يذكر قاسم، مضيفا: «أن السلطان الظاهر بيبرس سعى فى حياته لتوريث السلطنة لابنه الملك السعيد بركة، وفى سنة 1264 ركب وابنه بشعار السلطنة فى احتفال كبير حضره الأمراء والقضاة والفقهاء، ومن خلال الوصية التى تركها بيبرس لابنه قبل وفاته ندرك أنه لم يكن واثقا من أن أمر وراثة العرش سوف يتم فى سهولة، فقد أوصاه بالعنف ضد كل من يحاول أن يقف فى طريقه، أو يعارض سلطته، إذ قال فى وصيته: «.. إنك صبى، وهؤلاء الأمراء الكبار يرونك بعين الصبى، فمن بلغك عنه أنه يشوش عليك ملكك، وتحققت ذلك، فاضرب عنقه فى وقته، ولا تعتقله، ولا تستشر أحدا، وافعل ما أمرتك به وإلا ضاعت مصلحتك.. كان عمر الملك السعيد بركة خان عندما اعتلى العرش سبعة عشر عاما، ولكن ابن السلطان بيبرس كان على النقيض من أبيه، إذ كان مستهترا يميل إلى اللهو والشراب، واستغرق فى لذاته، ثم تطورت الأمور بالشكل الذى أدى إلى حصاره فى قلعة الجبل بالقاهرة لمدة أسبوع، وأصر الأمراء المتمردون على أن يخلع السلطان نفسه، فأذعن لطلبهم، وكانت مدة ملكه سنتين وشهرين وثمانية أيام».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة