كرة القدم أكثر من مجرد لعبة.. مقولة تتأكد صحتها يوم تلو الآخر، فعندما ترى الآلاف تتدافع من كل حدب وصوب من أجل الاستمتاع بمشاهدتها وتسمع الأهازيج والأناشيد تدوى فى سماء أعرق الملاعب بالعالم لمؤازرة فريق ضد آخر، هنا ستصل إلى مرحلة اليقين أن الأمر ليس ترفيهيًا بل يجب تحوله لأمر أكبر، وبالفعل انتبهت دول كبرى لهذه الظاهرة مبكرًا وحولت عشق الساحرة المستديرة إلى صناعة واستثمار يُدر الدخل على الملايين ممن يعلمون فى مجالها.
الدورى الإنجليزى.. النموذج الأبرز عالميًا
وإذا أردنا الحديث عن صناعة كرة القدم، وأبرز النماذج العالمية للاستثمار فى الساحرة المستديرة ينبغى النظر إلى الدورى الإنجليزى "البريميرليج" باعتباره الدورى الأقوى والأكثر انتشارًا على الصعيد العالمى، وفى تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى" تم نشره فى 12 يوليو 2017، تم الكشف عن أن البريميرليج حقق زيادة قياسية فى الإيردات بواقع 9% لتبلغ 3.6 مليار جنيه إسترلينى فى موسم 2015-2016 بفضل خدمات البث التلفزيونى النشط للاتحاد الأوروبى لكرة القدم "يويفا"، وذلك وفقا لما أفادت به تحليل لشركة ديلويت.
ووفقا لتقرير بى بى سى فإن أرباح البث التى بلغت 1.9 مليار جنيه إسترلينى مثلت أكثر من نصف إجمالى إيرادات الأندية الكبرى فى البريميرليج، كما تم الإشارة إلى أنه للموسم الثالث على التوالى، تجاوزت الأرباح التشغيلية المجمعة للأندية حاجز 500 مليون جنيه استرلينى، لكن الأجور زادت بواقع 12% إلى 2.3 مليار جنيه إسترلينى.
وطبقا لهيئة الإذاعة البريطانية فإن دان جونز الشريك فى فرع شركة ديلويت المعنى بنشاط الأعمال فى مجال الرياضة، أوضح أن سبب زيادة الإيرادات المتعلقة بالبث فى موسم 2015-2016 هو رفع الاتحاد الأوروبى لكرة القدم قيمة المدفوعات التى يقدمها لأندية الدورى الإنجليزى الممتاز بواقع 100 مليون جنيه إسترلينى، مضيفا :"نتوقع تماما أن تحقق أندية الدورى الإنجليزى الممتاز مجتمعة مستويات قياسية من الأرباح فى المواسم القادمة".
بالنسبة لشركة ديلويت فإنها توقعت فى عام 2017 أن يصل إجمالى إيرادات أندية الدورى الإنجليزى الممتاز أكثر من 4.5 مليار جنيه إسترلينى فى موسم 2017-2018، وفى المقابل تراجع إجمالي الدين فى الدورى للموسم الثالث على التوالى بواقع 125 مليون جنيه إسترلينى "5%" إلى 2.2 مليار إسترلينى بنهاية موسم 2015-2016.
أغنى الأندية فى العالم
الأرقام السابق الإشارة إليها، تكشف عن حجم القوة الاقتصادية لكرة القدم، لذا ليس غريبًا أن نرى عوائد الأندية الكبرى حول العالم تصل إلى أرقام خيالية، وقد أوضحت شبكة سكاى نيوز الإخبارية فى تقرير لها أنه بحسب إحصائيات "ديلويت فوتبول مونى ليج 2018" هناك 5 أندية احتلت قمة العوائد المالية عن العام 2017.
بالنسبة للأندية الخمسة وعوائدهم، احتل مانشستر يونايتد الإنجليزى المركز الأول مسجلا 805.4 مليون دولار، فيما جاء ريال مدريد الإسبانى فى المركز الثانى بعوائد وصلت إلى 764.9 مليون دولار، وفى المركز الثالث حل برشلونة الإسبانى بـ 764.8 مليون دولار، وفى المركز الرابع جاء بايرن ميونيخ 730.1 مليون دولار، بينما أتى مانشستر سيتى الإنجليزى خامسا بعوائد وصلت إلى 647.4 مليون دولار.
وعندما نقرأ عن عوائد الأندية الكبرى القادمة من خلال مناحى متعددة كبيع المنتجات فى المتاجر الخاص بها وبيع اللاعبين وعوائد البث التلفزيونى والحضور الجماهيرى والاستثمار فى البنية التحتية، يجب لفت النظر إلى أن هناك دول كبرى تنتظر أحداث كروية كبرى لتنعش اقتصادها، ولن نذهب بعيدًا ففى الأيام الحالية تستضيف روسيا منافسات كأس العالم المحدد لها الإقامة خلال الفترة من 14 يونيو إلى 15 يوليو المقبل.
مكاسب مونديال روسيا
وطبقا للتقارير الإخبارية الصادرة قبل المونديال ومنها موقع ru.investing كان متوقعا أن تجذب روسيا حوالى 23.89 مليار دولار على الأقل مكاسب خلال كأس العالم 2018، أى 10 مليارات زيادة عما أنفقته فى تجهيز وبناء الملاعب والفنادق والطرق، وشراء المعدات الجديدة.
وكانت هناك جزئية أخرى فى غاية الأهمية، وتتمثل فى توقعات الحكومة الروسية بجذب استثمارات بـ100 مليار دولار، إضافة إلى بيع تذاكر المباريات سوف تجلب إيرادات بحوالى 5.3 مليار دولار، كما كانت هناك توقعات بزيادة إيرادات الفنادق فى موسكو والطعام فى المقاهى حوالى 5.9 مليار دولار.
أما على صعيد شراء حقوق البث المباشر والعلامات التجارية، كانت هناك توقعات بجلب حوالى 8-10 مليارات دولار، وتحقيق أرباح من جذب أموال الرعاية من الشركات تصل إلى نحو 4.4 مليار دولار، وبيع الهدايا التذكارية مع رموز البطولة 100 دولار لكل سائح أجبنى ما يحقق 100 مليون دولار، وبالتالى فإن التوقعات المبدئية لعوائد المونديال وصلت إلى 23.89 مليار دولار إضافة إلى جذب انتباه المستثمرين الأجانب وزيادة تدفق الاستثمار بعد انتهاء البطولة.
الآن ومع انتهاء الدور الأول من بطولة كأس العالم فإن هناك العديد من المكاسب قد حققها الدب الروسى وبكل تأكيد مع انتهاء البطولة ستكتمل الصورة ويتم الكشف عن الأرقام التى جناها الروس من وراء استضافة الحدث الكروى الأعظم فى العالم.
وما بين الأرباح الخيالية للبريميرليج والعوائد الخرافية والمكاسب الاقتصادية الكبيرة لمونديال روسيا، تكشف صناعة كرة القدم عن وجهها الحقيقى وتؤكد للعالم كله أن حسن الاستثمار فيها يعنى أن الربح مضمون فى ظل حالة الشغف العالمى بها وعشق الملايين لمتابعتها بشكل جنونى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة