"الجلباب، العقدة، العقال، الشبط، الملف، سدرية، العراقى، السواكنى، العمة، الحبرة، الجبة"، أسماء لأزياء مصرية الهوية توارثتها أجيال أبناء المحروسة عبر التاريخ، ولا تعرفها بيوت الأزياء العالمية، بينما يحرص عليها من يرتدونها بعشق، فهى تشكيلة أزياء فريدة من نوعها تختلف فى شكلها من مكان لآخر لتشكل فى مجملها جانبا من هوية مصر، وتعكس تكيف المصرى أينما كان مع أجواء أرضه التى يعيش عليها وموائمة ما يرتديه للمهنة التى يمارسها، والوجاهة الاجتماعية المعبرة عنه.
العراقى والتقشيطة أزياء الصعايدة فى الجنوب.. أزياء لايزال المصريون يحافظون عليها
فى جنوب مصر حيث ترتفع درجات الحرارة صيفاً فى مصر، وتبلغ ذروتها على أنحاء الجنوب، ويشهد الصعيد طقسا شديد الحرارة صيفاً، اعتاد سكانه على ارتداء أنواع معينة من الجلباب، فاشتهر بين الرجال منهم ما يعرف بـ"العراقى" أو "التقشيطة".
"العراقى" كما تعرف باسمها هذا بين أبناء النوبة، أو "التقشيطة" كما تلقب لدى أبناء القبائل العربية فى أسوان، وأحياناً يطلق عليه "رمش العين"، وهو عبارة عن جلباب يشبه "الجلابية" إلا أنه مصنوع من القماش الرقيق، وأقصر من الجلابية ويصل طوله لما تحت الركبة، وأكمامه لما بعد مرفق اليدين، ويتميز بوسع فتحة الصدر.
والتقشيطة أو العراقى يمكن ارتداؤها فى المنزل، بالإضافة إلى إمكانية ارتدائها أسفل الجلابية حال المشاوير البعيدة أو الخروج من القرية أو النجع المقيم فيه، وتفيد العراقى أو التقشيطة فى وقت العمل بالأراضى الزراعية أو غيرها من المهن التى تكون تحت الشمس أو فى العراء لأنه يمتص كثير من العرق.
شعراء بدو سيناء
"السواكنى" الزى الرسمى لأهالى لقبائل حلايب وشلاتين
وفى حلايب وشلاتين جنوب محافظة البحر الأحمر، التى تتميز بعدة عادات وتقاليد، توارثها سكانها من بيئتهم الصحراوية الشاقة، حيث يقطن تلك المنطقة قبائل البشارية والعبابدة والرشايدة، ولأبنائها زى رسمى يطلق عليه "السواكنى" أو "البجاوى".
يتكون تلك الزى "السواكنى" من أربع قطع مختلفة هى السدارى والجلبية والقميص أو كما يطلق عليه هناك "العراقة أو التقشيطة" والبنطلون الأبيض وكما يطلق عليه هنا "البوجا".
يقول أبو عبيدة البشارى من شباب المنطقة إن السواكنى أو البجاوى نسبة إلى قبائل البجا هو الزى الرسمى لأهالى حلايب وشلاتين ربما تشترك فيه معهم بعض قبائل البدو فى مصر إلا أن هناك اختلافا كبيرا فى التفاصيل.
أضاف أبو عبيدة، لـ" اليوم السابع"، أن السواكنى أو زى قبائل حلايب وشلاتين مكلف لأن كل قطعة من قطعه الأربعة من أقمشة مختلفة، مضيفاً أنه فى التوقيت الحالى يصل سعر السواكنى الكامل من 800 إلى 1000 جنيه حسب نوعية الأقمشة وأجرة الخياط.
وأوضح أن حلايب وشلاتين تقطنها ثلاث قبائل البشارية وهم أصحاب الأغلبية هما قبائل البشارية والذين يتبعون لقبائل البجا والعبابدة والرشايدة، ربما يتفق الثلاث قبائل فى الزى السواكنى مع اختلاف بسيط فى نوع الجلباب مع الرشايدة حيث يكون من الجلاليب التى تتم حياكتها فى المصانع "الجاهزة".
من جانبة قال الشيخ على أبال من مشايخ المنطقة، أن نادرا ما تلاحظ أحد أبناء القبائل يرتدى حذاء فى حلايب وشلاتين بينما السائد هناك هو الصندل والشبشب غالباً وهو ما يطلق عليه "الشبط".
وأضاف الشيخ على أبال أن العمة فى حلايب وشلاتين وهى عبارة عن شاش أبيض يتم لفه على الرأس حول طاقية بيضاء دائما ما تكون اختيارية بالنسبة للشباب إلا أنها شىء ثابت وأساسى للمشايخ وكبار السن.
"العقال" و"الثوب" المطرز فى سيناء
نموذج الثوب السيناوى المطرز
وفى شمال وجنوب سيناء لايزال أبناء البادية يحافظون على أزيائهم التراثية القديمة، ويفتخرون بارتدائها فى حياتهم اليومية والمحافل الرسمية، وهى فى شكلها للرجال تتشابه وتتقارب مع أزياء الرجال فى مناطق الخليج العربى والأردن، وللسيدات تتقارب مع أزياء السيدات فى بلاد الشام وفلسطين، وتختلف عن تلك المناطق فى خصوصية هذه الأزياء فى تشكيلها، والطريف أن من يدقق فى تفاصيل كل زى يجده يختلف ما بين قبيلة وأخرى.
ويرتدى الرجال كما يقول سليمان الغندقل، أحد أبناء قبيلة الدواغرة ويعمل مدرسا، الجلباب، ويسمونه بألوانه المختلفه، وغطاء الرأس "العقدة" وهى قطعة القماش البيضاء، يعلوها العقال العربى وتحتها على الرأس الطاقية البيضاء، بينما يكمل الزى بارتداء السروال الأبيض الفضفاض، ويفضل الشباب لف "العقدة" على الرأس ويسمونها شماغ إذا ما كانت ذات ألوان متعددة، وانتشرت فى شمال سيناء.
الحبرة والجبة والقناع أهم ملابس الأقصريات
وفى الأقصر ورغم وصول عجلة الزمان إلى عام 2018 ومع تطورات الزمن والتكنولوجيا والموضة والأزياء، إلا أن السواد الأعظم من السيدات والرجال فى محافظة الأقصر، مازالن يحتفظن بعاداتهن وتقاليدهن المتوارثة منذ مئات السنين فى الملابس والزى الرسمى للأقصر، فتظهر مختلف السيدات من القرى والنجوع بالمحافظة فى مشاهد يومية بزيهن الرسمى، للتأكيد على الحفاظ على الموروث الشعبى والثقافى لهن، وكذلك الرجال بمختلف أنحاء المدن والقرى للمحافظة.
ويعتبر الزى الرسمى للرجال فى الأقصر عبارة عن الجلباب البلدى الذى يتم تفصيله بصورة فضفاضة تناسب الجسد لصاحبه، ويتم ارتداء ملبس خفيف أسفلها يسمى "تقشيطة" لإضفاء المزيد من المهابة والجمال على الجلباب، والعمة تكسو الرأس للرجال وغالباً ما يضعون على أكتافهم قفطان يتغير حجمه، وهو مازال حتى الآن ملبس الكبار والصغار من الشباب والرجال فى مختلف قرى ومدن الأقصر.
أما سيدات المحافظة فيرتدين فى كل مراحل اليوم بصورة كبيرة للغاية ملبس متوارث منذ مئات السنين، يطلق عليه أسماء مختلفة منها (الحبرة والجبة والقناع)، وهى مختلفة الأشكال والألوان حسب رغبة السيدة، فمنها ما يكون عبارة عن جزأين باللون الأسود الأعلى بلا أكمام والأسفل بأكمام للحصول على الحشمة والوقار، ونوع آخر عبارة عن عباءة سوداء اللون فضفاضة يعلوها جزء آخر بلا أى خياطة يوضع على منطقة الكتف وينزل حتى وسط الجسد ليغطيه بالكامل.
ويضيف إبراهيم خليل ابن مدينة إسنا أن من أبرز أنواع الأقمشة التى يكثر عليها الطلب السلكة والسيتيا والقولت والكشمير وهى من أفخم الأنواع، ومن بعدهم تأتى الأقمشة الضعيفة، واختيارات الأقمشة تأتى على حسب إمكانيات كل شخص المادية، أما بالنسبة لأنواع وأسعار التفصيل فهى تتراوح ما بين 100 حنيه لـ300 جنيه حسب التطريز والشكل المطلوب.
مهدى العمدة نائب البرلمان لا يتخلى عن الزى البدوى فى أى مناسبة
ملابس الصيادين بالإسكندرية بين التراث والاندثار
واشتهرت محافظة الإسكندرية قديما بملابس مميزة للصيادين والتى انتشرت فى الأفلام القديمة مثل فيلم ابن حميدو وعدد من الأفلام المصرية القديمة التى صورت الصيادين بعروس البحر بهذه الملابس خاصة فى فترة الستينيات، والتى كانوا يرتدونها بالفعل أثناء فترة عملهم وهى السروال الأسود الفضفاض والقميص الأبيض والتى اشتهر بها أهل الإسكندرية قديماً.
كانت تستخدم هذه الملابس كنوع من التمييز لصيادى الإسكندرية والتى كانت فضفاضة لتسهيل عليهم الحركة فى أعمال جمع الشباك والأعمال الشاقة التى يقومون بها على المراكب واستمرت لسنوات طويلة، حتى نقلت منها السينما المصرية النماذج العديدة والشخصيات لتجسيد الصياد السكندرى.
ويقول مسعد شاكوس، كبير الصيادين فى منطقة أبو قير، إنهم قديما كانوا يستخدمون الملابس التراثية والفضفاضة وهى السروال القميص المميزان لدى المواطنين بالإسكندرية وهو من التراث الشعبى التقليدى.
وأضاف أنه مع مرور الزمن اندثرت هذه الملابس بحكم التطور ولم يرتدى أحد من الصيادين هذه الملابس فى الوقت الحالى، نظرا لعدم وجود فائدة لها على الإطلاق ولم يحتفظ أحد بها ولكن يتم استخدامها فى السينما المصرية.
بدو مطروح يحرصون على ارتداء زيهم المميز
ولم تعد ملابس الصيادين فقط من الملابس الشعبية بالإسكندرية فهناك الجلباب والملاية اللف كانت من ضمن عادات أهل الإسكندرية، وكان يتم شراؤها من زنقة الستات بمنطقة المنشية التى لا تزال تبيعها حتى الآن لكن فى شكل فلكلورى لزوار الإسكندرية.
كما أن الإكسسوارات مثل الخلخال والمناديل التى كانت تغطى الرأس من ضمن الملابس الشعبية والتراثية وهناك لوحة شهيرة تسمى "بنت بحرى" والتى جسدها أحد الفنانين عندما رسمها وهى ترتدى ملاية لف ومنديل غطاء الرأس وخلخال فى تجسيد للفتاة بمنطقة بحرى بالإسكندرية.
"المَلِف" و"سدرية" و"زبون" من أزياء بدو مطروح
ويحرص أبناء مطروح على ارتداء الزى البدوى المميز فى جميع الأوقات وفى مختلف المناسبات الرسمية أو الشعبية، باعتباره من مظاهر الأصالة والتميز، ويختلف زى بدو مطروح، عن زى بدو المحافظات المصرية الأخرى وإن كان هناك بعض التشابه، إلا أنه يتسم بخصوصية، إلى جانب الأناقة التى زادت مع التطور واستخدام خامات باهظة الثمن فى صناعة القطع المختلفة لملابس البدوى.
أكد منعم العبيدى الباحث فى التراث البدوى أن زى الرجال فى محافظة مطروح، هو الثوب المصنوع من أقمشة خفيفة عالية الجودة تستورد معظمها من دول الخليج العربى، و يُفصّل عند خياط ماهر مختص بالزى البدوى، وكان قديما الثوب يصنع من قماش محلى الصنع يطلق عليه قماش البيسة أو البفته، وكان البدوى غالباً ما يقوم بحياكته بنفسه.
ويرتدى البدوى "المَلِف" ويتكون من قطعتين من الصوف المطرز يدويا بخيوط بارزة و بمهارة عالية وهو عبارة عن "سدرية" ترتدى فوق الثوب وهى صدرية بلا أكمام و بلا أزرار، وسروال واسع يرتدى تحت الثوب وتختلف ألوان الملف فمنه الملف الأسود أو الأصفر وحديثا انتشرت بعض الألوان الأخرى، وقد يضم الملف قطعة إضافية تسمى "زبون" وهى أيضا مصنوعة من الصوف ومطرزة وتشبه السدرية، لكن بها أكمام خاصة بفصل الشتاء ويتراوح سعره بين ألفين و6 آلاف جنيه.
وكان البدوى فى مطروح قديما، يرتدى على رأسه طاقية منسوجة من الصوف، واستبدلت الآن بالطواقى المصنوعة من القطن، وهى خاصة بكبار السن فى الغالب، أو يرتدى "الشنه" وهى طاقية من الصوف لكنها حمراء اللون، ويقال إنها مقتبسة من الطربوش التركى إبان الخلافة العثمانية، لكنه أصغر قليلا من الطربوش وليس به أشرطة، وهى مستوردة ويتم شراؤها من العامرية بمحافظة الإسكندرية أو من دولة ليبيا، ومتوسط سعرها 250 جنيها، وهناك من يرتدى "صماده" وهى غترة الرأس أو الشماخ.
ويرتدى فوق الزى الكامل قطعة تلف الجسم بطريقة معينة، تسمى "الجرد" وهى عبارة عن قطعة كبيرة من القماش مصنوعة من الصوف بيضاء اللون، ولا يوجد تقدير لثمنه، حيث تتوارثه الأسر حاليا، لأنه لا يباع فى المحلات ويصنع يدويا، وهو نوعان "الجرد الرقيق" وهو جرد خفيف صيفى و"الجرد الجريدى" وهو جرد ثقيل شتوى ويرتدى الجرد بطريقة معينة، حيث يتم عقد عقدة فى آخره ثم يلف الجرد على الكتف الأيسر ثم يلفه مرة أخرى من تحت إبطه الأيمن ويطلق على طريقة ارتداء الجرد مصطلح "تشميل" ويتمسك الكثير من شيوخ مطروح بارتداء الجرد، خاصة فى المناسبات الرسمية والاجتماعية.
النائب سليمان العميرى يحرص على ارتداء الذى البدوى
أحد عمد قبائل مطروح يرتدى الجرد البدوى
العمدة منعم إسرافيل يرتدى الزى البدوى الكامل
أهل الصعيد
السيدات جنوب مصر
زى صعيدى
شباب
افتخار بالزى فى الجلسات الرسمية
أهل حلايب وشلاتين
ابناء قبائل البحر الأحمر بشلاتين
أحد أهالى حلايب وشلاتين
الثوب المطرز
الثوب السيناوى
العقال السيناوى
بدو سيناء