كشفت دراسة جديدة، أجريت فى جامعة (نورثمبريا) فى بريطانيا، أن التلوث المرتبط بالمعادن بدأ فى منطقة البلقان قبل أكثر من 500 عام من ظهوره فى أوروبا الغربية، واستمر طوال العصور المظلمة وفترة القرون الوسطى، وهذا يعنى أن المنطقة لعبت دورا أكبر بكثير فى استغلال المعادن بخلاف ما كان معتقدا فى السابق.
وتوفر الدراسة منظورا جديدا لكل من توقيت ونشاط التعدين وتقنية استخلاص المعادن من الخامات قبل التسخين أو العمل مع المعادن لإعطائها الشكل المطلوب فى البلقان، والتغيير الاقتصادى المصاحب الذى جلبه نشاط التعدين إلى المنطقة، مثل بداية العصر المعدنى.
وتم خلال الدراسة فحص عينات تم أخذها من مستنقع "كرافينى بوتوك"، الذى يقع على حدود صربيا الجبل الأسود من قبل باحثين من قسم الجغرافيا والعلوم البيئية فى جامعة (نورثامبريا)، إلى جانب زملاء من جامعة (مونبيلييه) والأكاديمية الرومانية، ووجدوا أول دليل واضح على تلوث المعادن الناشئة عن الرصاص فى المنطقة التى يعود تاريخها إلى نحو 3600 عام قبل الميلاد.
وفى السابق تم العثور على أقدم تلوث بيئى أوروبى يرجع إلى نحو 3 آلاف قبل الميلاد فى جنوب إسبانيا، لكن البيانات الجديدة المتوصل إليها تبين أن تلوث المعادن كان واضحا فى هذه المنطقة من شرق أوروبا قبل أكثر من 500 عام.
وتعد هذه الأدلة أقدم وثائق موثقة فى السجلات البيئية الأوروبية، وتشير إلى التلوث البيئى من علم المعادن فى وقت كان فيه البريطانيون لا يزالون فى العصر الحجرى، ما يؤكد أن منطقة البلقان لم تكن فقط مسقط رأس علم المعادن فى أوروبا، لكن أيضا مصدرا للتلوث المعدنى.
وأشارت الدراسة إلى أنه علاوة على ذلك انخفضت مستويات التلوث بالرصاص فى أوروبا الغربية بشكل كبير بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية، وهى ميزة لم يلحظها هذا السجل فى البلقان، مما يشير إلى أن المنطقة الغنية بالمعادن يجب اعتبارها لاعبا رئيسيا فى تلوث المعادن البيئية خلال العصور الوسطى أكثر مما كان معتقدا فى السابق.
ويشير هذا التناقض بين أوروبا الشرقية والغربية إلى أنه فى حين كانت أوروبا الغربية فى العصور المظلمة، كان هناك تطور اقتصادى كبير فى منطقة البلقان مع مستويات عالية من التلوث البيئى للمعادن طوال فترة القرون الوسطى، مما يؤكد على مدى حجم صناعة تشغيل المعادن فى البلقان خلال هذه الحقبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة